آلاف الأنواع من الأشجار ما تزال مجهولةً للعلم

يشير بحث جديد إلى أنّ هناك أنواع أشجارٍ أكثرَ بـ 14% مما كان يُعتقد سابقًا.

قد تحتوي غابات العالم على أسرار أكثر من التي يُعتقد بها سابقًا؛ فالتقدير العالمي الجديد للتنوع البيولوجي للأشجار يشير إلى أنّه يوجد قرابة 9200 نوعٍ من الأشجار لم يُكتشف بعد. ونُشر في البحث الجديد في وقائع الأكاديمية الوطنيّة الأميركية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences USA) أنّه من المحتمل أن توجد معظم هذه الأنواع في المناطق الاستوائية.

على الرغم من صعوبة فقدان الأشجار، إلّا أنّه من الصعب أيضًا تحديد كميّتها؛ فليس من السهل دائمًا تمييزها. يقول عالِم بيولوجيا الحفظ في جامعة ويك فورست (Wake Forest University)، مايلز سيلمان، والذي لم يشارك في هذه الدراسة الجديدة، أنّ: «ارتفاع الأشجار يبلغ مئات الأقدام وتتداخل مع أشياء أخرى؛ فتبدو متشابهة [الأنواع]. وإنّها فئة نادرة من الأشخاص الذين يجلسون في البرية لأشهرٍ متتاليةٍ ويراقبون كل شجرة».

وقد اعتمد البحث الجديد على جهود المئات من بينها الفئة النادرة من جميع أنحاء العالم. وصنّف المشاركون الأشجار إلى مجموعتين ضخمتين من البيانات: الأولى وهي المبادرة العالمية للتنوع البيولوجي للغابات (The Global Forest Biodiversity Initiative) التي تسجّل كل الأنواع الموجودة على نطاقٍ واسعٍ في مساحات الغابات الموثّقة على الكوكب. أمّا المجموعة الأخرى “TREECHANGE”؛ فهي تجمع مشاهدات الأنواع الفرديّة.

واستخدم مؤلفو الدراسة قواعد البيانات هذه لحساب أنّه هناك ما يقارب من 64100 نوعٍ من الأشجار المعروفة على الكوكب، أكثر من التقديرات السابقة التي بلغت 60000 نوعٍ تقريبًا. ووجد الفريق أنّ لدى أميركا الجنوبية أعلى تنوعٍ بيولوجيٍ للأشجار يتمثّل بنسبة 43% من الأنواع، تليها أوراسيا بنسبة 22%، وأفريقيا بنسبة 16% أمّا أميركا الشماليّة فلديها 15% من هذا التنوّع، وأقلّ نسبة 11% تتواجد في أوقيانوسيا.

وقدّر الباحثون استقرائيًّا من عدد الأشجار النادرة الموجودة سابقًا في قواعد البيانات، للوصول إلى تقديراتهم، بأنّ هناك 9200 شجرة ما زالت غير معروفة. وقد قالت عالِمة بيئة الغابات الكمية في جامعة بوردو، والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، جينغجينغ ليانغ، أنّهم استخدموا هذه الاستراتيجيّة لأنّ معظم الأشجار غير المعروفة على الأرض قد تكون من الأنواع النادرة وأنّها توجد بأعداد محدودة على مساحاتٍ جغرافيّةٍ صغيرةٍ.

وتقول ليانج إنّ نتيجة الفريق هي «تقدير متحفّظ بعض الشيء»، لأنّ العلماء لا يعرفون كثيرًا عن هيمنة الأشجار النادرة في أماكن مثل الأمازون، إذ يمكن أن تستضيف الأماكن غير المستكشفة تجاويفًا لأنواعٍ غير عاديّة والتي لا توجد في أي مكانٍ آخر. «إذا كان بإمكاننا تركيز المصادر وخبرة مخزون الغابات والمال على هذه الغابات المطرية في الأمازون وبورنيو، عندها سنكون قادرين على تقديرها بثقة أكبر».

كذلك يقول سيلمان إنّه من المحتمل أن تكون نتائج الدراسة أقل من الواقع. وقد استخدم هو وزملاؤه طرقًا محليّة مبنيّة على المسح الميداني لتقدير وجود 3000 نوعٍ على الأقل وربّما أكثر من 6000 شجرة غير معروفةٍ في حوض الأمازون وحده. ويضيف أنّ أنواع الأشجار غالبًا ما تُجمع معًا بناءً على مظهرها وبالتالي قد تؤدّي تقنيات التحليل الجيني الجديدة إلى اكتشافٍ عادلٍ للمزيد من التنوع البيولوجي.

ويتساءل البيولوجيّ في كليّة كينيون، درو كيركهوف، والذي لم يشارك بالدراسة، عن عدد الأشجار غير المعروفة والتي قد تنقرض قبل أن يكتشفها العلماء. ويقول: «على العكس من ذلك، كم عدد تلك التي ما زالت غير معروفة للشعوب الأصليين في أحواض الأمازون أو الكونغو أو التي كانت معروفة للشعوب والحضارات المُنقرضة الآن بفعل الاستعمار أو الأمراض أو الإبادة الجماعيّة أو الاندماج؟ وكم عدد العينات المجفّفة الموجودة في خزانة الأعشاب الخاصّة؟».

وبحسب كيركهوف فإنّ البحث عن أنواعٍ جديدة لن يُخبرنا فقط عن الحفظ بل عن علم التطور الأساسي الذي يكشف كيف ولِم تتنوّع الأنواع وتموت. ويضيف: «إنّ حقيقة أن هناك آلاف الأنواع من شيء مشترك مثل الأشجار ما زال ينبغي اكتشافها، أجدها مصدر إلهامٍ جذّاب».

  • ترجمة: فاطمة قنبر
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1