بوجود علم النفس التكنولوجي عام 2067 سيكون الجميع متألقًا وسعيدًا

أود أن أشكركم جميعًا لحضور احتفال عيد ميلادي الستين. أنا واثق بأنكم جميعًا تشعرون بالشباب كما شعرتم به من قبل. إنني أشعر بالعظمة! دعونا جميعًا نتوقف للحظة لنحتفل بعلم التكنولوجيا النفسي!

فالزينة والشامبانيا ليسا الشيء الوحيد الذي يتألق، فنحن نتوهج ونتألق كما لم نتألق من قبل. هذه المشروبات الرائعة التي لدينا هي علاج نفسي رائع للأعصاب. إذا كانت رفاهية البشر مقترنة بوصولنا إلى الإبداع والذكاء، فإننا نزدهر الآن أكثر بكثير من أحلام الأجيال السابقة.

إذ أن طفلًا في الصف السادس الآن يتقن التفاضل والتكامل وينتقد أعمال أفلاطون، تمامًا كما كان طالبًا في الجامعة يفعل في بداية الألفية الثانية. يعمل الباحثون 16 ساعة في كل يوم وينامون لثلاث مراتٍ بشكلٍ كافٍ كما فعل آباؤهم من قبل، ثم يستيقظون نشيطين ومتحمسين ليبدؤوا في الساعة الـ 2:30 بالإضافة إلى ذلك، يتفوق الرياضيون بشكلٍ كبير على الأوليميبين الذين سيعيشون في جبال أولمبس في عام 2030.

كما أن الجماهير الاعتيادية التي تساعد بالعديد من الأشياء تقدر أعمالها الرائعة بصفاء رائع للرؤية وفهم العميق. كما أننا نتفوق بالفنون والشعر والرقص بل وحتى في حرفنا على الفنانين اللامعين في القرن الماضي. ويضاعِف هذا الجمال بذاته الجماهيرُ على زيادة استمتاعهم بالتفاصيل.

وإذا لم تكن سعادة البشر بالوصول للإبداع والذكاء مقتصرة على إيجاد السعادة والهدوء والرضا في الحياة في حين نستطيع أن نحوز تلك الاشياء كما لم نستطع من قبل، فبإمكان الأدوية والمشروبات والعلاجات النفسية أن تُذهب كل مزاجٍ سيء فليذهب القلق الى الجحيم! وليذهب التذمر وعدم الرضا أيضًا! ولتُقبِل بهارات الحياة المؤقتة لنوازن فيها حلاوة الحياة.

فإذا لم تكن راضيًا عما تكون أو عن شريكك في الحياة أو عن أطفالك أو عن عاتقك في عملك، بل وحتى إذا كانت شقتك التي تبلغ مساحتها 2000 كم² تبدو صغيرة، فعليك أن تغير من إعدادات عقلك وقلبك العاطفية. لا يجب أن تشتكي إلا إذا أردت ذلك. ومن بحق السماء يريد أن يشتكي؟

ليذهب الغضب والقساوة واللا أخلاق والصراع المرير إلى الجحيم أيضًا؟ يمكن للعالم أن يوجد بدون حروب أو أحزاب هندية مجرمة أو بدون تلك الإبادة الجماعية التي حصلت في دولة رواندي الأفريقية. كما يمكن أن يكون بدون عنف العصابات أو الاغتصاب أو بدون تعفن المحاصيل في المنازل بينما العديد من الناس يموتون جوعًا.

نحن أكثر عقلانية وواقعية لأننا نسمح بهذا بمساعدة علم النفس التكنولوجي. يمكن لهذه المخاوف أن يطويها التاريخ يمكن أن تطبع هذه المخاوف في التاريخ كما لو أنها كابوس قد استيقظنا منه، وبذلك نكون أكثر تطورًا من البلدان النامية ذوي التكنولوجيا النفسية المتواضعة. أشعر باختلال توازن فكري قليلاً تجاه من ينكرون ذواتهم. حسنا سأرتشف بعضا من المهدئات، هذا أفضل!

