ماهو الفرق بين الإنسان العاقل والإنسان البدائي “نياندرتال” ؟
جينياً نحن متشابهان بنسبة 99.7%
غالباً ما يُصوَر إنسان نياندرتال كنموذج أولي للإنسان الحديث، لذلك فهم معروفون بجبينهم الجاحظ وبنيتهم الممتلئة. لذا يتعمق فهمنا لقريبنا المنقرض؛ فقد تطورت صورة الإنسان البدائي بشكلٍ مفاجىء من ذلك القرد القديم إلى أسلاف البشر المتطورين.
كيف كان يبدو إنسان نياندرتال البدائي؟
كشفت الآثار الأحفورية بعض الاختلافات الجسدية الملحوظة بين الإنسان البدائي والإنسان الحديث. بداية، كان الإنسان القديم أقصر وأعرض ويتمتع بحوض واسع وعظام أثخن وعضلات أكثر أيضاً. كما أوضح علماء الأنثروبولوجيا التطوريون أن هذه البنية الكثيفة قد مكنت الإنسان البدائي من الحفاظ على حرارة جسم أعلى وساعدتهم على النجاة من المناخ الأوراسي القاسي، بالمقابل فإن الإنسان الحديث الذي نشأ في أفريقيا ربما يحتاج إلى جسد أقل ضخامة وهذا ما يفسر بنيتنا الجسدية الأضعف. وتفيد نظرياتٌ أخرى بأن البنية الجسدية القوية لإنسان نياندرتال البدائي يمكن أن تكون لأجل التكيف على اصطياد الفرائس الكبيرة دون أسلحة متطورة، على الرغم من ذلك، بقيت النقاشات المحيطة بالنظرية التطورية لهذا الاكتناز معلقة.
بالانتقال إلى الوجه، يعد الإنسان الحديث مميزاً بشكل واضح بسمةِ الذقن الحقيقي؛ وهذه سمةٌ غير موروثة من أسلاف البشر القدماء. فقد كان الإنسان البدائي يمتلك أنفاً أكبر مما لدينا وربما هذا قد يساعدهم على تدفئة الهواء البارد الذي يستنشقونه قبل دخوله للرئتين.
بدلاً من ذلك ربما هذه الأنوف الواسعة لدى الإنسان البدائي قدرةً تنفسية عالية؛ وهذا ما مكنهم من تقوية أجسادهم المكتنزة. ومهما كان السبب وراء أنف الإنسان البدائي الضخم فمن المرجح أننا ورثنا بعض مورثات الأنف الكبير عندما تزاوج أسلافنا القدماء معهم. وهذا أيضاً يفسر لماذا يمتلك بعضنا أنوفاً كبيرة.
واخيراً، تشير تحاليل أسنان الإنسان البدائي على أنهم ربما نضجوا أسرع بكثير من الإنسان الحديث، فمن الممكن أنهم وصلوا إلى سن البلوغ في الخامسة عشر من عمرهم تقريباً.
كم كان معدل ذكاء الإنسان البدائي؟
يمكن أن يُوجَد الدليل الأكبر لمدى اختلافنا عن الإنسان البدائي في شكل وحجم الجمجمة. وبشكلٍ عام فإن القبو القحفي لدى الإنسان الحديث هو بنفس الحجم تقريباً لدى أقاربنا القدماء. إلا أننا نملك قحفاً مدوراً أو كروياً بينما يمتلك إنسان نياندرتال رأساً مسطحاً.
إن هذا وحده ليس كافياً ليخبرنا كثيراً عن الاختلافات في الإدراك، فقد وجدت دراسة حديثة أن الإنسان الحديث يحمل طفرةً جينية مميزة تعزز تطور الخلايا العصبية في القشرة الجبهية الأمامية؛ وهي القسم المسؤول عن الأفكار المعقدة في الدماغ. بينما يمتلك إنسان نياندرتال البدائي دماغاً أكبر وأضعف مما نملك، لذا فإن ذكائنا المتفوق ربما يُستمد من حقيقة أننا نملك جهازاً دماغياً أكثر تطوراً.
على الرغم من الفرضية العامة التي تقول أن الإنسان البدائي لم يكن ذكياً تماماً مثلنا إلا أنه يوجد أدلة تشير إلى أنهم أتقنوا استخدام النار ودفنوا موتاهم وأبدعوا في الفن كذلك. وترتبط الصناعة الموستيرية بإنسان نياندرتال وتشبه أيضاً الأدوات الحجرية المصنوعة من قِبَل الإنسان الحديث المبكر. برغم ذلك فقد قطعنا شوطاً كبيراً بالطبع في تداول كاشطات الصوان للأقمار الصناعية والهواتف الذكية.
في حين أنه من المستحيل التفاعل مع سلوك أنواع اختفت من على وجه الأرض منذ 4000 عام، إلا أنه في عام 2010 أظهر التسلسل الجيني لإنسان نياندرتال بأنهم يشتركون معنا في الحمض النووي بنسبةٍ تقارب 99.7%. وقد أظهرت هذه الدراسة بالاشتراك مع اكتشافاتٍ أخيرة متعلقةً بقدرتهم على الطبخ وهذا يؤدي إلى فرضياتٍ توحي بأنهم كانوا أذكياء مثلنا.
- ترجمة: عائشة قلاع
- تدقيق علمي ولغوي: ساره سعد
- المصادر: 1