عندما تصبح التكنولوجيا شريكًا رومانسيًا
“بغض النظر عن شعورنا حيال ذلك علينا مناقشته”.
يشعر الكثير منا بالفعل براحة شديدة عندما يطلبون من Alexa من Amazon تشغيل أغنية نحبها أو الإجابة عن أسئلة بسيطة أو تذكيرنا بالأحداث المهمة.
علمتنا جائحة COVID-19 مدى السرعة التي يمكننا بها نقل تفاعلاتنا بين البشر عبر الإنترنت ومدى سرعة التكيف مع أحبائنا باستخدام الوسائل التكنولوجية.
إلى أي مدى يمكن أن تصل؟
لم تعد تلعب التكنولوجيا دور الوسيط، فهي تنتقل الآن إلى شريك علاقة وتصبح جهة فاعلة مستقلة، بغض النظر عن نوايا المبدعين.
لفهم التغييرات التي نمر بها الآن من المفيد أولاً دراسة تطور العلاقات من عصور ما قبل التاريخ المبكرة حتى اليوم.
إذا فهمنا كيف أثرت التكنولوجيا بالبشر في الماضي، فقد نحصل على بعض الأفكار حول كيفية تأثير التطورات الأخرى علينا في المستقبل.
علاوة على ذلك فإن الوعي بالأشكال المختلفة للعلاقات من الماضي قد يفتح أعيننا على المعاني والاختلافات التي قد تحملها في المستقبل.
لا يلزم ربط العلاقات بالنماذج المشتركة الموجودة في التاريخ الحديث، وقد تتطور مع تطور التكنولوجيا.
التحولات التاريخية للعلاقات
لهذا السبب في العلاقات 5.0 مسحنا أربع فترات مهمة في تاريخ البشرية كل منها يدل على التطور التكنولوجي الأساسي.
الأول هو مجتمع الصيد وجمع الثمار (المجتمع 1.0) والذي كان قائمًا على التقنيات الأساسية للصيد، والجمع، وصيد الأسماك والنبش.
والثاني هو المجتمع الزراعي(المجتمع 2.0)الذي اعتمد على تكنولوجيا الزراعة.
والثالث هو المجتمع الصناعي(المجتمع 3.0)،والذي قام على ابتكارات مثل المحرك البخاري والكهرباء وعمليات التصنيع.
الرابع والأحدث هو مجتمع المعلومات(المجتمع 4.0)الذي يعتمد على أجهزة الكمبيوتر والإنترنت.
بالتتابع أثرت هذه التغييرات التكنولوجية السابقة بعمق في العلاقات الشخصية.
في حين وقفت العشيرة في مركز المجتمع في عصور ما قبل التاريخ وكانت العلاقات أكثر مرونة(العلاقات 1.0)
وكانت الأسرة متعددة الأجيال هي المهيمنة في الفترة الزراعية(العلاقات 2.0)
وارتفعت أهمية الأسرة النووية مع التصنيع(العلاقات 3.0)
وكان للتفرد الشبكي تأثير كبير في عصر المعلومات (العلاقات 4.0).
حتى أكثر الباحثين تطرفا لا يجادلون بأن البشر جميعهم شعروا بالطريقة نفسها، وارتبطوا ببعضهم البعض بشكل مشابه عبر جميع الثقافات والمجتمعات التي تعيش في العصر نفسه.
الحجة هنا أكثر بساطة: هناك ميل نحو نوع علاقة واحد أكثر سيطرة في كل عصر، وقد تأثر هذا الاتجاه بشكل كبير بالتكنولوجيا.
نحن الآن ندخل التطور الخامس للمجتمع.
صاغت الحكومة اليابانية مصطلح “المجتمع 5.0” في عام 2016 لوصف المرحلة التالية من التنمية البشرية.
حيث على على الجمع بين التطورات المهمة في مجال الروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية، والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، والأنظمة السيبرانية الفيزيائية، والتكنولوجيا النانوية لإحداث ثورة في طرق عيشنا.
يمكن وصف الاختلاف الرئيسي في هذا الانتقال بأنه الانتقال من التقنيات المستخدمة كأدوات للتحكم في البيئة البشرية والعمل إلى التقنيات التي تمثل نظامنا البيئي في حد ذاتها.
مجتمع “الذكاء الفائق” أو مجتمع 5.0 ، يجعل التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان وقادرة على التعايش بشكل مستقل عنا.
في المقابل نتوقع أن نشهد تحولات ضخمة وأكبر من التغييرات السابقة في الحضارة.
