اكتشاف 16 نوعًا من الأسماك «فائقة السواد» تمتص 99.9% من الضوء

النقاط الرئيسية

● استخدم فريق من علماء الأحياء البحرية الشباك لصيد 16 نوعًا من أسماك أعماق البحار التي طوّرت قدرتها على أن تكون غير مرئية تقريبًا للفرائس والحيوانات المفترسة.

● يبدو أن الجلد «فائق السواد» هو تكيفٌ تطور ليساعد الأسماك على التمويه في أعماق البحار، التي تضيئها الكائنات الحية المضيئة.

● «من المرجح أن يكون هناك المزيد من الأسماك السوداء للغاية، وربما أكثر قتامة، مختبئة في أعماق المحيط».

اكتشف فريق من علماء الأحياء البحرية 16 نوعًا من الأسماك «فائقة السواد» التي تمتص أكثر من 99% من الضوء الذي يسقط على جلدها، مما يجعلها غير مرئية تقريبًا بالنسبة للأسماك الأخرى في أعماق البحار بسبب سوادها.

تمكن الباحثون، الذين نشروا نتائجهم يوم الخميس في مجلة Current Biology، من اصطياد هذا النوع بعد إسقاط الشباك على عمق يزيد عن 200 متر بالقرب من خليج Monterey في كاليفورنيا. على هذا العمق، يتلاشى ضوء الشمس؛ وهذا أحد الأسباب التي جعلت العديد من أنواع أحياء الأعماق البحرية تطور قدرتها على إضاءة المياه المظلمة من خلال الإنارة الحيوية.

ولكن ماذا لو كانت الأسماك التي تعيش في أعماق البحار لا تريد أن يتم رصدها؟ لمواجهة ظاهرة الإنارة الحيوية، طوّرت بعض الأنواع جلدًا شديد السواد قادر على امتصاص الضوء بشكل استثنائي. ومن المعروف أن هناك عددًا قليلًا فقط من الأنواع الأخرى التي تمتلك هذه السمة الغريبة، بما في ذلك طيور الجنة وبعض العناكب والفراشات.

عندما رأى الباحثون لأول مرة هذه الأسماك التي تعيش في أعماق البحار، لم يكن واضحًا على الفور أن جلدها شديد السواد. ثم لاحظت عالمة الأحياء البحرية Karen Osborn، التي شاركت في كتابة الورقة البحثية الجديدة، شيئًا غريبًا في الصور التي التقطتها للأسماك.

صرحت Osborn لمجلة Wired: «لقد حاولت من قبل التقاط صور لأسماك أعماق البحار ولكن لم أحصل إلا على صور مروعة للغاية، إذ لا يمكن رؤية أي تفاصيل». كما تسآلت: «كيف يمكنني تسليط ضوئين متتاليين عليهم ثم يختفي كل هذا الضوء فجأة؟».

وبعد فحص عينات من جلد السمك تحت المجهر، اكتشف الباحثون أن جلد السمك يحتوي على طبقة من جسيمات عضوية تسمى الميلانوسومات، والتي تحتوي على الميلانين، وهو نفس الصبغة التي تعطي لون الجلد والشعر لدى البشر. وتمتص هذه الطبقة من الميلانوسومات معظم الضوء الذي يسقط عليها.

وبيّنت Osborn لمجلة Wired: «إن ما لا يتم امتصاصه ينتشر جانبيًا في الطبقة، ويتم امتصاصه بواسطة الصبغات المجاورة التي تتجمع جميعها بالقرب منها»، «ولذلك، ما فعلوه هو إنشاء هذا النظام فائق الكفاءة والذي يتكون من كمية قليلة جدًا من المواد إذ يمكنهم في الأساس بناء مصيدة ضوئية باستخدام جزيئات الصبغة فقط ولا شيء آخر».

إذًا ما النتيجة؟ أنواع غريبة ومرعبة تعيش في أعماق البحار، مثل سمك القرش الضخم، وسمك القرش ذو الأنياب، وسمك التنين الأسود في المحيط الهادئ، والتي تظهر جميعها في أعماق البحار على هيئة أشكال ظلية خافتة.

كما تشير مجلة Wired، أنه من المثير للاهتمام أن هذه الحيلة الفريدة للاختفاء لم تنتقل إلى هذه الأنواع من خلال سلف مشترك؛ بل إن كل نوع منها طورها بشكل مستقل. وعلى هذا النحو، تستخدم الأنواع المختلفة سوادها الشديد لأغراض مختلفة. على سبيل المثال، لا يكون جلد سمك التنين ذو الزعانف الخيطية شديد السواد إلا خلال سنوات صغره، عندما يكون عاجزًا إلى حد ما.

من المحتمل أن تكون أنواع أخرى من الأسماك، [مثل أسماك أونيروديس التي تستخدم الطعوم المضيئة بيولوجيًا لإغراء الفرائس]، قد تطورت إلى جلد شديد السواد لتجنب انعكاس الضوء الذي تنتجه أجسامها. وفي الوقت نفسه، فإن أنواعًا أخرى مثل سمكة كليودينس لا تمتلك سوى جلد شديد السواد حول أمعائها، ربما لإخفاء ضوء الأسماك المضيئة بيولوجيًا التي تتغذى عليها.

ونظرًا لأن هذه الأنواع الموصوفة حديثًا هي مجرد أنواع عثر عليها هذا الفريق قبالة سواحل كاليفورنيا، فمن المرجح أن يكون هناك العديد من الأسماك السوداء للغاية، وربما أكثر قتامة بكثير، تسبح في أعماق المحيط.

  • ترجمة: حلا عمران
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1