التوصل لعلاجٍ جيني يجعل خلايا الجلد تبدو أصغر بأكثر من أربعين عام

تعرف الشيخوخة على أنها التدهور التدريجي في وظيفة الخلايا والأنسجة بمرور الوقت. وتتميز بعدد من العوامل المختلفة، بما في ذلك استنزاف التيلومير (نهاية الكروموسومات التي تربطها في بعض)، وعدم الاستقرار الجيني، واختلال البروتينات (بروتينات غير مطوية).

يمكن قياس تطور بعض التغيرات المرتبطة بالعمر واستخدامها للتنبؤ بالعمر عند البشر.

تعد إعادة برمجة الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPSC) عملية يمكن من خلالها تحويل أي خلية إلى حالة شبيهة بالخلايا الجذعية الجنينية. إذ يمكن تصنيع الخلايا الجذعية الجنينية في أي خلية. وبالتالي يمكن لـ iPSC عكس التغييرات المرتبطة بالعمر، بما في ذلك استنزاف التيلومير والإجهاد التأكسدي.

وقد اشتهر نموذج مبكر من هذه التقنية استخدم على النعجة «دوللي»، وهي أول حيوان ثديي مستنسخ من خلية جسدية بالغة في عام 1996.

ومع ذلك، تؤدي إعادة برمجة الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات iPSC إلى فقدان هوية الخلية الأصلية ووظيفتها. وتشير الأبحاث إلى أن مناهج هذه العملية قصيرة المدى قد تحافظ على هوية الخلية وتعكس التغييرات المرتبطة بالعمر في الفئران.

إن فهم ما إذا كان باستطاعة هذا النهج الجزئي iPSC أن يجدد الخلايا البشرية، فإنه يمكن أن يساعد الباحثين على تطوير علاجات جديدة للحالات الصحية المرتبطة بالعمر، بما في ذلك أمراض القلب والسكري والاضطرابات العصبية.

طبق الباحثون تقنية الخلايا الجذعية المستحثة المتعددة القدرات iPSC الجزئية على خلايا الجلد متوسطة العمر في دراسة حديثة. ووفقًا للقياسات الجزيئية، وجدوا أن الخلايا أصبحت أصغر سنًا بما يصل إلى 40 عامًا، بما في ذلك ساعات مثيلة الحمض النووي (وهي عملية بيولوجية تُضاف فيها مجموعات الميثيل إلى جزيء الحمض النووي) والترنسكريبتوم (مجموعة كل جزيئات ال RNAبأنواعها).

قالت الدكتورة إينيس ميلاجري، من معهد غولبنكيان دي سينسيا في البرتغال، وأحد مؤلفي الدراسة، لموقع Medical News Today: «لقد بينّا أنه باستخدام هذه التقنية يمكننا تجديد الخلايا في المختبر».

وأضافت: «يبدو أن هذه الخلايا تشبه إلى حدٍ كبير الخلايا الأصغر – بصورة جزئية على الأقل- في الوظائف التي اختبرناها مثل إنتاج الكولاجين وفي فحوصات التئام الجروح».

قال البروفيسور ديفد جي كتلر أستاذ علم الوراثة البشرية في كلية الطب بجامعة إيموري، والذي لم يشارك في الدراسة، لموقع MNT: «هنا يزعم المؤلفون أنهم إذا حاولوا صنع خلايا iPSCs من الجلد، مع إيقاف العملية لدرجة معينة أثناء حدوثها، فإنهم يحصلون على خلايا الجلد ذات الخصائص المشابهة لخلايا الجلد من الأشخاص الأصغر سنًا».

وأضاف: «مثل هذا الادعاء المذهل يتطلب أدلة أكثر بكثير مما تقدم هنا».

تجديد خلايا الجلد

قدم الباحثون نواقل فيروسية لخلايا الجلد من ثلاثة متبرعين متقدمين بالعمر جينيًا تتراوح أعمارهم بين 45 و49 و55 عامًا للدراسة. أجبرت النواقل الفيروسية على التعبير عن أربعة بروتينات تعرف باسم عوامل Yamanaka التي يمكن أن تحفز تكوين الخلايا الجذعية.

