ما حقيقة الظلال التي خلفتها قنبلة هيروشيما؟

تفاجَئْنا حين علمنا في مطلعِ هذه السّنةِ باعتقادِ النّاسِ (مخطئين) أنّ تماثيلَ حجارةِ الأجسادِ في بومبي (إيطاليا) هي أجسادٌ قديمةٌ حقيقيّةٌ في أصلها، إذ تجسّدُ تلك الحجارة محاكاة دقيقة لأجسادِ الأشخاصِ الذين علقوا في الانفجارِ البركانيِّ عام 79 ميلاديّة. إلا أنّها في الحقيقةِ ليست أجسادًا حقيقيّةً، بل تشكّلت نتيجة سَكبِ جَصٍّ باريسيٍّ في طبعةِ تلك الأجساد. وتشرحُ (ماري ليرد) بروفيسورة الكلاسيكيّات في جامعة كامبريدج في مقابلةٍ لها لمجلّةِ بي بي سي في هذا الخصوص قائلةً: «غطّتِ الموادّ البركانيّة أجسادَ الموتى وتصلّبت حولهم، ثمّ تحلّلت جلودهم وأعضاؤهم الدّاخليّةُ وملابسهم تدريجيًّا فبقيت الموادُّ المتصلّبةُ حولَ تلك الأجساد فارغةً من الدّاخل لتعطي نسخةً سلبيّةً (معكوسة) دقيقةً لشكلِ الجثّةِ لحظةَ موتِها، ولم يطلِ الأمرُ حتى لمعت فكرةٌ في ذهنِ أحدهم بسكبِ جصٍّ باريسيٍّ في تلك الفراغات للحصولِ على تماثيلَ جبسيّة ممّا أنتجَ نسخةً دقيقةً طبقَ الأصل عن الجسد».

كما استرعت حَيرةُ النّاس انتباهَنا حول الظّلالِ الموجودةِ والمحفوظةِ في هيروشيما بعد إلقاءِ أميركا للقنبلةِ الذّريّةِ على تلك المدينة في السادس من أغسطس/آب عام 1945.

ويشرحُ المتطوّعُ (يوشينوري

أوباياشي) أنّ زائري متحفِ القنبلةِ الذّريّةِ يؤمنون أحيانًا بتبخّرِ الناسِ فورَ الانفجار النّوويِّ مخلّفين ظلالهم وحدها خلفهم.

ونستطيع تفهّمَ انتشار هذه الأسطورةِ نتيجةَ وجودِ عدّةِ آلافٍ من المفقودين وممن اعتبروا في عداد الموتى خلالَ الأشهر التالية للهجوم. إلا أنّ الظلالَ المُخلَّفةَ في هيروشيما ليست بقايا أشخاصٍ متبخّرين مقتولين في الانفجارِ الذّرّيّ، إذ يتطلّبُ أوّلًا تبخّر جسدِ الانسان الكثيرَ من الطّاقة.

ويوضّحُ الدكتور (ميناكو أوتاني) -وهو بروفيسور فخريّ في جامعة هيروشيما- لقناةِ بذورِ السّلام اليابانية: «لا يمكننا معرفةُ عمق حرارة الأشعّة الواصلةِ إلى أجسادهم، وحتى إن احترقَ الجسد فسوف تبقى الأنسجة المتحولةُ إلى كربون أو عظام على الأقل».

إذًا فالظّلالُ التي نراها لأناسٍ وأشياءَ أخرى بما فيها دراجاتٍ هوائيّة ليست بقايا تبخّرهم. بل ما صادفته القنبلةُ الذرية حين إلقائها على هيروشيما من ناسٍ وحيواناتٍ وجمادٍ امتصوا طاقة القنبلةِ، فيما عملت قوة القنبلةِ على تبييضِ الأمكنةِ المحيطةِ بتلك الأشياء فبدا مكان تلك الأشياء غامقَ اللون مقارنةً بالمحيطِ المبيضِّ بفعلِ قوّةِ القنبلة.

بُذلت جهودٌ للحفاظ على هذه الطّبعات (الظلال) إذ يُعرَضُ معرضٌ في متحف هيروشيما التذكاري للسلام بعنوان: «ظلُّ الإنسان المحفور على الحجر» وتُعرَضُ فيه مدرّجاتٌ حجريّةٌ تحوي ظلًّا لأحد الأشخاصِ الذين اختاروا الجلوس عليها في السادس من آب/أغسطس عام 1945، والذي يُرجّحُ تعرُّضهُ للموتِ الفوريّ حين وقوع الانفجار. وبقيت هويته كالآخرين مجهولةً حتى يومنا هذا.

  • ترجمة: ريما إبراهيم
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1