معظم النحل لا يموت بعد اللسعة، وغيرها من الحقائق المدهشة عن النحل

تعرّض معظمنا للسعة نحلة ونعلم أنه ليس بالأمر الممتع. ولكن ربما شعرنا أيضًا بمسحة من الندم، أو التبرئة، عندما علمنا أن النحلة المعتدية سوف تموت. صحيح؟ حسنًا، هذا ليس هو الحال في الواقع ل 99.96% من أنواع النحل.

إذ إن ثمانية فقط من أصل 21,000 نوع من النحل في العالم تموت عندما تلسع. ومجموعة فرعية أخرى لا يمكنها اللسع على الإطلاق، ويمكن لغالبية النحل اللسع بقدر ما يريد. ولكن هنالك ما هو أكثر من ذلك.

ولفهم تعقيدات النحل وقدرته على اللسع، سنحتاج إلى التحدث عن شكل إبرة النحل، وأعضائه التناسلية، وسلوكه.

نحل العسل المحبوب والمميت

لعل ما تتذكره على الأرجح أنك تعرضت للسعة من نحل العسل الأوروبي (Apis mellifera). إن موطن هذا النحل الأصلي هو أوروبا وإفريقيا، ويوجد اليوم في كل مكان تقريبًا في العالم.

وهو واحد من ثمانية أنواع من نحل العسل في جميع أنحاء العالم، ويمثّل Apis فقط 0.04% من إجمالي أنواع النحل. ونعم، يموت هذا النحل بعد أن يلسعك. لكن لماذا؟

يمكننا أن نقول إنه يموت من أجل الملكة والمستعمرة، ولكن السبب الحقيقي لموت هذا النحل بعد اللدغة هو إبَرُه الشائكة. إذ ستمنع هذه الأشواك الوحشية النحلة في أغلب الأحيان من سحب الإبرة للخارج.

وبدلًا من ذلك، تترك النحلة أطرافها مغروسة في جلدك وتطير دونها. وبعد رحيل النحلة، لتموت لاحقًا متأثّرة بجراحها، تظلّ إبرة اللسع موجودة هناك لتضخ المزيد من السم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النحل والدبابير (ربما معظمه من نحل العسل الأوروبي) هي أكثر الحيوانات السامة فتكًا في أستراليا. فبين عامي 2017 و2018، تسببت الحيوانات السامة ب 19 حالة وفاة منها 12 بسبب هذه الحشرات الصغيرة (تعاني نسبة صغيرة من الناس فقط من حساسية مميتة).

إذن، ما هي إبرة اللسع؟

إن إبرة اللسع، على الأقل في معظم النحل والدبابير والنمل، هي في الواقع أنبوب لوضع البيض (موضع البيض) والذي تكيّف أيضًا للدفاع العنيف. هذه المجموعة من الحشرات اللاسعة التي تدعى الدبابير الحادة (نعم، النحل والنمل تعدّ من الناحية الفنية نوعًا من الدبابير)، كانت تطعن دفاعًا عن النفس منذ 190 مليون سنة. ويمكن القول إنها السمة المميزة لها.

ومع وجود الكثير من التطور، فقد طوّرت أيضًا مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات اللاسعة. لكن دعونا نعود إلى النحل.

تعد لسعة نحل العسل الأوروبي مؤلمة بقدر لسعة النحل الشائع، إذ سجّلت 2 من 4 على مؤشر شميدت لألم لدغة الحشرات.

لكن لسعات معظم أنواع النحل الأخرى لا تتمتع بالقدر نفسه من الألم، مع أنني سمعت بعض المراجعات المؤلمة من زملاء أقل حذرًا. على الجانب الآخر، يمكن لمعظم أنواع النحل أن تلسعك عدة مرات كما تشاء لأن إبرها تفتقر إلى الأشواك الموجودة في نحل العسل. ومع ذلك، فإنها إذا استمرت في هذا الفعل، قد ينفد سمها في النهاية.