أنا أزعم أن تجسيد هذه التقنيات ودمجها في علاقاتنا الشخصية يشير إلى بداية الشكل الخامس للعلاقات وواقع جديد تتشكل فيه العلاقات، وتحافظ عليها بطرق جديدة جذرية.
أسمي هذا الواقع الجديد العلاقات 5.0.
على الرغم من أنه من غير المحتمل أن نشهد انتشارًا واسعًا للعلاقات بين التكنولوجيا البشرية في المستقبل القريب، فقد أظهرت العديد من الدراسات والاستطلاعات أن الإجابة عن السؤال حول ما إذا كانت هذه العلاقات وشيكة هي”نعم” مؤكدة.
لم تعد رؤية التكنولوجيا لإشباع احتياجاتنا العاطفية والفكرية والجسدية مقتصرة على الخيال العلمي.
لتقديم هذه الحجة لا يكفي أن نجادل بأن هناك “اختراعات جديدة رائعة” نحن جميعًا متحمسون حيالها.
على سبيل المثال يستخدم البعض مصطلح”الثورة الصناعية الرابعة” لتمييز التطورات في السنوات القليلة الماضية من تلك المرتبطة بالتطورات التكنولوجية في أواخر القرن العشرين.
لكن بعض التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة لا يمكن اعتبارها تحويلية للعلاقات.
خذ الطباعة ثلاثية الأبعاد كمثال.
تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد جزءًا من الثورة الصناعية الرابعة لأنها، من بين استخدامات أخرى، أحدثت ثورة في كيفية تصنيع البضائع.
لقد قللت بشكل كبير من الحواجز بين الأسواق والمخترعين وعطلت عملية التقدم التكنولوجي من خلال السماح لرجال الأعمال بإنشاء نماذج أولية للاختراعات الجديدة بشكل أسرع.
في حالات أخرى تساهم الطباعة ثلاثية الأبعاد في إنشاء غرسات طبية صغيرة تنتج عند الطلب، ومصممة خصيصًا لمريض معين.
ومع ذلك في حين أن الطباعة ثلاثية الأبعاد قد تعمل على تغيير العوامل المتعلقة بالصناعة إلا أنها لا علاقة لها بكيفية ارتباطنا ببعضنا البعض.
ربما في أفضل سيناريو يمكن لأي شخص تصميم وطباعة هدية جميلة ومبتكرة لشخص مهم بالنسبة له.
ولكن على الرغم من أن هذا قد يجلب الفرح لعلاقتهما إلا أنه لن يغير أساس علاقتهما.
لذلك يجب أن نفكر في التطورات التكنولوجية التي قد تؤثر فينا كثيرًا لدرجة أننا سنفكر بشكل مختلف في حياتنا العائلية، وشؤون الحب، والاحتياجات العاطفية.
سيتم النظر فقط في التغييرات الجذرية والشاملة بما يكفي للتأثير في عواطفنا وأنماط ارتباطاتنا.
حتى مع ذلك يجب أن نفحص آثارها في المجتمع بين أناس حقيقيين، وباستخدام أساليب تجريبية صارمة.
بهذه الطريقة سنتمكن من فهم الفروق الدقيقة في العلاقات 5.0 والمدى الذي من المحتمل أن تتغير فيه حياتنا.
لذلك يجب علينا تحديد ومناقشة ثلاثة تغييرات تكنولوجية والتي يمكننا حتى تسميتها بالثورات ذات الصلة بالعلاقات.
الأول وربما الأهم هو الثورة المعرفية (الذكاء الاصطناعي).
والثاني هو الثورة الحسية (الواقع الافتراضي والواقع المعزز).
والثالث هو الثورة الفيزيائية(الروبوتات).
تجتمع هذه الثورات الثلاث لتقليد ثلاثة جوانب مركزية للديناميكيات البشرية التي إذا استبدلت بالتكنولوجيا يمكن أن تغير علاقاتنا الشخصية بطرق مهمة.
تعمل الثورة المعرفية على تغيير الطريقة التي نتحدث بها مع التكنولوجيا، وتغير الثورة الحسية حدود المشاهد والأصوات التي نختبرها من خلال التكنولوجيا، وتغير الثورة المادية الطرق التي تساعدنا بها التكنولوجيا ،سواء كانت المهام تنطوي على التحريك أو اللمس أو التنظيف أو حتى تلقي العناق والدفء الجسدي.
- ترجمة: رينا ديب
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1