لكي تكون مديرًا ناجحًا، عليك أن تكون معلمًا ناجحًا.
لكي تكون مديرًا ناجحًا، عليك أن تكون معلمًا ناجحًا.
كقائدٍ في بداية مسيرتك المهنية، أحد التحديات التي ستواجهها حتمًا هي اللحظة التي تدرك فيها أن أحد أعضاء فريقك يكافح للقيام بشيء طلبته. قد يكون البعض منهم مستعدين أن يعترفوا بحاجتهم إلى المساعدة ويطلبوها على الفور، بينما لا يعترف آخرون بحاجتهم، وبدلاً من ذلك يبحثون بلهفة على الإنترنت عن مقالات أو أشرطة فيديو لإرشادهم إلى كيفية التعامل مع المهمة.
ومن الشائع أن يقوم القادة الجدد بإفتراضات حول ما يمكن لفرقهم القيام به، وتوزيع المهام دون التدقيق الكامل في ما إذا كان شخص ما يمتلك المهارة أو المعرفة أو الخبرة اللازمة للنجاح. فبدلاً من ترك الأمور للصدفة، يتعلم القادة المؤثرون كيف يتصرفون كمعلمين بارعين في اللحظات التي يتحلى فيها أعضاء الفريق بالثقة والتواضع فيسألون: “هل يمكنك أن تريني كيف؟”. إذا كنت تريد أن تكون معلمًا ملهمًا للمحترفين الصاعدين فأنت مكلف بالقيادة، إليك ما يمكنك القيام به:
تعلم كيف يتعلم الآخرون:
لا يتعلم الجميع بنفس الطريقة، يحتاج بعض الناس إلى معرفة واسعة والاستعداد; لبناء ثقتهم قبل القيام بمهمة جديدة، في حين يفضل آخرون الغوص فورًا والتعلم من خلال التجربة والخطأ. بعض الناس يتعلمون جيدًا في مجموعات، في حين أن آخرين يفضلون الخصوصية للتعلم من تلقاء أنفسهم. ما من طريقة واحدة صحيحة للتعلم، ولكن إذا كنت تعرف ما يفضله أعضاء فريقك، فيمكنك تكييف نهجك مع كل فرد عندما يحين الوقت لتقديم الإرشاد.
لكن كيف ستكتشف هذا؟ فقط اسأل. ففي لقاءاتك الفردية في تقاريرك المباشرة على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “في الماضي، عندما تعلمتَ شيئًا جديدًا، ما هو النهج الأفضل بالنسبة لك؟ هل تفضل الخبرة العملية، أم تفضل أن تحظى ببعض الوقت للتفكير بمفردك قبل المحاولة؟” أو إذا لاحظت شخصاً يكافح في هذه اللحظة، فبوسعك ببساطة أن تقترب منه وتسأله: “ماذا يمكنني أن أفعل لكي يفيدك أكثر من أي شيء الآن؟”.
_اطرح أسئلة لمعرفة الاحتياجات والتحفظات التعليمية:
يعرف المعلمون العظماء أن التعلم ليس نتيجة للتعليم، إنما هو نتيجة التفكير. عندما تدخل دور التعليم الفعال، ابدأ بطرح أسئلة مفتوحة لمعرفة ما يكافح الشخص لأجله بالتحديد. هل هناك جوانب من المهمة التي لديهم خبرة ذات صلة بها؟ فما هي المهارات التي سبق أن طوَّروها والتي يمكنهم استخدامها الآن؟
ساعدوهم على إقامة تلك الصلات لبناء ثقتهم. على سبيل المثال، لنفترض أنك تعمل مع شخص يكافح لتعلم كيفية كتابة محتوى تقني لجمهور غير تقني، لكنه كتب فقط للقراء التقنيين من قبل. يمكنك أن تسأله: « أخبرني عن الوقت الذي كان عليك فيه أن تشرح عملك لصديق أو فرد من العائلة لم يفهمه. كيف فعلتها؟ هل وضعت نفسك في مكانهم من أجل التعاطف معهم؟ فَهَلْ استخدمت مجازَاتٍ لِتُوضِحَ أفكارك؟».