إننا نطور الجانب البوذي والرواقي منا. وكما لاحظ الفلاسفة القدماء بأنه لطالما وُجدت طريقتان للتعامل مع الحياة إذا لم تلائم رغباتك: إما برغبة لتغيير العالم -إذ كل نجاح يولّد رغبة جديدة وبالتالي تجعلك بدون سعادة كما كنت- وأما أن تضبط رغباتك بحكمة لتلائم هذا العالم كما هو لتجد السلام الداخلي. لقد قدمت التمارين التأملية القديمة مثل هذه السلام الداخلي ولكن بشكلٍ متقطع غير متكامل والذي بدوره كان مُنجزًا من الناحية الروحية.

أما السلام الداخلي في وقتنا الحاضر فقد أصبح ديمقراطيًا. إذ عليك أن تحرّف اتصالًا يجري عبر محفز لدماغك أو تعيد ضبط مشروبك الصباحي.

تؤدي كل نظرية فلسفية إلى نفس النهاية. نحن إلى الآن الجيل الأفضل في التاريخ والأسعد والأكثر صحة وإنتاجية وأخلاقية والأطول عمرًا. يا له من وقتٍ عظيم لنعيشه به! وما زال هذا المسار في صعود ورقيٍّ بما أننا نستخدم الطاقة البديلة والمهارات والحكمة. سيعيش أطفالنا وأحفادنا حياةً أفضل. وبصراحة لست معجبًا فقط في الحالات التي نعيشها فحسب، بل إنني معجبٌ أكثر بهذا التسارع العظيم نحو القمة التي تشهده الإنسانية. إنني أشفق بحق على جيل أجدادنا فقد جروا أنفسهم إلى حالة وجعٍ وتعبٍ خلال مهام لم تكن ممتعه بالنسبة لهم. كما أنهم كبتوا مرارة العيش والكره في داخلهم. ودمروا أنفسهم من خلال القرارات الغبية التي كانت تغيرها الأكاذيب المدمِّرة. وبالحديث عن الأكاذيب المدمرة. لا أستطيع منع نفسي عن قول كلمة نقد ضد الأقلية الصفائية. التي ترفض علم النفس التكنولوجي. علي أن أنهي خطاب عيد الميلاد هذا بدون إطناب، لقد كنتم صبورين بما فيه الكفاية.

أشعر باختلال توازن لفكري قليلًا تجاه الذين ينكرون على ذواتهم أو أطفالهم محاسن علم النفس التكنولوجي. مرة أخرى، قليلًا من هذه المهدئات الرائعة، هذا أفضل.

كما يستحق المتشككين في علم النفس التكنولوجي حبنا وهؤلاء الذين يريدون أن يرموا بالعالم من أعلى سفح الجبل. كلهم يستحقون حبنا.

هنالك شيئان يراهما المتشككون بصورة صحيحة. أولًا: يقولون بأن الغضب والمرارة وعدم الرضا والكره قد أدى إلى التمرد ومن ثم إلى تغيير المجتمع. ثانيًا: يقولون بأننا نفقد جمال بعض الأشياء عندما نفتقد للسعادة. لكنهم يضعون حملًا ثقيلًا.

أتصدقون بأنهم يدعوننا بالخراف لمجرد أن نكون سعداء عندما نعطي الحكومة ورؤساء العمل والعملاء ما يقع على عاتقنا تجاههم؟! كما يتهموننا بتقبلنا لأي شيء يعكر صفو مزاجنا، وبموافقتنا على الأشياء بسهولة. وخسارتنا للتجارب البشرية الأساسية مثل الحزن واليأس والغضب والوحدة.

