مشكلة عويصة! ذهب العلماء إلى أقاصي الأرض ولم يعثروا على شيء

إذا كنت تريد أن ترى بعضًا من أقسى الكائنات الحية وأكثرها قدرة على التحمل على هذا الكوكب، فستحتاج إلى مجهر. يمكن للميكروبات – البكتيريا، والأميبيا، وما إلى ذلك – أن تعيش في أي مكان تقريبًا، من قاع المحيط إلى قمة أعلى جبل. هناك تريليونات منها في جسمك الآن، ويمكنها البقاء على قيد الحياة في الفضاء البارد.

لذا يمكنك أن تتخيل كم كانت المفاجأة بالنسبة لنوح فيرير وفريقه من علماء البيئة الميكروبية عندما وجدوا مكانًا لا توجد فيه حياة ميكروبية على الإطلاق.

كتب الفريق في دراستهم التي نُشرت الشهر الماضي في مجلة البحوث الجيوفيزيائية: العلوم الجيولوجية الحيوية: “لقد تمّ اكتشاف ميكروبات قابلة للحياة حتى في أكثر البيئات قسوة، ومن المفترض أنّ جميع البيئات على الأرض يجب أن تحتوي على كائنات دقيقة يمكن اكتشافها”.

“هذا الإفتراض غير صحيح على الأرجح!”

ونظرًا لانتشار الميكروبات في كل مكان في جميع أنحاء الكوكب، لم يكن العثور على مكان لم تستعمره هذه الميكروبات بالفعل أمرًا سهلاً. في الواقع، كان على الباحثين أن يذهبوا على طول الطريق إلى نهر شاكلتون الجليدي في القارة القطبية الجنوبية، حيث يجتمع المزيج الفريد من الظروف الباردة والجافة والمالحة لتكوين واحدة من أقل البيئات ملاءمةً للحياة على وجه الأرض.

وأوضح نيكولاس دراغون، المؤلف المشارك في الدراسة، في مجلة Science News: “إنها مجموعة من الظروف البيئية المتعددة الصعبة للغاية التي تقيّد الحياة بشكلٍ أكبر من مجرد ظرف واحد يؤثر بمفرده”. “إنه نوع مختلف تمامًا من القيود من مجرد ارتفاع درجة الحرارة على سبيل المثال”.

وباستخدام مجموعة من الإختبارات، حلل الباحثون أكثر من 200 عينة من التربة من المنطقة بحثًا عن دليل على وجود حياة مجهرية. وفي حين أنّ الغالبية العظمى منها تحتوي على ما يكفي من الميكروبات ليتمكن الفريق من اكتشاف وتصنيف الأنواع المختلفة، فإن 20% من عينات التربة لم تُظهر أي حمض نووي ميكروبي على الإطلاق.

“نحن لا نقترح أننا وجدنا تربة” هامدة “أو” معقّمة “، كما أننا لم نحدد عتبة درجة الحرارة المنخفضة للحياة”. “ومع ذلك، فإن عدم قدرتنا على اكتشاف الميكروبات أو النشاط الميكروبي في بعض أنواع التربة يشير إلى أنّ هذه التربة السطحية تشكّل حدًا للنشاط الميكروبي وذلك مدفوعًا بالظروف البيئية الباردة والجافة والمالحة”.

الآن، اكتشاف أنّه ليس هنالك شيء، في الأساس، قد لا يبدو مشكلة كبيرة، لكنّه في الحقيقة كذلك. كما ترون، الميكروبات هي واحدة من أفضل رهاناتنا في البحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وقد أصبح الكثير من علماء الأحياء الفلكية متحمسين جدًا مؤخرًا بشأن احتمال وجود مجموعة من المخلوقات المجهرية على سطح المريخ. ولكن إذا كانت هناك أماكن على الأرض لا يمكن العثور على ميكروبات فيها، كما يقول فيرير وفريقه، فربما لن يكون من السهل العثور عليها على المريخ.

توضّح الورقة أن مجموعة الظروف الموجودة في التربة السطحية لنهر شاكلتون الجليدي، تشبه تلك الموجودة على سطح المريخ. “بالنظر إلى أن تربة المريخ أقدم بكثير، وتعاني من ظروف مماثلة أو حتى أكثر قسوة، وتحتوي على تركيزات أعلى من نفس الأملاح. تشير نتائجنا إلى أن البحث عن حياة نشطة في التربة السطحية على المريخ من غير المرجح أن يؤدي إلى نتائج إيجابية”.

ومن ناحية أخرى، ربما لا ينبغي لنا أن نفقد الأمل. قد يكون العثور على الحياة على المريخ أمرًا بعيد المنال، لكن العثور على الحياة على الأرض أمٌر سهلٌ جدًا بشكلٍ عام، ولهذا السبب يعتقد البعض في المجتمع العلمي بأنّه لابد أن نتائج الدراسة تعطي سلبية خاطئة.

وقال جيف بومان من معهد سكريبس لعلوم المحيطات، والذي لم يشارك في البحث، لمجلة ساينس نيوز: “بالتأكيد كان هنالك بعض الأشياء هناك”. هذه هي الأرض.

“إنّها بيئةٌ مليئةٌ بالحياة بشكلٍ كبير”.

  • ترجمة: نغم تركية
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1