وبدعوة الناس إلى العودة إلى تجارب مماثلة، فإنك تساعدهم على إقامة الروابط وتطبيق الأساليب التي يفهمونها بالفعل على التحدي الحالي الذي يواجههم، وسيصبحون متعلمين أكثر ثقة ويكتسبون المهارة أو المعرفة التي في متناولهم من خلال تفكيرهم الخاص لا من خلال إرشادكم فقط. قد يتردد بعض الناس في التعامل مع المهمة بسبب الخوف من الفشل. إذا شعرتم أن الأمر كذلك، فاطرحوا أسئلة تبرز مخاوفهم بشكلٍ أعمق عوضًا عن منحهم الطمأنينة. ساعدهم على اكتشاف أن سيناريو الكابوس الذي يدور في أذهانهم مستبعد للغاية. استخدام أسئلة التحقيق لمساعدتهم على التفكير بطريقتهم الخاصة خلال تحدي التعلم، مثل.
“ما هو أسوأ سيناريو؟ ما هو السيناريو الأفضل؟”.
كن حكيمًا عند مقارنة رحلتك التعليمية:
من المريح في بعض الأحيان أن تجعل شخص ما يعرف أنك كافحت لتعلم المهارة التي تعلمه إياها الآن. فهو يخفف الضغط الذي قد يشعر به الناس لكي « يظهروا بمظهر جيد » أمام المدير. ابقوا متعاطفين أثناء المقارنة وتذكروا أن نضالكم في الماضي بينما نضالهم في الحاضر، تأكدوا ألا تغفلوا سهوًا عن القلق الحقيقي الذي يشعر به شخص ما. على سبيل المثال، قول شيء مثل، “أوه، لقد تخبطت في عملية تسويق الأفكار هذه أيضًا، لكنني تخطيتها وكذلك أنت” قد يرسل رسالة غير مفيدة، “فقط كن مثلي وسوف تكون على ما يرام.” بدلًا من ذلك، يمكنك التعامل مع الوضع بطريقة أكثر تعاطفًا بقولك: “أنا أعلم أن هذا صعب، وحقيقة أنني هنا ربما تزيد من صعوبة الأمر. فهل ترغب أن تسمع تجربة عانيت فيها لأتعلم شيئًا مماثلًا، وكيف تخطيته؟».
فعندما تطلب إذنًا بمشاركة قصتك، فإنك تبدي اهتمامًا وتجعلهم يسمعونك بطريقة تناسب حالتهم. ويمكنك أن تختم بقول شيء مثل: “إن قصدي لا يتمثل في إجراء مقارنة خاطئة بين تجربتي وخبرتكم، أو الإيماء إلى أن مثالي يستحق الاقتداء به. عليكم أن تستنتجوا من هذا طريقة تناسبكم، أردتكم فقط أن تعلموا أنكم لستم وحدكم في التحدي، وبعد أن عانيت من هذا بنفسي، أنا متعاطف بشكلٍ خاصٍ مع ما تمرون به. أود أن أدعمكم بطريقة تجدونها مفيدة ”.
قدّم البراهين في سبيل المساعدة:
من المفيد أحيانًا أن نبرهن للمتعلمين كيف يتم شيء ما. فاسأل دائمًا تلميذك أولًا: « هل سيكون مفيدًا أن أبرهن لك ذلك؟ ». تأكدوا أنكم لا تقولون: « ينبغي أن تفعلوا ذلك بالطريقة التي أفعلها أنا». إن إظهار مهارة جديدة تمكن المتعلم من تعزيز نهجه الخاص، وليس مجرد تقليد المعلم.
وبعد أن تقدِّم برهانًا، اسأل تلميذك: « ما الذي رأيته مفيدًا؟ ». وهذا يمنحهم الفرصة للتركيز على أمور محددة يمكنهم إدماجها في نهجهم.
