لا تعمل الكارما مثلما يعتقد معظم الناس

العادات والتقاليد الشرقية لها وجهات نظر معقدة حول كيفية تأثير الكارما في حياتك.

إنّ الكارما ليست مجرَّد عقاب على الأفعال السيئة التي يقوم بها الإنسان. فالعادات والتقاليد الشرقية تنظرُ للكارما على أنها جزءٌ من دورة الولادة والبعث من جديد، ويمكن للأفعال والنوايا الإيجابية والسلبية أن تؤثر فيها.

إن خبر إصابة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب-Donald Trump» بفيروس (COVID-19)، أدى لانتشار نظرية الكارما على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الرئيس الأمريكي قلَّل من أهمية الفيروس، وسَخِر علناً من ارتداء الكمامة، وتبادل معلومات مُضللة، وعقد فعاليات واسعة الانتشار تضم آلاف المتابعين.

لكن ماحدث له لم يكن بالضرورة كارما (أو على الأقل لا يمكننا معرفة ذلك بالتحديد)، فمن المحتمل أن الكارما ليست كما تعتقد.

فالكارما ليست مجرد آلة أو وسيلة يقوم من خلالها الكون بانتقام قوي للأفعال السيئة لشخصٍ ما؛ فهي ليست مجرد حظ أو حتى قدر. الكارما هي كلمة سنسكريتية تعني (القيام بأمرٍ ما)، وتتحدث عن الدورة الروحية للسبب والنتيجة.

إنّ النوايا والأفعال الجيّدة التي تقوم بها ينتج عنها كارما جيدة، بينما الأفعال والتصرفات السيئة تؤدي إلى كارما سيئة.

لاحظ أن الكارما ليست بالضرورة أن تكون سلبية أو سيئة، فهي قانون عواقب أكثر من كونها مكافأة أو عقوبة معينة.

وترتبط هذه الفكرة مع فكرة السامسارا (Samsara) التي ظهرت أيضًا في الهند، وتعني التجوال أو الحركة المستمرة.

للكارما أهمية في المعتقدات الهندوسية، البوذية، الجاينية، السيخية، والطاوية. وتشير للإيمان بأنّ كل الكائنات الحية تمرُّ بدورة الولادة والبعث والتي قد تستمر للانهاية.

بالنسبة للتفاصيل المعتمدة على الدّين؛ فإن نوع الكارما التي تتراكم في الحياة (دورة الكارما)، قد تؤثر على مستقبل حياتك الحالية والقادمة أيضاً.

تنتقل الروح بعد الموت جالبةً أثر الكارما من الحياة التي انتهت للتو إلى الحياة الجديدة. وعلى العكس من ذلك، فمن المهم ملاحظة أن الكارما التي تقوم باختبارها اليوم ليست فقط نتاج أفعالك في الحياة، بل على ما حدث في الماضي.

إن كنت تتساءل، فولادتك من جديد كحيوان يُنظر إليها على أنها ولادة غير مرغوب بها، مما يسبب المزيد من المعاناة.

الحصول على ولادة بشرية جديدة من شأنها أن تجعلك أقرب للقدرة على التخلص من الطريق الروحي الخاص بالكارما.

كيف يمكنك الهروب من السامسارا؟

يتم ذلك من خلال العمل على تحقيق التنوير أو (نيرفانا- Nirvana). فبمجرد الوصول إلى هناك من خلال الأفعال الجيدة والممارسات الروحية، ستختفي جميع رغباتك ومعاناتك وستجد السلام والسعادة.

بكل تأكيد سيموت جسدك الفيزيائي ولن تولد من جديد، لكن من الناحية الإيجابية ستكون متيقِّظًا للطبيعة الحقيقية للواقع، وبحال كنت هندوسي، ستجتمع مع براهمان (Brahman)، وهو الإله الكوني أو الروحي.

في القرن السابع، وصفت الأوبنشاد (Upanishads) قانون الكارما بالطريقة الشعرية التالية:

«الآن كرجل مثل هذا أو ذاك حسب ما يفعل وحسب ما يتصرف، سيكون كذلك الرجل ذو الأفعال الجيدة سيكون جيداً، والرجل ذو الأفعال السيئة سيكون سيئًا. فيصبح نقيًا بالأعمال النقية، وسيئًا بالأفعال السيئة».

والمقصود هنا أن الإنسان يتكون من رغبات، وبحسب رغباته تكون إرادته، وكما هي إرادته كذلك يكون عمله، فلكلّ عملٍ حصاد.

من المهم الإشارة إلى أن قوانين الكارما الناتجة عن الأفعال الفردية قد تؤثر على حياتك، كما يمكن للنوايا أن تؤثر أيضًا، فهي بذات الأهمية في نمط الكارما الخاص بك.

بالنسبة للأفعال الغير مقصودة فليس لها نفس التأثير، وإن القيام بأفعال حتى لو كانت جيدة لكنها نابعة من نوايا مشكوك بها، قد يجلب لك كارما سيئة.

تُعرف نظرية الكارما بشكلين: الفالا (Phalas)، والسامسكارا (Samskaras).

الفالا هو تأثير الكارما سواء كان مرئي أم غير مرئي، والذي يكون بشكل فوري أو ضمن حياتك الحالية.

أما السامسكارا، فهي تأثيرات غير مرئية يتم إنتاجها في داخلك مما يؤثر على قدرتك في أن تكون سعيداً أو تعيساً، وهذا يتضمن الحاضر والمستقبل.

تختلف تفاصيل نظرية الكارما بناءً على ممارسة روحية محددة، فقد يكون هناك شيء واحد واحد مؤكد، ألا وهو أن ما يدور حولنا يصيبنا.

  • ترجمة: فاطمة العاصي
  • تدقيق لغوي: خلود يوسف
  • المصادر: 1