شريانٌ متطوّرٌ يحظى به البشر!

تعدُّ ولادة المزيد من البشر بشريانٍ ثالثٍ في الذراع مثالًا عن التطوّر الجزئيّ الحاصل نُصبَ أعيننا.

فعند التفكير بالتطوّر البشري، عادةً ما تراودنا التغيّرات التي حدثت على مدى فتراتٍ زمنيةٍ طويلة، كتطوّر الإبهام المعاكس واستقامة المشي.

إلا أنَّ العلماء في أستراليا قد رصدوا أدلّةً على “تطوّرٍ أصغري” أسرع وأصغر، يتعرّضُ له البشر في وقتنا الحالي.

عمل التطور الأصغري

يتعلّق هذا التطوّر بشريان الذّراع لدى الأجنّةِ في الرّحم، والذي يتطوّر لنقل الدم إلى سواعدهم وأيديهم، وعادةً ما يستعاض عنه باثنين آخرين عند الولادة.

ولكنّ المثيرَ للاهتمام هو ازدياد عدد البشر الذين يولدون بثلاث شرايين، وذلك وفقًا للعلماء الأستراليين.

وقد وجدوا بعد تحليل النّصوص التشريحية وتشريح عضد الجثث المتبرّع بها أنّ الشخص المولود في منتصف ثمانينات القرن الماضي كان لديه فرصة 10% فقط من وجود الشريان الإضافي، بينما يحظى المولود في أواخر القرن العشرين بنسبة 30%.

وقد قال تيغان لوكاس -الباحث من جامعة فليندرز- في بيانٍ صحفيّ: “قد تكون هذه الزيادة إما نتيجة طفراتٍ في الجينات المشاركة في تطوير الشريان المتوسط أو نتيجة مشاكلَ صحيّةٍ تعرّضت لها الأمهاتُ أثناء الحمل، أو كلاهما”.

وإذا استمر تكرار هذه الحالة، فإنّهم يتوقّعون أنّ غالبية الأشخاص الذين سيولدون في عام 2100 سيخضعون لهذا التطوّر الذي يصب في مصلحهتم.

إذ أفاد الباحث “ماسيج هينبيرغ” بأنّ شريان الذراع الإضافي لا يزيد من تدفق الدم إلى اليد فحسب، بل يمكن استخدامه أيضًا كبديلٍ إذا تعرّض أحد شرايين الجسم للضررِ، فهو بمثابةِ الإطار الاحتياطي الذي تحتفظ به في سيارتك في حال أصبح الإطار الأساسي مفرغّا من الهواء.

أكثر من مجرّد شريان ذراعي

وإليكم المفاجأة! شريانُ الذراع الإضافي ليس التطوّر الوحيد الذي يحدث حاليّاً عند البشر.

فقد بيّن العلماء أنّ المزيد من النّاس يولدون بفجوةٍ صغيرةٍ في عظام العمود الفقري (السنسنة المشقوقة الخفية)، أو عظمٍ إضافيٍّ في ركبهم (الفويلة)، أو بدون أضراس العقل.

إذ يعاني كثيرٌ من الناس من السنسنة المشقوقة الخفية ولا يعلمون أنهم مصابون بها، في حين أن الفويلة يمكن أن تسبب مشاكل صحية.

وبالنسبة لغياب أضراس العقل، فإنّ الفائدة المشهودة هي عدم الاضطرار لإزالتها جراحيًّا.

وبهذا نرى أن مراقبة هذه التطورات الدقيقة أمرٌ ضروري للرعاية الصحية للإنسان، ومع تطوّر أجسامنا يجب أن يستعدّ الأطباء للتكيّف مع التغييرات وتأثيرها المحتمل على المرضى.

  • ترجمة: مريم قاسم القاسم
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1