لمَ يكره العديد من البشر الذئاب؟

لطالما كانت العلاقة بين الذئاب والبشر مستنيرة بالأساطير والخرافات بقدر ما تم الإبلاغ عنها بالحقائق.

بعد تقرير أن أعداد Canis Lupus (الذئب الرمادي) قد تعافت بشكل كبير في عام 2021، أزالت ‘US Fish and Wildlife Service) ‘USFWS /خدمة الأسماك والحياة البرية الأميركية) الأنواع من قائمة الأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتجاورة، منهيةً بذلك 45 عام من الحماية الفيدرالية وإدارة عودة الذئاب إلى الولايات والقبائل، وشُطبت الذئاب بالفعل من قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض في بعض الولايات الفردية.

رُفِض القرار في المحكمة من قبل العديد من المجموعات البيئية مثل Center for Biological Diversity وSierra Club بحجة أن الحكم لم يكن قائمًا على العلم وأن الأنواع بعيدة عن التعافي وإزالتها من القائمة قد يزيد من خطر انقراضها، إضافةً إلى أنّ القرار بحد ذاته ينتهك قانون الأنواع المهددة بالانقراض.

من جهة أخرى، كانت النتائج العملية واضحة، إذ تتعرض الذئاب للقتل.

في Wyoming (ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية) أُزيلت الذئاب من القائمة عام 2017، وتصنيفها كحيوانات مؤذية تقتل عند رؤيتها دون أي تراخيص صيد مطلوبة، كما سمح قانون جديد في Idaho بقتل 90% من ذئاب الولاية.

خلال أول مطاردة للذئاب في فبراير/شباط تجاوز صيادوا ولاية Wisconsin العدد المسموح به للصيد مما أسفر عن مقتل 100 ذئب أكثر مما يسمح به القانون. قُِتلت الذئاب بواسطة صيادين مسافرين مع كلابهم في قوافل شاحنات.

تقول Amaroq Weiss رئيسة المدافعين عن الساحل الغربي في مركز التنوع البيولوجي: “لقد كانت مجزرة تامة”.

تضع القوانين المحلية -والتي تختلف من ولاية لأخرى- بضع قيود حول كيفية قتل الصيادين وأصحاب المزارع للذئاب، على سبيل المثال: يسمح في Idaho باستخدام الأضواء وأدوات الرؤية الليلية، ومطاردة الذئاب بواسطة سيارات الثلج والإطلاق عليهم من الهليكوبتر.

هذا النشاط متطرف لكنه غير مفاجئ، بدأ المستوطنون بتعذيب الذئاب وقتلها ببهجة حالما وطأت أقدام الأوروبيين للمرة الأولى هذه القارة.

في كتاب ‘Vicious: Wolves and Men in America’ عام 2004، وصف المؤرّخ Jon T. Coleman الوحشية المثيرة للغثيان ضد الذئاب عبر القرون حيث كتب: “لم تمت الذئاب بأعداد كبيرة عبر التاريخ الأميركي وحسب بل ماتت بأكثر الطرق فظاعة والتي لا يمكن تخيلها”.

على سبيل المثال: حفر المزارعون مصائد للذئاب التي وبمجرد القبض عليها قاموا بشلّها عن طريق قطع أوتار الركبة وعندما تصبح الذئاب غير قادرة على الفرار أو الدفاع عن نفسها يقوم المزارعون بتوجيه الكلاب عليها.

رمز قوي

يمكن تفسير تاريخ العداء بين الذئاب والبشر جزئيًا على الأقل.

اعتمد المستعمرون الذين استقروا في أراضِ جديدة على ماشيتهم من أجل البقاء، لذلك عندما تفترس الذئاب الماشية أو الأغنام أو الخنازير فإنها لا تهدد بمقتل الحيوانات وحسب، بل إنها تهدد فرصة المزارعين بالبقاء على قيد الحياة في الشتاء وقدرتهم على إعالة أسرهم، إذ كانت المواجهة شخصية، وما زال العديد من أصحاب المزارع اليوم يشعرون بأنّ حياتهم مهددة من قبل الذئاب.

قد يبرر ذلك رغبتهم في قتل الحيوانات، لكنه لا يفسر الوحشية المفتعلة بحقهم.

شيءٌ ما أعمق بكثير وأغرب من مكافحة الضواري يجري في العلاقة بين الذئاب والبشر، ولمَ لا يقتل البشر الذئاب وحسب، دون استخدام تلك الطرق المروعة؟

يقول Colemon: “بصراحةٍ تامة، لا أعتقد أن لها علاقة كاملة بالذئاب لأنها حيوانات رمزية قوية للغاية”.

لربما كانت الذئاب في القِدَم ترمز إلى استعمار قارةٍ ما، أو بيئة قاسية مع طرقٍ لا تحصى لقتل المستوطنين غير الحذرين.

بالإضافة لذلك، أُرفقت العديد من النظريات البالية الثقافية والأخلاقية المتعلقة بالذئاب.

ترمز الذئاب -حسب حكايات المستذئبين- إلى العنف المكبوت لدى البشر، كما تم تجنيس الذئاب أيضًا، كتب Coleman في Vicious أنّ النساء الشابات اللواتي فقدن عذريتهن قد قيل أنّهن “رأين ذئبًا”.

تبقى الذئاب رموزًا على الرغم من اختلاف ما ترمز إليه اليوم.

تشير Weiss إلى أن العديد من أولئك المعارضين لحماية الذئاب هم معارضين لأي تدخل حكومي في حياتهم وتقول: “هم لا يريدون أن تخبرهم قوانين الولاية بما يمكنهم ولا يمكنهم فعله، لذلك ينظرون لقوانين الأنواع المهددة بالانقراض على أنها تتدخّل في أسلوب حياتهم، وأصبح قتل الذئاب بديلاً عن كرههم لتدخل الحكومة الفيدرالية”.

أشكال الحماية

لقد تغير الزمن وأظهرت عقود من البحث العلمي أن الذئاب كائنات اجتماعية للغاية وتشكل روابط عائلية قوية، إذ يعتني جميع أفراد القطيع بالأعضاء الأصغر سناً.

الذئاب تستطيع أن تكون مهمة للأنظمة البيئية التي تقطنها كما ويمكنها الحد من انتشار الإصابات بين الغزلان.

على الرغم من أن تهديد الماشية لا يزال السبب الرئيسي الذي يُستدل به لإبادتها، إلا أننا نعلم الآن أن الذئاب تشكل خطرًا على الماشية أقل من خطر سوء الأحوال الجوية ومشاكل الولادة والأمراض، وخاصة أمراض الجهاز التنفسي.

وفقًا لأحدث تقارير وزارة الزراعة الأمريكية USDA، تمثل الحيوانات المفترسة أقل من 10% من خسائر الماشية، والذئاب مسؤولة عن 4.9% فقط من هذه النسبة.

تقتل الكلاب الأليفة ضعف ما تقتله الذئاب من الماشية، ويدعم معظم الأمريكيين حماية الذئاب، ومع ذلك بمجرد إزالة الحماية تظهر القوّة النارية.

عندما ينظر البشر إلى الذئاب يرون حيوانًا مفترسًا جميلًا يؤدي دورًا رئيسيًا في الحفاظ على نظامه البيئي، وقد يرون حيوانًا له روابط اجتماعية قوية تنقل الثقافة وكذلك الجينات إلى صغاره، ولكن على الأرجح -حتى بعد كل هذه السنوات- يرونه كمفترسٍ مبتسم يرتدي ثوب نوم الجدة وقبعتها.

  • ترجمة: مريم بدران
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1