في تحدٍ للاتجاهات العالمية: دراسة تجد سعادة عالية واكتئاب منخفض بين كبار السن في أمريكا

أظهرت دراسة حديثة من (جامعة ميشيغان) أن كبار السن في أمريكا الشمالية هم من بين الأكثر سعادة في العالم على الرغمِ من زيادة الاكتئاب والشعور بالوحدة بين أقرانهم في مناطقٍ أُخرى.

نشرت الدراسة في مجلة “Journal of Aging and Health” وتبرز تباينات كبيرة في الرفاهية بين كبار السن على مستوى العالم، حيث أظهرت أن السكان الأوروبيين والأمريكيين الشماليين بشكلٍ عام يبلغون عن مستويات سعادة أعلى من أولئك في آسيا.

تشدد النتائج على العوامل الفريدة التي تساهم في رفاهية كبار السن في الولايات المتحدة؛ مما يتحدى الافتراضات السابقة حول الشيخوخة والسعادة.

قام الباحثون بتحليل بيانات من عام 2018 من تسع دول ومناطق ضمن دراسة الأسرة الدولية للصحة والتقاعد (n = 93,663) وقارنوا الفروق بين الفئات العمرية في الاكتئاب والوحدة والسعادة.

قال المؤلف الرئيسي شين بيرنز، زميل ما بعد الدكتوراه في مركز الدراسات السكانية في معهد البحوث الاجتماعية بجامعة ميشيغان: «المساهمة الفريدة لهذا البحث هي أننا ندمج التقارير الذاتية للرفاهية من عينة متنوعة من البلدان والمناطق». وأضاف: «توقعنا أن نجد أن كبار السن الأكبر سنًا يبلغون عن معدلات أعلى من الاكتئاب والوحدة، ولكن أيضاً معدلات أعلى من السعادة مقارنة بنظرائهم الأصغر سنًا».

أظهرت الدراسات السابقة نتائج متباينة حول ما إذا كان كبار السن الأكبر سنًا يبلغون عن معدلات أعلى من الاكتئاب والوحدة مقارنة بنظرائهم الأصغر سنًا. تميل معدلات الاكتئاب بين كبار السن في الولايات المتحدة إلى الزيادة مع التقدم في العمر، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). تشمل عوامل الخطر للشعور بالوحدة والاكتئاب المتأخر فقدان الزوج أو العيش مع مرض أو إعاقة.

كما حددت الدراسات السابقة “مفارقة الرفاهية” بين كبار السن، حيث على الرغم من النتائج الصحية السيئة، لا ينخفض الشعور الذاتي بالرفاهية.

التفاوت على مستوى العالم

تفحصت الدراسة الجديدة اختلافات الرفاهية النفسية الاجتماعية بين كبار السن الكهول (65-74) وكبار السن الأكبر (75-84) وكبار السن الشيوخ (85+) مع مراعاة التفاوت عبر الهند والصين والمكسيك وكوريا وأوروبا والولايات المتحدة. استخدم الباحثون مؤشرات اقتصادية واجتماعية وصحية لفهم الفروق في السعادة والوحدة والاكتئاب المبلغ عنها.

بشكلٍ عام، تجاوزت السعادة بين السكان الأوروبيين والأمريكيين الشماليين (إنجلترا، الولايات المتحدة، المكسيك) بكثير السعادة المبلغ عنها بين السكان الآسيويين (الصين، كوريا، الهند) في هذه الدراسة. عند الأطراف البعيدة من الطيف المدروس دعمت البيانات بعض الأفكار القائلة بأن السعادة مرتبطة بالدخل الوطني ومستوى المعيشة، رغم أن المكسيك والصين لا تتوافقان تمامًا مع هذا النمط.

كبار السن الشيوخ

وجد الباحثون أن كبار السن الشيوخ كان لديهم معدلات أعلى من الاكتئاب والوحدة في جنوب أوروبا. وكان كبار الشيوخ أقل سعادة بشكلٍ ملحوظ في كوريا وفي اكتشاف جديد، أكثر اكتئابًا في الهند. ووجدت الدراسة أيضًا أقل معدلات للاكتئاب وسعادة أكبر بين كبار السن الشيوخ في الولايات المتحدة، مقارنة بكبار السن الكهول (65-74).

وقال بيرنز: «كانت معدلات الاكتئاب المنخفضة بين كبار السن الشيوخ في الولايات المتحدة مثيرة للاهتمام؛ لأنها تتناقض مع ما وجدناه في البلدان والمناطق الأخرى في عينتنا».

وأضاف: «يعتمد الرفاه النفسي الاجتماعي الاستثنائي لكبار السن الأكبر سنًا في الولايات المتحدة جزئيًا على قدرتهم على أداء أنشطة الحياة اليومية. وقد تعكس سعادتهم الاستثنائية اختلافات عَبرَ الأجيال. من المحتمل أن توقيت الركود الكبير أثَّرَ على سعادةِ جيل الطفرة السكانية الأمريكية الذين يقتربون من التقاعد».

الشيخوخة والرفاهية

من المهم أيضًا ملاحظة أن هذه البيانات لا تُظهر تغيرات الرفاهية داخل الأفراد مع مرور الوقت، حيث أن التحليل يركز على الفروق بين الفئات العمرية للمستجيبين الذين تم استطلاع آرائهم في عام 2018.

وقال بيرنز: «هذا لا يعني أن السكان المسنين في الولايات المتحدة يجب أن يتوقعوا زيادة في الرفاهية في السنوات المقبلة».

تضمنت العوامل الواقية من الاكتئاب والوحدة بين كبار السن في الولايات المتحدة التعليم، والحالة الزوجية، وعلى وجه الخصوص، القدرة على أداء الأنشطة اليومية.

وقال بيرنز: «تجلب الشيخوخة مجموعة من التحديات التي قد نتوقع أن تؤدي إلى تراجع الرفاهية». يواجه كبار السن مجموعة من العوامل المتعلقة بالصحة والإدراك والفقدان والتحديات الاقتصادية وعدم المساواة بين الجنسين والتمييز على أساس العمر وتغير الأدوار والعلاقات الأسرية.

«تختلف هذه العوامل بشكلٍ كبير حسب البلد والمنطقة؛ لذا فإن فهم الأسباب والآثار والسياقات الخاصة بكل فئة عمرية سيساعدنا في فهم كيفية تلبية الاحتياجات النفسية والاجتماعية للسكان المسنين».

إلى جانب بيرنز، شارك في تأليف الدراسة كل من (إيلين كريمينز، وتشانغ موتيان، وجينيفر أيليشير) من جامعة جنوب كاليفورنيا. وكان بيرنز باحثًا ما بعد الدكتوراه في كلية ليونارد ديفيس لعلم الشيخوخة بجامعة جنوب كاليفورنيا قبل انضمامه إلى مركز دراسات السكان كباحث ما بعد الدكتوراه.

  • ترجمة: ساهر الشعبان
  • تدقيق لغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1