والأمر الأكثر إثارةً للدهشة هو أن مئات أنواع النحل فقدت قدرتها على اللدغ تمامًا.

هل يمكنك معرفة من يلسع؟

على الصعيد العالمي، يوجد 537 نوعًا من “النحل غير اللاسع” تدعى قبيلة ميليبونيني (تشكّل حوالي 2.6% من جميع أنواع النحل). ويتواجد 11 نوعًا فقط من هذه الأنواع (من أجناس Austroplebeia وTetragonula) في أستراليا. ويمكن الاحتفاظ بهذا النحل الصغير المسالم في خلايا النحل وصنع العسل.

لا يزال النحل غير اللاسع قادرًا على الدفاع عن أعشاشه عن طريق العض عندما يتعرض للاعتداء. ولكنك قد تفكر فيها على أنها مصدر إزعاج أكثر من كونها سربًا لاذعًا مميتًا.

كما يوجد في أستراليا عائلة من النحل وهي الوحيدة الموجودة في قارة واحدة (يوجد إجمالي سبع عائلات على مستوى العالم). وهي عائلة Stenotritidae، والتي تضم 21 نوعًا. إذ تتجول هذه العمالقة اللطيفة والرائعة (يبلغ طولها 14-19 ملم، أي ما يصل إلى ضعف طول نحل العسل الأوروبي) بدون إبرة فعّالة.

ربما يكون القارئ الذكي قد أدرك شيئًا ما عند هذه النقطة في المقال. إذا كانت الإبر تمثّل أنابيب معدّلة لوضع البيض.. فماذا عن الذكور؟ يفتقر ذكور النحل، من جميع الأنواع، إلى إبرة اللسع، ولديه بدلًا من ذلك عضو آخر يطلق عليه ahem. ومع ذلك، سيظل بعض ذكور النحل يُظهر “اللسع” إذا حاولت الإمساك به.

ويمكن لبعض ذكور الدبابير أن تسبّب القليل من الضرر، مع أنها لا تملك سمًا لإحداث لسعة.

لماذا دائمًا عسل النحل؟

إذًا، إذا كان غالبية النحل يستطيع اللسع، فلماذا تلصق التهمة بنحل العسل الأوروبي دائمًا؟ توجد بعض الإجابات المحتملة لهذا السؤال.

أولًا، نحل العسل الأوروبي موجود بكثرة في معظم أنحاء العالم. إذ تضم مستعمراته عادةً قرابة 50,000 فرد ويمكنه الطيران لمسافة 10 كيلومترات بحثًا عن الطعام.

بالمقارنة، فإن معظم النحل البري يتغذى على مسافات قصيرة جدًا (أقل من 200 متر) ويجب أن يبقى قريبًا من خليّته. لذا فإن نحل العسل الأوروبي المجتهد يقطع أميالًا كثيرة.

ثانيًا، يعد نحل العسل الأوروبي كائنًا اجتماعيًا، فهو سيموت حرفيًا لحماية أمه وإخوته وأخواته. بينما في المقابل، فإن الغالبية العظمى من النحل (والدبابير) تكون في الواقع منعزلة (الأمهات العازبات تفعل ذلك لأنفسها) وتفتقر إلى العدوان الإيثاري من أقاربها الاجتماعيين.

علاقة معقدة

لدينا علاقة مثيرة للاهتمام مع نحل العسل الأوروبي. فهي يمكن أن تكون قاتلة، وليست محلية (في معظم أنحاء العالم)، وسوف تدافع بقوة عن أعشاشها. لكنها ضرورية لتلقيح المحاصيل، وعسلها يستحق الموت من أجله.

ولكن جدير أن نذكر أن هذه هي الأقلية الصغيرة من ناحية الأنواع. إذ لدينا الآلاف من أنواع النحل المحلية (عُثر على أكثر من 1,600 نوع حتى الآن في أستراليا) والتي من المرجح أن تصدر طنينًا بدلًا من أن تلسع.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1