3 طرق للتغلب على متلازمة الإبنة الكبرى

يشكّل التوقع للقيام بدور الإبنة الكبرى عبئًا هائلًا.

إن متلازمة الإبنة الكبرى ليست تشخيصًا طبيًا، بل هي مصطلح عام يشير إلى مجموعة التحديات والتوقعات الفريدة الموضوعة على عاتق الإبنة الكبرى، إذ تدمج بين الواجبات الأسرية والمعايير المجتمعية. فهي كقائدة ونموذج يُحتذى به، لا تتحمل فقط عبء الأعمال المنزلية، بل تتولى أيضًا دورًا أبويًا بديلًا، وتعتني بأشقائها وتساعد في مهام الرعاية منذ سن مبكرة.

وتضع هذه المسؤولية المتعددة الجوانب، التي تشمل كل شيء من الأعمال المنزلية العادية إلى مهام الرعاية المعقدة، ضغطًا هائلًا على الإبنة الكبرى، وغالبًا ما تطغى على نموها الشخصي وطموحاتها. وبالرغم من مساهماتها الكبيرة، يمكن أن يظل عبء كونها الإبنة الكبرى غير ملاحظ، مما يؤدي إلى ضغوط عاطفية وفرص محدودة لاكتشاف الذات وعلاقات متوترة.

يعد من الضروري الاعتراف بتحديات كونك الإبنة الكبرى حتى يتمكن الأفراد المتأثّرون من اتخاذ خطوات استباقية لتحقيق توازن صحي بين الواجبات الأسرية والإشباع الشخصي.

فيما يلي ثلاثة عوامل تعزّز ديناميكيات الإبنة الكبرى داخل الديناميكيات الأسرية.

1. توقعات الوالدين

يمكن أن تثقل توقعات الوالدين كاهل الإبنة الكبرى بشكل أكبر، إذ غالبًا ما يضعون أحلامًا طموحة لمستقبلها الناجح. ويمكن أن تتحول هذه الطموحات، رغم أنها حسنة النية، إلى أعباء هائلة، ملقيةً عليها مسؤولية تحقيق أحلامهم أو توقعاتهم غير المحقّقة. على سبيل المثال، قد يتصوّر الوالدين أنها ستتفوق أكاديميًا، وتسعى وراء مهنة مرموقة، وتدير بشكل سلس مسؤوليات منزلية كبيرة، كل ذلك مع الحفاظ على صورة مثالية. هذه التوقعات العالية تخلق ضغطًا هائلًا وتؤدي إلى شعور بعدم الكفاءة لدى الإبنة الكبرى وهي تتصارع مع المهمة المرهقة لتحقيق معايير والديها.

يوضح المقال دور التنشئة الاجتماعية المبكرة والعوامل السياقية في فهم التقسيم الجندري للأعمال المنزلية بين الأبناء البالغين. إذ تشير النتائج إلى أن تقسيم العمل بين الوالدين في مرحلة الطفولة يؤثّر على المشاركة اللاحقة في الأعمال المنزلية الروتينية. كما تسلّط الضوء على تأثير نموذج الأم على مواقف وسلوكيات البنات تجاه الأعمال المنزلية، مما يشير إلى أن المثال الذي تضعه الأمهات في تحقيق التوازن بين العمل والمسؤوليات المنزلية يترك انطباعًا دائمًا على نهج بناتهن تجاه المهام المنزلية.

2. علاقات الإخوة

وفقًا لنظرية القدوة، يؤثر تقسيم العمل المنزلي ووضع الوالدين المهني بشكل مباشر على المهام التي يتولاها الأطفال وكيفية إدراكهم لمسؤولياتهم. على سبيل المثال، إذا كان الوالدان يتشاركان في الأعمال المنزلية بالتساوي، فمن المرجح أن يرى الأطفال الأعمال المنزلية كواجب مشترك ويتشاركون فيها بالتساوي. وعلى العكس من ذلك، في الأسر التي تتّبع الأدوار الجندرية التقليدية، حيث يركّز أحد الوالدين على العمل الخارجي بينما يتولى الآخر الأعمال المنزلية، فقد يتبنى الأطفال أدوارًا مشابهة.

