أملٌ جديد يعيد الحياة لمتعاطي الأفيون

ها هو العلم مجددًا يعطينا بارقة أمل من ناحية تطور علاج تعاطي المواد الأفيونية.

إذ احضر باحثون من جامعة واشنطن أشخاصًا مسجلين في برامج التعافي من الإدمان، من أجل اختبار تأثير الأكسجين العالي الضغط في مساعدة الأشخاص الراغبين في العلاج من تعاطي المواد الأفيونية، ولكن ماذا يعني العلاج بالأكسجين عالي الضغط؟ يعني هذا العلاج بأن يوضع الأشخاص المراد تطبيق التقنية عليهم في غرفة مليئة وبها نسبة مرتفعة جدًا من الأكسجين، أعلى مما هو موجود في الهواء الطبيعي تحت مراقبة الطاقم الطبي، وكانت هذه التقنية سابقًا تستخدم مثلًا في عدة أمراض منها على سبيل المثال لا الحصر داء السكري والغرغرينا الناتجة من هذا الداء، كما إنها استخدمت في علاج الالتهابات البكتيرية وغيرها.

سعى الباحثون هذه المرة في استغلال هذه التقنية لعلاج تعاطي المواد الأفيونية، إذ أظهرت دراستان نتائج إيجابية بخصوص تأثير الأكسجين المضغوط على حالات التعاطي، أُجريت التجربة الأولى على 31 شخصًا، سجل الباحثون تناقصًا في الجرعات المتعاطاة عند المجموعة التي التزمت بالعلاج وكان معدل هذا التناقص حوالي 4.3 ملجم، مقارنةً بالمجموعة الأخرى التي لم تتلقى العلاج إذ كان معدل التناقص حوال 0.25 ملجم، بالإضافة إلى أن المجموعة التي تلقت العلاج أبلغت عن أعراض انسحابية أقل بشكل ملحوظ من المجموعة التي لم تتلقى العلاج.

وفي هذا الصدد، أفاد البروفيسور المشارك في الدراسة ماثيو لايتون، مدير برامج علاج إدمان المواد الأفيونية سابقًا وبروفيسور حاليًا بجامعة واشنطن: «بالرغم من أن العلاج بعقار الميثادون (الطريقة المستخدمة الآن في أمريكا وعدد من الدول الأخرى)، كان ذا تأثير كبير لطالبي العلاج إذ ساهم بشكل كبير في استعادتهم لحياتهم الطبيعية و ساعدهم على الاستقرار ولكنه يظل أحد أنواع المواد الأفيونية والتي قد يواجه طالبو العلاج صعوبة في الإقلاع عن تعاطيه»، وأضاف أيضًا: «هناك العديد من الأشخاص اللذين يتمنون أن يتوقفوا عن تعاطي الميثادون لأسباب مختلفة، ولهذا فمن الممكن أن يكون العلاج بالأكسجين بالضغط العالي بارقة أمل لهم من أجل الخفض التدريجي في جرعات الميثادون».

وأما عن الدراسة الثانية فقد كانت من نوع التجارب المنضبطة المعشاة RCT وشارك فيها ثمانية أشخاص. كان هدف المشاركين الرئيس السيطرة على الأعراض الانسحابية بعد توقفهم عن تناول المواد الأفيونية ونشرت هذه النتائج في مجلة خاصة بالعلاج والسيطرة على الآلام، فقد كانت النتائج إيجابية إذ أظهر المشاركون تحسنًا في جودة النوم والمزاج العام.

وفي هذا الصدد، أضاف الأستاذ المساعد في تخصص التمريض الطبي بجامعة واشنطن ماريان ويلسون: «يواجه العديد من الأشخاص صعوبةً في التوقف عن أخذ جرعة الميثادون، بالإضافة إلى أن البعض الآخر يواجه صعوبةً في تحديد الجرعة البدائية التي تريحهم من هذه الأعراض الانسحابية المزعجة ولهذا ينتهي بهم المطاف إلى العودة للتعاطي للتخلص من هذه الأعراض».

ومن الجدير بالذكر بأنه خلال جائحة كورونا، فإن قرابة مئة ألف شخص قضوا نحبهم بسبب وباء تعاطي المواد الأفيونية، ولهذا يأمل العلماء بتكرار نتائج هذه الدراسات ولكن على صعيد أكبر وعلى عدد أكبر من الناس لفترة أطول، وقد تستغرق هذه الدراسات سنوات من البحث، لضمان دقة ومصداقية النتائج، وإن نجحت هذه الدراسات فقد يكون علاجًا غير دوائي مسبوق ويعطي فرصة النجاة لعدد كبير من المتعاطين.

  • ترجمة: نوار منتصر
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1