الجلسات القصيرة من التمارين مرتبطة بزيادة صغيرة ولكن ثابتة بأداء الدماغ

تُشير تحليل لعقود من الأبحاث حول التأثيرات المعرفية للتمارين إلى أن حتى جلسة تمرين واحدة يمكن أن تؤثر إيجابيًا على الأداء العقلي.

أُجريت الدراسة، من قبل باحثين في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا ونُشرت في مجلة علم النفس الاتصالي، أن فترات قصيرة من التمارين لها تأثيرات صغيرة لكن قابلة للقياس على المهام المعرفية، وعلى وجه الخصوص تلك التي تتطلب ردات فعل سريعة ومرونة عقلية.

ومع ذلك تختلف هذه التأثيرات بناًء على نوع وشدة وتوقيت التمارين، بالإضافة إلى المهمة المعرفية التي يتم أداؤها.

بينما أنه من المؤكد أن التمارين الرياضية تُحسن الصحة الجسدية ووظيفة الدماغ على المدى الطويل، آثار جلسات التمارين الفردية تبقى أقل وضوحًا.

سعى الباحثون إلى معالجة التناقضات في النتائج السابقة، التي اقترحت بالتناوب أن التمارين الفردية تحسن أو تعرقل أو ليس لها أي تأثير على الأداء المعرفي، كانوا يهدفون إلى تميز الأنماط الثابتة في العلاقة بين التمارين الحادة والعمليات العقلية مع تركيز خاص على المجالات المعرفية مثل الانتباه والذاكرة والوظيفة التنفيذية.

قال مؤلف الدراسة باري غيسبريخت، أستاذ ورئيس مختبر الانتباه في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا: “علم الأعصاب الإدراكي البشري هو مجال مخصص لفهم الآلية العصبية للوظيفة المعرفية وكيفية ارتباطها بالسلوك، يعتمد المجال على التجارب المخبرية حيث ينخرط المشاركين في مهام يمكننا التحكم بها وقياس الإداء. في بعض الأحيان نقوم باجراء قياسات لنشاط الدماغ أيضًا باستخدام مجموعة متنوعة من طرق تصوير الأعصاب0”.

في مختبري، نحن مهتمون جدًا حول كيفية تأثير التمارين والتغيرات الأخري في الحالة الفيسيولوجية على هذه العمليات.

واحدة من أكثر النتائج الثابتة في الأدب هو أن تدخلات التمارين الرياضية (على سبيل المثال المشاركة ببرنامج حوالي 3 مرات في الأسبوع على مدى شهر) تحسن الإدراك ويمكنها أن تعزز تكوين الخلايا العصبية. الدراسات التي تبحث في آثار جلسات التمارين الفردية والحادة هي أكثر اختلاطًا وتعود بشكلٍ كبير إلى التباين في المهام المعرفية. وهنا ما حاولنا القيام به هو الحصول على فكرة عن الأنماط الأكثر ثباتًا في الأدب.

لتقييم الآثار المعرفية للتمارين الحادة، أجرى الباحثون تحليل تجميعي لدراسات نُشرت بين عامي 1995 و2023. تضمنت الدراسات التجريبية التي اختبرت الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45، مركزًة على المشاركين الأصحاء غير السريرين.

الدراسات المؤهلة كان لا بد لها المقارنة بين الأداء المعرفي قبل وبعد التمارين أو بين التمارين وظروف التحكم، قيمت المجالات المعرفية نطاقًا واسعًا من الوظيفة الإدارية والإنتباه إلى الذاكرة والمهارات الحركية.

أجرى الباحثون تحليل تجميعي للبيانات، حيث قاموا بتجميع بيانات من 113 دراسة (مع 4,390 مشاركًا في المجموع) نُشرت بين عامي 1995 و2023 لتقييم آثار جلسة واحدة للتمارين على الأداء المعرفي، الدراسات المتضمنة في التحليل كانت مختارة بناًء على معايير محددة:

كان يجب أن تتضمن تصاميم تجريبية حيث قام المشاركين بأداء المهام المعرفية إما اثناء أو بعد جلسة تمارين حادة. ركزت الدراسات المؤهلة على البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 45 عامًا.

لضمان وجهة نظر واسعة، تضمن التحليل التجميعي أنواع مختلفة من التمارين، مثل ركوب الدراجات والجري وتمارين متقطعة عالية الكثافة (Hilt) وتمارين المقاومة والأنشطة الرياضية.

تراوحت شدة التمارين من خفيفة إلى شديدة، وتباينت الفترات الزمنية خلال الدراسات.