في العديد من الأسر، غالبًا ما يُتوقّع من الإبنة الكبرى أن تتولى دور الرعاية، بما في ذلك رعاية الأطفال وتقديم الدعم العاطفي للأشقاء. ورغم أن هذا الدور ينطلق في البداية من الشعور بالواجب أو العاطفة، إلا أن هذه المسؤولية يمكن أن تصبح ساحقة بسرعة، مما يؤدي إلى الشعور بالاستياء والإحباط. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي ديناميكيات الأشقاء، التي تتأثر بترتيب الولادة والأدوار الجندرية والشخصيات الفردية، إلى تعقيد الأمور أكثر. إذ قد تشعر البنات الأكبر سنًا بأنهن طغى عليهن الأشقاء الأصغر سنًا أو يتلقين معاملة غير متساوية من الوالدين، مما يعزّز مشاعر الإهمال أو النقص ويؤدي إلى توتر في علاقات الأشقاء.

3. الضغوط المجتمعية

غالبًا ما تعزّز الأعراف المجتمعية والتقاليد الثقافية الأدوار الجندرية والتوقعات، مما يكرّس الفكرة القائلة بأن النساء يجب أن يضعن الالتزامات الأسرية فوق طموحاتهن الشخصية. هذا الضغط المجتمعي يثقل كاهل الإبنة الكبرى بشكل كبير، إذ قد تشعر بأنها مضطرة للالتزام بالأدوار الجندرية التقليدية والتخلي عن طموحاتها الخاصة من أجل عائلتها.

علاوةً على ذلك، تزيد التوقعات الثقافية المتعلقة بالتقوى والواجب البنوي من إحساس الإبنة الكبرى بالالتزام. وفقًا للأبحاث، تؤثر الطاعة البنوية الاستبدادية بشكل كبير على جوانب تطوّر المراهقين، بما في ذلك الرفاهية والتحفيز الأكاديمي والسلوك الأخلاقي. على سبيل المثال، قد تؤثر الطاعة البنوية الاستبدادية على الدافع الأكاديمي من خلال عوامل خارجية مثل الخوف من الانتقام أو الرغبة في التقدير الأبوي. بينما تحفّز في البداية النجاح الأكاديمي، فقد لا يكون هذا الدافع الخارجي مستدامًا ويمكن أن يؤدي إلى الإجهاد أو الاحتراق. وبالمثل، قد تشكّل الطاعة البنوية الاستبدادية السلوك الأخلاقي من خلال الخوف من العقاب أو الأعراف المجتمعية، مما يؤدي إلى انفصال أخلاقي أو تبرير السلوك غير الأخلاقي.

تقلّل هذه الضغوط المجتمعية من استقلالية الإبنة الكبرى وتعيق سعيها لتحقيق أهدافها الشخصية، مما يولّد بداخلها مشاعر الإحباط والاستياء.

في مثل هذه المواقف الضاغطة حيث يكون الابتعاد عن الأسرة غير عملي، يمكن أن يكون استخدام تقنية «التنحي» نهجًا واقعيًا لإدارة التوتر المرتبط بكونك الإبنة الكبرى. «التنحي» هي تقنية نفسية تتضمن التحوّل من وجهات النظر العاطفية الذاتية إلى فهم أكثر موضوعية للتجارب. إذ تسمح هذه التقنية للأفراد بالانفصال العاطفي عن المواقف الصعبة دون قطع العلاقات بالكامل. فمن خلال تبني منظور أوسع والنظر في العوامل التي تتجاوز المشاعر المباشرة، يساعد التنحي على التخفيف من الضيق النفسي والابتعاد عن الجوانب المزعجة للعلاقة مع الحفاظ على مستوى معين من الاتصال. يمكن أن يساعدك أحد الأحباء الموثوق بهم أو أخصائي الصحة النفسية في التنحي نفسيًا عن وضعك، مما يتيح لك رؤية أن الحب والاستغلال يمكن أن يتعايشا في بعض الأحيان دون أن تلاحظ.

  • ترجمة: ساهر الشعبان
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1