كيف شعر سكان وادي الرافدين القدامى بالمشاعر جسديًا؟ دراسة تقارن العواطف بين الماضي والحاضر
يشيع في ثقافتنا أن نمثل مشاعرنا جسديًا فنقول أثلجت صدري عن الارتياح، وصدعت رأسي عن الانزعاج، وشغلت عقلي عن الاهتمام. وهذه السمة التمثيلية حاضرة في جل الثقافات المعاصرة. لكن ماذا عن الأمس، أي أجزاء الجسم صاحبت المشاعر قديمًا؟
في دراسة حديثة، حاول الباحثون التعمق في فهم العلاقة بين المشاعر والجسد عبر الزمن والثقافات، وذلك من خلال تحليل نصوص آشورية مسمارية تعود إلى سكان وادي الرافدين القديم (العراق حاليًا)، الذين عاشوا بين 934 و612 قبل الميلاد. تهدف الدراسة إلى استكشاف كيف كان القدماء يصفون مشاعرهم جسديًا وما إذا كانت هذه التجارب تشبه ما نشعر به اليوم.
أظهرت النتائج أن سكان وادي الرافدين وصفوا السعادة بانشراح في الكبد، وهذا مختلف عن وصف المجتمع الحديث الذي لا يربط السعادة بالكبد. وكذلك بينت أنهم شعروا بأشد الحرارة والانفعال والغضب في أقدامهم، ونحن نصف ذلك بالأجزاء العلوية من الجسم واليدين. أما وصف الحب فكان متشابهًا إلى حد كبير، لكنه أيضًا ارتبط بالكبد والركبتين في بلاد ما بين النهرين.
على الرغم من هذه التشابهات والاختلافات، شدد الباحثون على أن المشاعر بطبيعتها تجارب حية ومعقدة يصعب اختزالها في نصوص مكتوبة. وأشاروا إلى أن التدوين آنذاك لم يكن متاحًا للجميع، ما يعني أن النتائج قد لا تعكس تجارب المجتمع كله. ومع ذلك، هذه الدراسة نظرة مميزة إلى ارتباط اللغة والثقافة بتصوير المشاعر.
يأمل فريق البحث أن يوسع نطاق هذه الدراسات مستقبلاً لتشمل لغات أخرى، مثل الإنجليزية والفنلندية، بهدف استكشاف المزيد من التباينات الثقافية في التعبير عن العواطف. وتلك خطوة مهمة نحو تعزيز فهمنا للطريقة التي تتفاعل بها المشاعر مع الجسد واللغة عبر العصور.
- ترجمة: إقبال براق
- المصادر: 1