ما هو ثنائي أكسيد الكربون؟ وكيف يسبب الاحتباس الحراري؟
من الناحية الكيميائية، ثنائي أكسيد الكربون بسيط جدًا، إنه ذرة كربون متصلة بذرتي اكسجين فقط. تكوّن هذه الذرات بتجمعها معًا غازًا عديم اللون ليشكل جزءًا صغيرًا من الغلاف الجوي للأرض، بقرابة 0.04%.
هذا الغاز مهم للحياة على الأرض لأن النباتات تستخدمه مع ضوء الشمس لتوليد الطاقة من خلال عملية التركيب الضوئي. لكنه أيضًا السبب الرئيسي في تسخين المناخ، وهو تغير طويل الأمد في درجات الحرارة يهدد الأنظمة البيئية المتوازنة بدقة، التي يعتمد عليها البشر.
إذًا كيف يمكن لشيء مهم جدًا للحياة أن يكون مؤذيًا أيضًا؟
اليك ما تجب معرفته:
لماذا يتسبب ثنائي أكسيد الكربون بالاحتباس الحراري؟
وفقًا لناسا: «تُسخن الشمس الأرض، وإن قرابة 71% من الطاقة الشمسية المنبعثة نحو الأرض تُمتص من قبل الغلاف الجوي والسطح، و29% تُعكس خارجًا إلى الفضاء».
قال Scott Denning، أستاذ في علوم الغلاف الجوي من جامعة ولاية كولورادو Colorado State University: «إن الطاقة القادمة من الشمس وحدها غير كافية لإبقاء الأرض دافئة، لذلك نحتاج الغلاف الجوي للأرض، الذي يكون بمثابة غطاء يحتفظ ببعض الحرارة».
مضيفًا: «هذا ‘الغلاف’ مكون من عدّة غازات لقبت بغازات الدفيئة لأنها تحبس الحرارة، بما يشبه عمل ألواح البيوت البلاستيكية الحابسة لحرارة الشمس».
قال Denning: «تأثير الدفيئة عملية طبيعية، ومن حسن حظنا أننا نمتلك الهواء، فبدونه ستبدو الأرض كرة بيضاء متجمدة وغير صالحة للسكن تتجول في الفضاء. ومع ذلك، فإن هذه العملية الطبيعية بدأت بالتغير بسبب حرق البشر للوقود الأحفوري».
هل ثنائي أكسيد الكربون هو غاز دفيئة؟
يتكون الغلاف الجوي للأرض من 78% نيتروجين و21% أكسجين و1% فقط ‘غازات أُخرى’، وغازات الدفيئة هي من ضمن هذه ‘الأُخرى’.
ثنائي أكسيد الكربون هو غاز دفيئة، وواحد من الغازات الأربعة الرئيسية. فيما يتعلق بانبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة، هذه قائمة بكميتها وفقًا لوكالة حماية البيئة:
- ثنائي أكسيد الكربون 79%
- الميثان (الغاز الطبيعي) 11%
- أكسيد النتروز 7%
- غازات مفلورة 3%
- ماذا يقصد ب CO2؟
غالبًا ما ترى ثنائي أكسيد الكربون يكتب بصيغته الجزيئية الكيميائية باسم CO2. وهذا ببساطة يعني أنه جزيء مكون من ذرة كربون وذرتي أكسجين. في النصوص الكيميائية يكتب بهذه الطريقة: CO2 حيث يشير رقم اثنين المنخفض لوجود ذرتي أكسجين.
كيف يعمل ثنائي أكسيد الكربون كغاز دفيئة؟
يعد غاز CO2 رائعًا في احتباس الحرارة جزيئيًا لكونه جزيء أكبر من النتروجين الموجود بنسبة (78%) والأكسجين الموجود بنسبة (21%) اللّذَين يكونان معظم الغلاف الجوي للأرض. كلا الغازين (الأكسجين والنتروجين) مكون من ذرتين مرتبطتين وليس ثلاث ذرات، ذرتي أكسجين أو ذرتي نتروجين.
ويعني هذا الشكل الفراغي أنها تتفاعل فقط مع الطول الموجي القريب للضوء. يبين التعقيد الهندسي الفراغي الأكبر لجزيئات CO2 أن بمقدوره امتصاص مجال أوسع من الموجات الضوئية من ضمنها الأشعة تحت الحمراء التي تحمل الحرارة.
لذلك كلما كانت جزيئات CO2 أكثر في الغلاف الجوي، كلما كان بالإمكان احتجاز حرارة أكثر.
إنه توازن دقيق، قليل من CO2 سيجعل حرارة الأرض غير ملائمة للحياة، ومع الكثير منه ستبدأ الحرارة بالارتفاع.