ومع ذلك، بدلاً من تعريض الخلايا للنواقل الفيروسية لمدة 50 يومًا اللازمة لإعادة البرمجة الخلوية الكاملة، قاموا بإزالة الخلايا بعد 10 أو 13 أو 15 أو 17 يومًا. فعند قياس عمر مثيلة الحمض النووي للخلايا، وجدوا أن التعرض لمدة 10 أيام قلل من العمر الخلوي بمقدار 20 عامًا و17 يومًا من التعرض بمقدار 40 عامًا.

كما أبلغوا عن نتائج مماثلة للإجراءات الخلوية الأخرى، ووجدوا أيضًا أن الساعات اللاجينية الأخرى قد تتجدد لاحقًا في عملية إعادة البرمجة، مما يشير إلى أن تجديد الخلايا الخلوية يحدث على مراحل.

وأشاروا كذلك إلى أنه بعد 17 يومًا، من المحتمل أن تدخل الخلايا «مرحلة استقرار» حيث لن يحتفظوا بهويتهم الأصلية.

نتائج غير أكيدة حتى الآن

أوضح الدكتور كاتلر عندما طُلب منه التعليق على النتائج، أن مقاييس ساعة التخلق الجيني قد لا تعكس كيفية تصرف الخلايا في جسم الإنسان. وقال: «يدعي المؤلفون أن خلايا الجلد المعالجة تشبه خلايا جلد الأشخاص الأصغر سنًا أكثر من خلايا كبار السن»، «ومع ذلك، سواء كانوا أقرب إلى شخص أصغر أو أكبر سنًا فهو اقتراح بنسبة 50:50».

«هناك فعلًا القليل من الأدلة على أن هذه الخلايا حقًا أصغر سنًا أو قد تتصرف مثل الخلايا الأصغر سنًا إذا وضعت في الإنسان. وقد وجدوا أن خلايا الجلد المعالجة تشبه إلى حدٍ كبير خلايا الجلد الأصغر في عدد قليل من الطرق الغريبة جدًا التي قاموا بقياسها.

أكدت الدكتورة ميلاجري قائلًا: «إنها بالغة الأهمية ما يستدعي أن نُقر أن هذه ليست سوى تجربة إثبات المبدأ»، «أُجريت في طبق، في البيئات المختبرية، لمعرفة ما إذا كان من الممكن على الإطلاق تجديد الخلايا».

«يمكن أن تكون النواقل والبروتينات المستخدمة في هذه الدراسة خطرة على الخلايا الطبيعية، ولها قدرة على تحويلها إلى خلايا سرطانية. هذه ليست سوى الخطوة الأولى، وهي بعيدة كل البعد عن الحل السريري».

التوجهات المستقبلية

قال الدكتور كاتلر عند سؤاله عن الكيفية التي يمكن أن تسهم بها هذه النتائج في علاج الحالات المرتبطة بالعمر، مثل أمراض القلب والسكري والاضطرابات العصبية:

«هذا البحث تمهيدي للغاية ومن غير المحتمل بعض الشيء، بحيث لا يتم التعامل معه بجدية خاصة في هذه المرحلة. تعد أبحاث الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات iPSCمن أهم الأبحاث الجارية في المجال الطبي. إذا نجحت هذه التقنيات حقًا وكانت قابلة للتعميم، فيمكنها تبسيط عملية الحصول على خلايا جديدة لنعيدها إلى المريض».

الهدف التالي للباحثين هو معرفة ما إذا كانت التكنولوجيا تعمل أيضًا على أنسجة أخرى، مثل العضلات والكبد وخلايا الدم.

إذ إنهم يأملون في نهاية المطاف أن تساهم النتائج التي توصلوا إليها من خلال جهودهم المبذولة لإطالة الامتداد العمري الصحي للإنسان بدلاً من العمر الافتراضي حتى يتمكن الناس من التقدم في السن بصحة أفضل.

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1