ربما وجد العلماء الحلقة المفقودة بين أمراض القلب ومشاكل النوم
تُشير دراسة جديدة إلى أن مشاكل النوم التي غالبًا ما يعاني منها الأشخاص المصابون بأمراضِ القلب، قد تكون ناجمة عن تلف مجموعة الأعصاب التي تنظم كلّا من القلب والدماغ.
يعاني الأشخاص المصابون بأمراض القلب في كثير من الأحيان من مشاكل رهيبة في النوم، والآن حدد العلماء وجود صلة مباشرة بين هذه الحالات لأول مرة في دراسة جديدة أجريت على الفئران والأنسجة البشرية.
يُظهر البحث الذي نُشر يوم الخميس (20 يوليو) في مجلة العلوم “Science” أن أمراض القلب قد تعرقل إنتاج هرمون النوم الميلاتونين في الدماغ؛ بسبب تلف مجموعة من الأعصاب التي تعصب أو تتصل بكلا العضوين، في العقدة العنقية العلوية. (اس سي جي).
توجد هذه الأعصاب في الرقبة، وهي جزء من الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي ينظم العمليات اللاإرادية في الجسم، مثل التنفس ومعدل ضربات القلب. نظرًا لأن الأعصاب التي تنشأ من SCG تتصل بكلّ من القلب والغدة الصنوبرية، فإن بنية الدماغ الصغيرة المسؤولة عن مشكلات إنتاج الميلاتونين في القلب يمكن أن تفسر سبب خروج صانع الميلاتونين في الجسم عن المسار الصحيح.
وقال كبير الباحثين ستيفان إنجلهارت StefanEngelhardt، أستاذ علم الصيدلة وعلم السموم في جامعة ميونيخ التقنية، في بيان له: “تخيل العقدة كصندوق مفاتيح كهربائي”.
“في حالة المريض الذي يعاني من اضطرابات النوم إثر إصابته بمرض في القلب، يمكنك التفكير في مشكلة في أحد الأسلاك مما يتسبب في اندلاع حريق في صندوق المفاتيح ثم انتشاره إلى سلك آخر”.
قالت بروك أجروال، الأستاذة المساعدة في العلوم الطبية بجامعة كولومبيا والتي لم تشارك في الدراسة، لموقع Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني: “إن البحث مهم وجاء في الوقت المناسب”، مشيرة إلى أنها تقترح آلية جديدة قد تساعد في تفسير السبب، أولئك الذين يعانون من أمراض القلب هم أكثر عرضة لاضطرابات النوم.
ومع ذلك، فقد حذرت من “ضرورة إجراء دراسات مستقبلية، بالإضافة إلى تجارب سريرية لأي علاجات محتملة تنبع من هذه الآلية”.
تعتبر الصعوبة في النوم أحد الآثار الجانبية الشائعة لأمراض القلب. على سبيل المثال، يعاني ما يصل إلى 73% من الأشخاص المصابين بقصور القلب من أعراض الأرق. وقد أظهرت الدراسات السابقة أن مستويات الميلاتونين تنخفض لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب، لكن العلماء لم يعرفوا السبب.
وفي الدراسة الجديدة، حلّل الباحثون عينات من أنسجة المخ البشرية من مرضى القلب المتوفين ومن أشخاص لا يعانون من أمراض القلب. وكشف تحليل ما بعد الوفاة عن انخفاض عدد الألياف العصبية، أو المحاور في مجموعة SCG للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب مقارنة بالمجموعة ذات “القلب السليم”.
كما أصيبت SCG لدى الأفراد المصابين بأمراض القلب بندبات وتضخم بشكل ملحوظ.
وفي دعم تجارب الفئران، وجد الفريق أن الخلايا المناعية التي تسمى الخلايا البلعمية، والتي تلتهم الخلايا المريضة والمتضررة، كانت موجودة في العقد العنقية لدى الفئران المصابة بأمراض القلب، وأظهرت أعصاب القوارض علامات الالتهاب والتندب.
كما كان لدى الفئران عدد أقل من المحاور العصبية في الغدد الصنوبرية وكمية أقل من الميلاتونين في دمها مقارنة بالفئران السليمة. وتعطلت أيضًا إيقاعات الساعة البيولوجية للقوارض، وهي العمليات الداخلية التي تنظم كيفية استجابة الجسم ليلًا ونهارًا، كما يتضح من التغيرات في معدلات الأيض ومستويات النشاط، على سبيل المثال.
ووجد الفريق أن إعطاء الميلاتونين للفئران أدى إلى عكس هذا الخلل تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، عندما استخدمت الأدوية لتدمير البلاعم في الخلايا الجذعية السرطانية الخاصة بالقوارض، تم استعادة مستويات الميلاتونين الخاصة بها.
ولأن هذه التحليلات أجريت على الفئران و16 إنسانًا فقط، فإن النتائج “تدعو لمزيد من الدراسات” للكشف عن الآليات التي تدفع الخلايا المناعية إلى SCG، كما أشار الباحثون في ورقتهم البحثية. وقد يتضمن ذلك دراسة الخلايا العصبية التي تربط بين القلب والحبل الشوكي، بالإضافة إلى بروتينات مرسال تسمى السيتوكينات التي تستدعي الخلايا البلعمية.
وفي اعتقادي أن الفريق يعتقد أن الدراسة قد تمهد الطريق لتطوير أدوية جديدة لعلاج اضطرابات النوم الناجمة عن أمراض القلب.
قال إنجلهارت ل Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني:
“سيكون من المهم الآن الحصول على أدلة في تجربة سريرية عشوائية لتحديد ما إذا كان الميلاتونين العلاجي فعال بالفعل في علاج اضطرابات النوم لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب المزمنة”، وإذا ثبتت فعاليته، “فإن هذا قد يجنب العديد من المرضى الآثار الجانبية غير الضرورية التي تأتي مع الحبوب المنومة المعتادة”.
- ترجمة: روسيل حدو
- تدقيق لغوي: غفران التميمي
- المصادر: 1