الضوء الأزرق يعبث بساعاتنا الداخلية، ولكن ماذا يفعل ببشرتنا؟
تجول قليلًا في ممر منتجات العناية بالبشرة أو أي متاجر تجزئة لمنتجات الجمال والصحة وسترى تنوعًا مذهلًا من الكريمات والبخاخات التي تعدك بحماية بشرتك من الأضرار المتعددة.
ربما لاحظت أن شركات العناية بالبشرة تدعي أن منتجاتها بإمكانها حمايتك من تأثيرات الضوء الأزرق.
إذا لم تفكر من قبل في الضوء الأزرق فسيغفر لك القلق بشأن ما إذا كان يجب عليك الاكتراث له أم لا.
أولًا، يتوجب عليك فهم ما هو الضوء الأزرق.
يمثل الضوء المرئي قرابة 50 في المائة من طيف ضوء الشمس، وكما يوحي الاسم فإنه الجزء الوحيد من الضوء الذي يمكن للعين البشرية رصدهُ. يتمتع النطاق الأزرق لهذا الطيف المرئي بمستويات طاقة عالية.
وكلما زاد طول الموجة قل نقل الطاقة. يمتلك الضوء الأزرق موجات قصيرة جدًا وذات طاقة عالية.
الضوء الأزرق في كل مكان حولنا. إذ ينبعث من الشمس وكذلك من مصابيح الفلورسنت (الفلوري) والمصابيح المتوهجة ومن الهواتف المحمولة وشاشات الكومبيوتر ومن أجهزة التلفزيون بشاشة مسطحة.
ما هي المخاطر؟
هناك دلائل متزايدة تشير إلى أن الضوء الأزرق يمكن أن تكون له تأثيرات ضارة على البشرة والعيون وإخلال في وتيرة الساعة البيولوجية (الساعة الداخلية أو النظام الداخلي لجسم الإنسان). عادةً ما تركز الدراسات في بحثها عن تأثير أشعة الشمس على الجلد على الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة الأشعة فوق البنفسجية المسؤولة عن حروق الشمس.
التأثير الأكثر شيوعًا للتعرض للضوء الأزرق هو زيادة كبيرة في أنواع مركبات الأكسجين التفاعلية (ROS)، وهي مواد كيميائية شديدة التفاعل تتكون من الأكسجين. يمكن أن يؤدي الإفراط في ROS إلى إتلاف الحمض النووي والإنزيمات الرئيسية مثل تلك المسؤولة عن إصلاح الحمض النووي، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
أظهر بحثنا أن الضوء الأزرق يمكنه تحفيز صبغة الميلامين (تسمير البشرة) عبر أنواع البشرة. في حين أن الكثير من الناس يعتبرون السمرة العميقة سمة مرغوبة، إلا أنها علامة على تلف الجلد وROS. ووجد باحثون آخرون أن تسمير الجلد من الضوء المرئي (الذي يتضمن الضوء الأزرق) له تصبغ أغمق استمر لفترة أطول مقارنةً بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية.
وبينت دراساتنا أيضًا أن الضوء الأزرق بإمكانه تنشيط الجينات المرتبطة بحالات الالتهاب وعلامات الشيخوخة (تلف الجلد). وقد أثبتت العديد من الدراسات أن واقيات الشمس المعتادة لا تمنع الضرر المنبعث من الضوء الأزرق والمرئي.
قد تُعزى قلة فاعلية أو تأثير الضوء الأزرق مقابل الأشعة فوق البنفسجية إلى كميات هذا الضوء الكبيرة الواصلة إلى الأرض. في منتصف نهار الصيف في المملكة المتحدة تشكل الأشعة فوق البنفسجية قرابة 5 بالمائة من أشعة الشمس بينما يشكل الضوء الأزرق ثلاثة أضعاف بنسبة 15 بالمائة.
