التكلفة الباهظة للرغبة في البقاء وحيدًا
فكر مرتين قبل استبعاد شخص يبحث عن العزلة.
النقاط الرئيسية
- يختلف الناس في مدى استمتاعهم بقضاء الوقت بمفردهم.
- أُجرِيَت سلسلة من الدراسات لكشف كيف يحكم الناس (ويتصرفون تجاه) أولئك الذين يستمتعون بالعزلة.
- من المرجح أن ينبذ الناس أولئك الذين يستمتعون بالعزلة، مما قد يؤثر سلبًا عليهم.
في عام 2014، وجدت ورقة علمية نشرت في مجلة Science أن العديد من الأشخاص يفضلون التعرض لصدمة كهربائية مؤلمة بدلًا من البقاء بمفردهم مع أفكارهم الخاصة (Wilson et al 2014)، لكن هذه النتيجة لا تنطبق على الجميع، إذ يختلف الناس في مدى تحمّلهم (وحتى مدى استمتاعهم) بقضاء الوقت بمفردهم.
في حين يعتبر بعض الناس أنّ العزلة مؤلمة ومملّة، هناك آخرون يجدون العزلة ممتعة ومثيرة للاهتمام، لكنّ أولئك الذين يستمتعون بالعزلة، أي أولئك الذين يفضلون أمسية هادئة في المنزل على قضاء ليلة في الخارج مع الأصدقاء في حانة صاخبة، غالبًا ما يُتعامل معهم على أنهم متطرّفون في الحياة الحديثة، وقد وجدنا في بحثنا أنه يمكن أن تترتب عواقب اجتماعية سلبية على الباحثين عن العزلة.
في بحث جديد، بقيادة Dongning Ren، أجرينا سلسلة من الدراسات للتحقيق في كيف يحكم الناس ويتصرفون تجاه أولئك الذين يستمتعون بالعزلة (Ren and Evans 2021). وقد وجدنا أن الناس أكثر ميلًا لنبذ الأفراد الذين يستمتعون بالعزلة. بمعنى آخر، من المرجح أن يُستبعَد الباحثون عن العزلة من المجموعات والفرق.
يحدث هذا لأن الناس يفترضون أنّ جميع المشاركين (سواء المستَبعِدين أو المستَبعَدين) سيكونون أفضل حالًا إذا تُرك الباحثون عن العزلة لأجهزتهم الخاصة. لكن هذا النبذ يمكن أن يشكل أمرًا خطيرًا، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يستمتعون بالبقاء بمفردهم. وهذا يعني أن الباحثين عن العزلة يواجهون تحدّيات إضافية في العمل والحياة.
أبقني خارج الأمر
عندما نلتقي بشخص ما للمرة الأولى، فإننا نكوّن انطباعًا عنه، ونستخدم هذا الانطباع للحكم على الأنشطة التي قد يستمتع بها وكيف يجب أن نتعامل معه على أساسه، وفي بحثنا، درسنا كيف يحكم الناس على (ويتعاملون مع) أولئك الذين يستمتعون بالعزلة.
إذا نُظر إلى شخص ما على أنه باحث عن العزلة (النوع الذي يستمتع بقضاء الوقت بمفرده)، فإنّ الناس يضعون الكثير من الافتراضات بناءً على تلك المعلومات، إذ يفترضون أن الباحثين عن العزلة لا يهتمون كثيرًا بالانتماء إلى مجموعات، وأنهم غير مقبولين ويصعب التعايش معهم، وأنهم، بصراحة، ليسوا مرنين في التعامل، والأهمّ من ذلك أن هذه الانطباعات السلبية لها عواقب، إذ من المرجح أن يستبعد الناس ويتجنبوا التفاعل مع الباحثين عن العزلة.
هذه الطريقة أسهل للجميع
لماذا يستبعد الناس الباحثين عن العزلة؟ لقد وجدنا معتقدَين ساعدا في تفسير النتائج:
أولًا- المصلحة الذاتية: إذ يعتقد الناس أنه سيكون من الصعب أو غير السار قضاء الوقت مع الباحثين عن العزلة، وعندما نستبعد الباحثين عن العزلة، فإننا نسهل الأمور على أنفسنا من خلال تجنّب المواقف الاجتماعية المحرجة.
ثانيًا- اهتمام الباحث عن العزلة: يعتقد الناس أنّ الباحثين عن العزلة لا يريدون في الواقع الاندماج في المجموعات، وأنهم لن يستمتعوا بالتفاعل مع الآخرين. وعندما نستبعد الباحثين عن العزلة، قد نعتقد إلى حد ما أننا نقدّم لهم معروفًا.
المشكلة هي أن هذه المعتقدات ربما تكون خاطئة، وخاصة فكرة أن الباحثين عن العزلة يريدون استبعادهم.
الجميع يتألّمون
يفترض الناس أن الباحثين عن العزلة لا يتأثّرون بألم الاستبعاد الاجتماعي، ونحن نفترض أنهم لا يريدون الانضمام إلى حفلاتنا أو العمل معنا في مشاريع جديدة.
لكنّ الجميع تقريبًا لا يحبون الاستبعاد، حتى أشكال الاستبعاد الخفيّة، مثل التعرّض للتجاهل من قبل شخص غريب مجهول في تجربة معملية، يمكن أن تثير استجابة عاطفية قوية (Wesselmann et al., 2012). على الرغم من أننا لم نختبر ذلك بشكل مباشر في دراساتنا، إلا أن حدسنا هو أنه حتى الباحثون عن العزلة المتعصّبون سيكون لديهم ردّ فعل سلبي تجاه استبعادهم.
عندما نتعرف إلى السّمات الشخصية للآخرين، فمن الطبيعي أن نحاول التنبؤ بما سيستمتعون به وكيف يريدون أن يُعاملوا. المشكلة هي أنّ التنبؤ بالناس أمر صعب، خاصة عندما تحاول التنبؤ بردود أفعال شخص لا تعرفه جيدًا. لذا يجب أن تفكر مرتين قبل استبعاد الباحثين عن العزلة اجتماعيًا.
قد يشعرون بالسعادة إذا دعوتهم إلى حفلتك القادمة (أو العمل معك في مشروعك التالي)، وقد تكون سعيدًا بانضمامهم.
- ترجمة: عبير ياسين
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1