يمكن أن نكون أقل حرية من أجدادنا. اذ تختار الشركات والحكومات من يعيش ليقودنا ونحن نقبل بحكمتهم دون خوض في النقاش والقتال للسلطة. كم تساوي ثمن هذه الحرية؟! ربما القليل فقط. لكنها بالتأكيد لا تساوي تاريخًا كاملًا من الشر. إذ لمن الوحشية أن نقترح شيئا آخر.

تُشترى رغبة المشككون لحرية التكنولوجيا بتكلفة خاصة، وهذه التكلفة هي رفض علم النفس التكنولوجي أو بإعادة فرض الحروب والمجازر والمجاعات وكافه أنواع القساوة والكره. هل تعجز عن إيقاف قاتل لكونك تقدر قيمة حرية القاتل ليقتل؟! أو أن تسمح بتلك المحرقة؟! (محرقة اليهود التي حدثت أيام الحرب العالمية الثانية).

أما من منظار آخر، فنحن أحرار بشكلٍ مطلق. فإننا نكنّ بالولاء لمن يقودنا. ونشعر بالرضا الكامل النابع من قلبنا، حتى وإن كان هناك بعض التغيير الذي أحدثه علم النفس التكنولوجي. إذ إننا لا نشعر بأننا مكرهين لأننا نفعل ما نريده. والذي بدوره يتوافق بانسجام كامل مع ما يريده المجتمع منا.

قد نكون سطحيين بطريقة ما أو بأخرى. قد تكون أرواحنا ليست بظلام وعمق أسلافنا السوداويين. لأننا نرثي من نحب لوقتٍ قصير فقط. نحن نعرف ما تكون عليه الكآبة والكره واليأس والإرهاب ولكن فقط خلال خيال ومسرحية أو تجربة حقيقية لوقت قصير. لا نضطر للصراع شهرًا بعد شهر بدون العدول عن المآسي. لا يوجد هاملت (شخصية رواية شكسبير الشهيرة التي كانت تعيسة في حياتها) بيننا.

إذا كان هذا ما يعنيه العمق فأظن أننا أفضل بدونه. إذ يجب أن يرفض علم النفس التكنولوجي التمرد وسوء المزاج والتفكير الحر الطليق. بالإضافة لكوننا همجيين وغير سعداء وغير عمليين مثل رعاة البقر وبطل الأفلام والشاعر السكّير والعاشق المفطور قلبُه. صحيح بأن البشرية تخسر نوعًا معينًا من الجمال المأساوي في تسليم كل هذه الشخصيات للتاريخ، لكن حياتنا ليست عبارة عن عمل فني لتُقيّم. وأقول لمن يرفضون التعزيز النفسي: جرب التكنولوجيا، كيف يمكن أن تنكر مبررًا بينما لازلت في جهلك. ثق دائمًا بمن يختار إحدى الحسنيين. نادرًا ما يختار المتشككين بعلم النفس التكنولوجي الرجوع إلى وضعهم الأسبق بعد تجربة هذا العلم.

لمَ الغضب والسذاجة المملة إن كنت قد اكتشفت سعادتنا وتركيزنا وذاكرتنا المطورة؟

لا يوجد شيء يمكن أن يبرر هذا القتال. ولا شيء لنتمرد عليه. فلم تعني كلمه اللامساواة في المجتمع القديم سوى الحرمان والمعاناة. كل النماء المعزز هو مجاني لجميع المواطنين أو القانطين، بل وحتى الضيوف فيها. تتأكد الحكومة من وجود معايير خاصة للمعيشة كالطعام والمسكن والتعليم على الرغم من أن بعض الناس أكثر فراغ من الآخرين. حيث لا يوجد سبب للتمرد. بإمكانك أن تكون شخصًا مستقلًّا بذاتك إذا أردت. ارسم طريقًا بالوحدة وتأمل على أصابع قدميك، بل وحتى اخلق فنًّا خاصًّا بك لا يراه أحد. إذا شعرت بالسعادة بفعل ذلك، فهذا شيءً عظيم. إذ يمكن للمجتمع أن يتساهل مع أنانية كهذه إذا لم تتخطّ الحدود. لكن يخترع العديد منا طرقًا عديدة.

