جهاز تلسكوب جيمس ويب المتطلب لأخفض درجة حرارة جاهز للعمل

سيرى تلسكوب ناسا الفضائي جيمس ويب أول المجرات المتشكلة بعد الانفجار العظيم، لكن للقيام بذلك يجب أن تصبح أجهزته باردة – بل حتى شديدة البرودة. في 7 نيسان/أبريل، وصل جهاز ويب للإشعاع تحت الأحمر المتوسط (MIRI) – وهو جهاز صُمم وطُوِّر بالاشتراك بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA) – لدرجة حرارة التشغيل النهائية الأخفض من 7 كيلفن (سالب 447 درجة فرنهايت، أو سالب 266 درجة سيلزيوس).

كغيرها من أجهزة ويب الثلاثة الأخرى فقد بَرَدَ MIRI في البداية في ظل درع ويب المضاد للشمس بحجم ملعب تينس لحوالي 90 كيلفن (سالب 298 فرنهايت، أو سالب 183 سيلزيوس). لكن خفض درجة الحرارة لأقل من 7 كيلفن تتطلب مبرِّدًا مزودًا بالكهرباء. اجتاز الفريق في الأسبوع الماضي تحديًا صعبًا يدعى «النقطة الحرجة»، حيث تنخفض حرارة الجهاز من 15 كيلفن (سالب 433 فرنهايت، أو سالب 258 سيلزيوس) ل6.4 كيلفن (سالب 448 فرنهايت، أو سالب 267 سيلزيوس).

«بذل فريق تبريد MIRIالكثير من الجهد في التطوير استعدادًا للنقطة الحرجة»، قال آنالين شنيدر-Analyn Schneider، وهو مدير مشروع MIRI في مخبر ناسا للدفع النفاث في كاليفورنيا الجنوبية. «كان الفريق متحمسًا وقلقًا في آن واحد أثناء القيام بهذه الخطوة المهمة. وبالنهاية تحولت الخطوة لمرجع حول كيفية القيام بها، وأداء المبرد أفضل حتى مما كان متوقع».

تعدُّ درجة الحرارة المنخفضة أمرًا ضروريًا لأن أجهزة ويب الأربعة تلتقط الأطوال الموجية للضوء تحت الأحمر الأطول قليلًا من تلك التي تستطيع رؤيتها عينا الإنسان. تصدر كل المجرات البعيدة، والنجوم المختبئة وراء غطاء من الغبار، والكواكب خارج نظامنا الشمسي الإشعاع تحت الأحمر. لكن قطع ويب الدافئة تقوم بذلك أيضًا، ومن ضمنها معدات أجهزة ويب الإلكترونية والبصرية. يكبح تبريد الكواشف الأربعة والقطع المحيطة هذه الانبعاثات تحت الحمراء. يلتقط MIRI أطوالًا موجيةً أطول من تلك التي تلتقطها الأجهزة الثلاث، الأمر الذي يعني أنه يجب أن يكون أكثرة برودة.

يوجد سببٌ آخر لما يجب أن تكون كواشف ويب باردة وهو لكبح ما يدعى بالتيار المظلم، أو التيار الناتج عن اهتزاز الذرات في الكواشف بحد ذاتها. يحاكي التيار المظلم إشارةً حقيقيةً في الكواشف، مسببًا شعورًا وهميًا بأنها تلقت ضوء من مصدر خارجي. يمكن أن تشوش هذه الإشارات الكاذبة على الإشارات الحقيقة التي يريد رواد الفضاء إيجادها. بما أن درجة الحرارة مقياس للسرعة التي تهتز بها الذرات في الكاشف، فإنَّ خفض درجة الحرارة يعني اهتزاز أقل، والذي يعني بدوره تيار مظلم أقل.

تجعل قدرة MIRIعلى التقاط أمواج أطول للإشعاع تحت الأحمر منه أكثر حساسية للتيار المظلم، ولهذا يجب أن يكون أكثر برودة من الأجهزة الأخرى للتخلص كليًا من هذا التأثير. كلما ازدادت درجة الحرارة درجة واحدة يتضاعف التيار المظلم حوالي عشرة أضعاف.

بدأ العلماء بعد وصول MIRI لحرارة 6.4 كيلفن المنخفضة جدًا سلسلة من التحققات للتأكد أن الحساسات تعمل كما هو متوقع. كطبيبٍ يبحث عن إشارة لمرض، ينظر فريق MIRI للبيانات واصفين صحة الجهاز، ثم يعطون للجهاز سلسلة من الأوامر لمعرفة ما إذا كان ينفذ المهام على نحو صحيح. هذا الإنجاز هو تكريم لعمل العلماء والمهندسين في مؤسسات عديدة إضافةً لJPL، ونورثروب غرومان-Northrop Grumman الذي بنى المبرد، ومركز غوددارد-Goddard للطيران الفضائي التابع لناسا، والذي تحقق من تكامل MIRI والمبرد مع بقية التلسكوب.

«أمضينا سنوات ونحن نستعد لهذه اللحظة، لحظة إجراء الأوامر والتحققات التي أجريناها على MIRI»، قال مايك ريسلر-Mike Ressler، وهو عالم مشروع الMIRI في JPL. «كان ذلك أشبه بنص فلم: كل ما كان من المفترض أن نقوم به كُتب وكُرر. عندما وصلت نتائج الاختبار غمرتني السعادة عندما رأيت أنها تطابق ما توقعناه بالضبط وأنه بحوزتنا جهاز يعمل بشكل صحيح».

لا يزال هنالك المزيد من التحديات التي سيتوجب على الفريق مواجهتها قبل إمكانية بدء MIRIمهمته العلمية. والآن بما أن الجهاز في حرارة التشغيل سيلتقط الفريق صورًا تجريبيةً للنجوم والأمور المعروفة الأخرى التي تستخدم لضبط الجهاز والتحقق من عملياته وأدائه. سيجري الفريق هذه التحضيرات إلى جانب ضبط الأجهزة الثلاثة الأخرى، مقدمين أول صور ويب العلمية هذا الصيف.

«أنا فخورٌ جدًا لكوني جزء من هذه المجموعة التي تضم علماء ومهندسين شديدي الاندفاع والحماس من الولايات المتحدة وأوروبا»، قال أليستر غلاس-Alistair Glasse، وهو عالم جهاز MIRI في مركز المملكة المتحدة لتقنية الفلك (ATC) في إيدينبرغ، سكوتلندا. «هذه الفترة هي «امتحاننا بالنار» لكنه يبدو جليًا لي أن ما بنيناه على مر السنين من روابط شخصية واحترام متبادل سيمكننا من اجتياز الأشهر القليلة القادمة لنقدم جهازًا رائعًا لمجتمع الفلك عالمي النطاق».

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1