لاحظ أن CO2 هو غاز الدفيئة الأكثر مناقشةً، فعلى الرغم من أن قوته أقل من بعض الغازات مثل الميثان (الغاز الطبيعي) إلا أنه يبقى في الغلاف الجوي لمئات أو حتى آلاف السنين.
من أين يأتي ثنائي أكسيد الكربون؟
ثنائي أكسيد الكربون هو ما يطلقه البشر والحيوانات بالزفير بعد استنشاق الأكسجين، لكن ذلك يُوازَن بالنباتات التي نأكلها، لذلك لا يؤثر الحيوانات والبشر على توازن CO2 في الغلاف الجوي. إنها دورة مكررة، حيث أن البشر والحيوانات الأخرى يطلقون بزفيرهم غاز CO2 نفسه الذي استنشقته النباتات التي تناولوها، لذلك فهذا لا يساهم في الاحتباس الحراري.
يأتي غاز CO2 الموجود في الغلاف الجوي من مصدرين رئيسيين، طبيعي ومن النشاطات البشرية. CO2 من المصدر الطبيعي يأتي من الغازات المنطلقة من المحيط، والنباتات المتحللة، واحتراق الغابات والبراكين.
بدأ البشر بتغيير توازن غازات الدفيئة في الغلاف الجوي قرابة العام 1750. وذلك عندما بدأت الثورة الصناعية في انجلترا، وبدأت المصانع بحرق الفحم لتشغيل الآلات. وأضاف هذا ثنائي أكسيد الكربون مجددًا إلى الغلاف الجوي من الوقود الأحفوري المدفون في أعماق الأرض لملايين السنين.
إليك كيف تغير هذا التوازن، وفقًا لناسا: تراوحت كمية ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال 400 ألف سنة مضت بين 200 إلى 280 جزء من المليون.
قُدرت كمية CO2 في الغلاف الجوي في العام 1750 بنحو 280 جزء من مليون. وترتفع اليوم لتصبح 418 جزء من مليون، أعلى مستوى ل CO2 منذ 3.6 مليون سنة.
بمجرد بدء البشر بحرق المزيد من الوقود الأحفوري فإن الكمية ازدادت. وفقًا لناسا، نصف الزيادة في تركيز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في السنوات ال300 السابقة حصلت منذ العام 1980، وربعها منذ العام 2000.
كيف يمكن لكمية قليلة من CO2 أن تسبب الكثير من المشاكل؟
ربما يبدو أن الفرق بين 280 و418 جزء من مليون ضئيلًا، لكن ذلك يعني أن البشر ولّدوا ما يقدر بنحو 1.5 تريليون طن من ملوثات ثنائي أكسيد الكربون في ال150 سنة الماضية.
هذا يعني أن الغلاف الجوي حول الأرض أصبح سميكًا ولديه تأثير أكثر. منذ العام 1880، ازدادت درجات الحرارة السنوية العالميّة 1.9 درجات، مع تضخم الاحترار منذ العام 1975.
زيادة 1.9 درجات ليست كبيرة بهذا القدر، أليس كذلك؟
لتسخين المحيط بأكمله، والغلاف الجوي واليابسة بمقدار درجتين فإنك تحتاج لطاقة كبيرة.
تتسبب الحرارة الإضافية في جعل أنماط الطقس أكثر كثافة، وأقل تنظيمًا. وهي تجعل الأشياء أكثر حرارة أيضًا. وفقًا لبحث جديد أُصدِرَ من قبل خدمة كوبرنيكوس لتغيّر المناخ، وهي مجموعة تابعة للاتحاد الأوربي، فإن الأرض كانت أكثر سخونة -بفارق واضح- خلال السنوات السبع الماضية.
ولأن CO2 يبقى في أي مكان في الغلاف الجوي ما بين 300 إلى 1000 سنة، فلن تنخفض المستويات بسرعة مهما حاول البشر تقليل إنتاجه. لكن إن لم يتم إيقاف إنتاجه ستزداد الحرارة بسرعة أكبر.
ويعني هذا أن سنة 2022 من المرجح أن تكون ألطف سنة يمكن للأطفال الأحياء اليوم أن يتذكروها.
هل يعتبر الكربون وثنائي أكسيد الكربون الشيء نفسه؟
إنهما ليسا كذلك. الكربون عنصر صلب أسود اللون بينما ثنائي أكسيد الكربون هو غاز عديم اللون.
لكن عندما يتحدث الناس عن تغير المناخ يستخدمون كلمة كربون كاختصار لثنائي أكسيد الكربون.
وعندما يستخدم أحدهم تعبير “محايدة الكربون” أو “خال من الكربون” فهو في الحقيقة يتحدث عن تخفيض كمية ثنائي أكسيد الكربون المنبعثة.
- ترجمة: علا عسكر
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1