ثمة بعض التأثيرات المفيدة للضوء الأزرق. فقد اُستخدم لعلاج الأمراض الجلدية ومنها الأكزيما، وقد لاقى انتشارًا واسع الاستخدام في العلاج الضوئي الديناميكي (وهو أحد أشكال العلاج التي تتضمن استخدام الدواء الحساس للضوء ومصدر الضوء لتدمير الخلايا غير الطبيعية). ويستخدم لعلاج مجموعة من أمراض الجلد من حب الشباب إلى السرطان ويعزز التئام الجروح. إلا أن تأثيراته الضارة نسبةً للأشخاص الأصحاء من المحتمل أن تتجاوز فوائده.
قد يتسبب الضوء الأزرق بضرر للبشرة ولكن من غير الواضح ما هي مصادر الضوء الضارة للإنسان. فالضوء الأزرق القادم من الشاشات مسؤول عن نسبة بسيطة نحصل عليها من هذا الضوء. وقد بينت الأبحاث أن شاشات الأجهزة قد تزيد من إنتاج مركبات الأكسجين التفاعلية.
ومع ذلك، فقد وجدت الشركة الألمانية لتصنيع منتجات العناية بالبشرة Biersdorf، أن التعرض للضوء الأزرق لشاشة الهاتف على مسافة 30 سم ولمدة أسبوع كامل تعادل دقيقة واحدة فقط من شمس منتصف نهار الصيف في هامبورغ، ألمانيا.
وخلصت دراسة أخرى أن الضوء الأزرق الصادر من الشاشات كان أقل شدة بـ 100-1000 مرة من الضوء الأزرق القادم من الشمس. كما أنه أخفق في التسبب بالكلف الذي يؤدي إلى بقع تصبغ في الجسم للمرضى الذي يعانون من هذه الحالة.
إن قضائنا وقتًا أطول أمام الشاشات أكثر من أي وقت مضى، هذه حقيقة، ولكن مع إمكانية تسبب الشاشات ببعض الضرر، إلا أنها ضئيلة مقارنةً بالتعرض لأشعة الشمس.
الضوء الأزرق ومنتجات العناية بالبشرة
بدأت مصانع مستحضرات التجميل بتحضير مجموعة واسعة من منتجات العناية بالبشرة والتي كما تدعي الأسماء التجارية بأنها تمنع أضرار الضوء الأزرق. رغم عدم وجود اختبار مضبوط ونموذجي لتقييم قابلية المنتج على الحد من أضرار الضوء الأزرق.
تجري الشركات الاختبارات العلمية على هذه المنتجات ولكن باستطاعتهم استخدام أي عدد من التقييمات بخصوص هذه المنتجات. وهذا مختلف تمامًا عن اللوائح المتعلقة بواقيات الشمس التي تدعي احتوائها على عامل الحماية من الشمس (SPF)، إذ يخضع SPF لاختباراتٍ صارمة من قبل المنظمة الدولية للمعايير (ISO). تخضع جميع المنتجات التي تزعم احتوائها على SPF لنظام اختبار مماثل.
إن عدم وجود لوائح بشأن دعاوى الضوء الأزرق يجعل من المستحيل على المستهلكين اتخاذ قرارات مدروسة بشأن مستوى الحماية المقدمة والاختلافات بين المنتجات.
من غير المحتمل أن يكون هذا النقص في التنظيم خطيرًا على المستهلكين ولكن فائدة المنتجات قد تكون محدودة.
بالنظر للأدلة الموجودة حول الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يجدر التشكيك في أي مزاعم بأن المنتج ضروري لمنع الضرر الناجم من شاشة الكومبيوتر أو الهاتف.
لا تحميك المنتجات التقليدية للحماية من الشمس (مثل واقي الشمس) من أضرار الضوء الأزرق. وهذه من الأمور المشجعة التي جعلت مصانع منتجات العناية بالبشرة تحاول سد هذه الحاجة. ولكن من الضروري أن تتخذ الحكومات خطوةً في هذه العملية وتطور اختبارًا موحدًا على مستوى الصناعة.
ومن المهم في الوقت الحالي أن تتذكر الحد من التعرض لأشعة الشمس. لقد ثبت أن استخدام واقي الشمس (أو أية منتجات تحتوي SPF) يمنع الإصابة بسرطان الجلد والشيخوخة وبعض المنتجات المعلن عنها أنها تحمي من الضوء الأزرق قد تكون ذات فائدة.
- ترجمة: فرح سعد رحيم
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1