عزز التعلم من خلال الملاحظة والتأمل والتدريب:
وعندما تعطي شخصًا ما درسًا، قد يكون أكثر حساسية لمراقبتك بينما يتمرن على إتقان مهارته أو مهمته الجديدة. فبدلاً من السماح لهم بفرط يقظتهم على نحو كبير، حدد التوقعات حول الكيفية التي قد تحدث بها ومتى قد تحدث ملاحظتك التالية لأدائهم. على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يعمل على مهارات التقديم، فأنت لا تريده أن يظن أنه في كل مرة يقدم فيها، سيتم تقييمه. اسأل المتعلم: « لمَ لا تعلِّمني عندما تكون مستعداً لتقييم تقدُّمك » لكي يشعر أنه أكثر قدرة على التحكم في تعلُّمه المستمر. وبعد أن تراقبهم، ابدأوا حديثكم بانعكاسهم. اسألوا: « كيف شعرت حيال ذلك؟ ما الذي أحسست به؟ ما الذي ستفعله بشكل مختلف؟ “.
تمنحك هذه الاسئلة رؤية ثاقبة عن مدى إدراكهم لذاتهم كمتعلمين، وعما إذا كانوا قاسيين أكثر من اللازم أو متساهلين أكثر من اللازم مع أنفسهم. وأخيرًا، لاحظوا أمرًا أو أمرين شعرتم بأنهما فعَّالان جدًا، ومجالًا تملكون فيه أفكارًا محددة حول كيفية تحسينها. واقتربوا دائمًا بالتأكيد على التزامهم وتقدمهم كمتعلمين، مع ملاحظة أدلة واضحة على التقدم.
تحكّم في توقعاتك:
إذا كانت المهمة التي تطلب من شخص ما القيام بها تبدي شعورًا معينًا بالإلحاح، سوف تشعر بشكل مفهوم بفقدان الصبر وحتى الإحباط، حيث أن المتعلم يعمل على التعلم وتطبيق مهارات جديدة في الوقت الحقيقي. ومن الضروري أن تكون لديك توقعات واقعية وأن لا تشير إلى خيبة الأمل أو الإحباط، لأن ذلك يهدد بإيقاف تقدم المتعلم وثقته، فتوقعاتك غير الواقعية قد تزيد من ثقتهم بأنفسهم. اعملوا على الحفاظ على موقف الرأفة والسماح فيما يواجه المتعلم تحديات بناء مهارة جديدة، فهذا سيساعدهم على إبقائهم على المسار الصحيح ويعمق علاقتكم على المدى الطويل.
تحقق من التقدم بشكل دوري:
اكتساب أي مهارة جديدة هو عملية من “ثلاث خطوات إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء”، وخاصة في الأسابيع والأشهر الأولى من التعلم. وبالاعتماد على تعقيد المهارة، فإن الإتقان أحياناً يمكن أن يأتي بسرعة. ولكن بالنسبة للعديد من المهارات الجديدة، حتى المستويات الأساسية للكفاءة قد تستغرق شهورًا للوصول إليها. اتفق مع المتعلم على فترات منتظمة للتحقق من التقدم. بالنسبة للبعض، قد يكون ذلك كل أسبوع أو أسبوعين، بينما بالنسبة للآخرين، قد يكون من الأنسب التحقق كل شهر أو شهرين. القيام بانتظام بإعلام المتعلم بأنك تهتم بتقدمه، والبقاء متاحًا لدعمه وتأييده وتدريبه حسب الحاجة. الفرصة لقيادة المحترفين الشباب هي ميزة فريدة من نوعها، أنت تؤثر على إدراكهم لذاتهم وستكون رغبتهم في التقدم كبيرة. فإذا تعلَّمت أن تكون معلِّمًا ملهمًا، فقد تضع شخصًا ما في مسلك لاكتشاف إمكانيات كانت لتظل لولا ذلك مخفية.
- ترجمة: حنان الميهوب
- تدقيق علمي ولغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1