اختبرت المهام المعرفية أداء المشاركين في مجالات مثل الذاكرة والانتباه والوظيفة الإدارية والمهارات الحركية وأتخاذ القرار. تم قياس دقة المهام وأوقات رد الفعل كمؤثرات رئيسية للأداء المعرفي.

استخدم الباحثون طرقًا أحصائية بايزيانية لتحليل البيانات. سمح هذا النهج بفهم أكثر دقة للأدلة، مع دمج للاحتمالات والمتغيرات بين الدراسات على عكس الطرق الإحصائية التقليدية، تقدر تحليل البايزي احتمالية حدوث نتائج معينة في ضوء بيانات ملحوظة بجعلها مناسبة بشكل خاص لتقييم التأثيرات الغير متجانسة للتمارين على الإدراك. ضمنت عوامل مثل نوع التمرين والشدة والمدة والتوقيت بالنسبة للإختبارات المعرفية في التحليل لاكتشاف تأثيرها على النتائج.

أظهر التحليل التجميعي أن جلسة واحدة من التمارين لها تأثير إيجابي صغير ولكنه مهم على الأداء المعرفي العام.

كانت المهام التي تستهدف الوظائف التنفيذية، مثل التثبيط والمرونة المعرفية، مرتبطة بأكثر التحسينات ثباتًا، كما أظهر الانتباه والمهام التي تتطلب أوقات رد فعل سريعة تحسينات قابلة للقياس ومع ذلك كانت النتائج بالنسبة للذاكرة والمجالات الأخرى أقل ثباتية.

حدد الباحثون أيضًا عوامل معتدلة مهمة على سبيل المثال، لعب نوع التمارين دورًا مهمًا، حيث بينت رياضة ركوب الدراجات والتدريب المتقطع عالي الكثافة فوائد معرفية الأكثر اهمية، خاصًة بالنسبة للوظائف الإدارية مثل التثبيط والتخطيط.

قال غيسبريخت: “يجب أن نكون حذرين بعض الشيء مع هذه النتيجة المحددة وذلك بسبب وجود عدد أقل بكثير من دراسات Hilt في الأدب.

لذا مع المزيد من الدراسات قد يتغير هذا. “

ظهرت شدة التمرين أيضًا كنعصر مهم. حيث أنتج التمارين عالية الكثافة أقوى تحسينات معرفية، بينما أسفرت التمارين متوسطة الكثافة فوائد أصغر لكن لا تزال ملحوظة. تشير هذه النتائج إلى ان التغيرات الفسيولوجية والعصبية الكيميائية الناتجة عن التمارين عالية الكثافة قد تكون وراء تأثيراها المتفوق على الأداء المعرفي.

نعلم جميعًا أن التمارين المنتظمة لها آثار إيجابية على الوظائف العاطفية والمعرفية، بالإضافة إلى التحسينات العامة في الصحة. قال غيسبريخت لموقع psypost. “نوضح هنا أن حتى جلسة واحدة حادة من التمارين يمكن أن يكون لها آثار إيجابية على الإدراك، وعلى وجه الخصوص الوظيفة الإدارية.”.

لاحظ الباحثون أيضًا تباينًا بين الدراسات، مؤكدين على أهمية السياق في تفسير أثار التمارين على الإدارك، ساهمت عوامل مثل تصميم المهام المعرفية والخصائص الديموغرافية للمشاركين والبروتوكولات التجريبية في اختلاف النتائج. على سبيل المثال، قد تكون أبسط المهام المعرفية وصلت إلى تأثيرات الحد الأعلى، مما تحد من القدرة على تحديد التحسينات الناتجة عن التمارين. بالإضافة إلى ذلك. أدخلت الاختلافات في كيفية الإبلاغ عن مدة وشدة التمارين عبر الدراسات تعقيدًا إضافيًا.

أشار غيسبريخت: “بينما كان التأثير الكُلي لجلسة تمرين واحدة بشكل عام صغيرًا، نعتقد أن فرضية مهمة قد تفسر هذه النتيجة، إلى جانب الأختلاف في بروتوكولات التمارين نفسها، هي أن معظم الأشخاص يشاركون في مهمة معرفية بينما يتمرنون أو بعد التمارين بفترة وجيزة، هذا مختلف تمامًا عن العالم الحقيقي، الذي يتطلب منا دمج أفعال أجسامنا وأنظمتنا المعرفية عندما نقوم بالأنشطة اليومية. نحن على وشك الأنخراط في سلسلة من الدراسات التي سوف تختبر هذه الفكرة بشكل منهجي مستخدمًة مزيج من المهام المخبرية والأنشطة الواقعية.

  • ترجمة: نسرين عنتر
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1