لماذا عليك اختيار النهايات الحزينة بينما بقليل من التغيرات التي يمكن لعلم النفس التكنولوجي أن يخلق سعادة عظيم من كونك معلماً أو حتى مهندساً تساهم بفعل الخير بكامل أشكاله دون فقدان أي جزء من السعادة؟ ما هي الغاية من كل هذه السلبية؟

أنتم أيها الصفائيون، يا من ترفضون علم النفس التكنولوجي. ستتوغلون في الظلمة الحالكة. أنا مرتبك جدًا بعنادكم لكن لا يجب على المجتمع أن يهابكم.

عند طرح الأخبار الجديدة، لابد من الأشخاص الذين يريدون الوحدة أن يكونوا في الصف الأخير. إنه لمن المعقول أن يكتسب الناس الإنتاجيون المنفعة الاكثر. وإذا لم يكن أحد مستعدًا بذلك.. حسنا.. كلنا نعرف الحل.

ها هو صديقي بأول يأتي بالكعكة.

يا لها من زينة عظيمة عليها! كيف يمكن بهذه الشموع أن تتوهج. أنت تبدو رائعا يا باول.

لقد علمتُ أمنيتي مسبقاً. لكن قبل الأمنية يجب أن أقول بعض آخر الكلمات. سأخاطب الأشخاص الذين مازالوا في شك وتردد تجاه علم النفس التكنولوجي والذين قد يكونون في هذه الغرفة أو خارجًا يتابعونني من بث مباشر: ستداومون في الظلام. أنا مرتبك بعنادكم. لكن لا يجب على المجتمع أن يهابكم. ستفقدون كافة أشكال المنافسات معنا لأن التكنولوجيا الخاصة بنا تطورنا باستمرار.

هؤلاء من يرفضون العلاج العصبي وتعزيز الإدراك وتنظيم المزاج في العمل ويستعملون تلك التكنولوجيا في نهاية غير ملائمة، سيكون أداؤهم ضعيف التأثير. فإذا كنت بائعًا يرفض علم النفس التكنولوجي ستكون بطيئًا بشكل تافه جدًا ووجه غير سعيد للزبائن. وإذا كنت ممرضًا ستكون بطيئًا مثله تمامًا وغير سعيد. بل سيهمك الأمر حينها أكثر لأن الشخص سيتساءل حينها لم عليه أن يختارك.

اذهب واعمل عملًا حرًّا، ستجد نفسك فشلت أيضًا. لا يوجد محامي أو مهندسَ كهربائي أو فنان يرفض التكنولوجيا إلا ويجب أن يتوقع أن ينافس الزبائن بفعالية في ذلك السباق الطويل.

أنت تعلم هذا مسبقًا حتى وإن كنت رافضًا لهذه الفكرة. حتى وأنت متمسك بخيط الأمل هذا راكضًا إلى الزوايا المعتمة في المجتمع. حيث أظن أن الناس المعززين يملكون فرصة. لقد كان كل شيء واضحًا. إذ كان رافضي علم النفس التكنولوجية يفشلون في مهامهم ومهنتهم يومًا بعد يوم.

يمكننا أن نعانق علم نفس التكنولوجيا ونستمتع بفائدته العظيمة على حساب التخلي عن الغضب والجمال المأساوي. أو بإمكاننا أن نرفض هذا العلم ونكون من الأغبياء وغير السعداء. الخيار هنا واضح.

لا زلت أرفع قدرتي على الشرب إلى طاقات وسعادة لم أجد لها مثيل. بإمكاننا أن نحتفل بدون إعياء طوال الليل.

أمنيتي في عيد ميلادي هي أن يتلألأ ويتألق كل شخص كما سنفعل الليلة بل وأكثر في السنين العشرة القادمة أو العشرين أو حتى المئة.

  • ترجمة: عمر سخيطة
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1