تكشف إحدى دراسات الحمض النووي الكبيرة عن أصول شعب الهند

إن أكثر بلد ازدحامًا بالسكان في العالم قد تم تركه دون دراسات وراثية، مما خلّف فجوة في فهمنا لأصول الإنسان وتقديرنا للتنوع الجيني في فصيلتنا.

سعت دراسة حديثة غاصت في الماضي بقدر خمسين ألف عام عبر تحليل الجينوم إلى تغيير ذلك، كاشفة عدة خيوط مثيرة للدهشة في النسيج الغني لأسلاف الهنود المعاصرين.

قامت عالمة الوراثة السكانية إليز كيردونكوف بالتعاون مع زملائها بتتبع الحمض النووي ل 2762 شخص هندي، بتضمين أفراد من أغلب المناطق الجغرافية، من كلا المناطق الريفية والحضرية، والمتحدثين بأغلب اللغات الرئيسية ومن المجموعات الطبقية والقبلية، بهدف أن تغطي التنوع الاستثنائي لهذا البلد.

أراد العلماء الإجابة عن أسئلة مفتاحية مثل: متى وصل الإنسان الحديث إلى الهند من أفريقيا لأول مرة؟ هل كانوا جزءًا من الهجرة البرية الكبرى إلى خارج أفريقيا أم نزحوا قبل ذلك، أو ربما على طول الطريق الساحلي؟ وما هي الآثار المتبقية من البشر القدماء المنقرضين الآن، الذين هم البدائيين النياندرتاليين والدينسوفانيين، في سكان الهند؟

تُظهِر هذه التحليلات معاينة مُفصّلة لتاريخ سكان الهند وتُؤكد قيمة توسيع الدراسات الاستقصائية لمجموعات متنوعة خارج أوروبا. “هذا ما كتبته كيردونكوف وزملائها في ورقة ما قبل الطباعة، التي تم نشرها علي موقع بيوركسيف قبل أن تخضع لاستعراض النظراء.

أظهر بحثٌ سابق أن أعظم الهنود يستمدون نسبهم من ثلاث مجموعات سالفة: نسل المزارعين الإيرانيين القدماء، الذين وصلوا إلى شبه القارة الهندية في وقت ما بين 4700 و3000 عام قبل الميلاد. ورعاة من منطقة السهول الأورواسية الذين انتقلوا إلى الهند بين عامين 1900 و1500 عام قبل الميلاد. وسكان جنوب آسيا الأصليين الجامعين والصائدين الذين تواجدوا في المنطقة منذ مدة أطول بكثير.

وجد الباحثون في هذه الدراسة أن الصلة لتلك المجموعات تباينت بشكل كبير بين الهنود المعاصرين، ومع ذلك فقد ظهرت أنماط واضحة.

فعلى سبيل المثال، كانت نسبة الصلة عند الناس التابعة لجامعي الثمار الأندمانيين بأعلى مستوياتها في الجنوب وبأدناها في شمال الهند. وكانت أيضًا أعلى في بعض اللغات والفئات الطبقية أكثر من غيرها.

يبرز ذلك أن أحداث الاختلاط القديمة تتعلق بانتشار اللغات وتاريخ النظام الطبقي التقليدي في الهند. “هذا مما ذكرته كيردونكوف وزملائها.

إن نمذجة كيف يمكن للحمض النووي القديم المُستخرَج سابقًا من مجموعات تابعة للإيرانيين أن يكون قد أبرز التسلسلات الجينومية لهنود الوقت الحاضر الذين أُخِذت منهم عينات لأجل هذه الدراسة. وجد الباحثون أيضًا أن الاحتمال الأكثر رجوحًا هو تدفق من المزارعين قد قدموا سارازم، التي هي منطقة تقاطع طرق قديمة ذات خصائص زراعية أصبحت اليوم تُعرَف بطاجكستان.

أشارت بعض الدراسات الأثرية سابقًا إلى الارتباطات التجارية ما بين سارازم وجنوب آسيا، ولكنها لم تكن باتجاه واحد؛ فقد وجدت كيردونكوف وزملائها فردًا واحدًا ما بين الأسلاف الإيرانيين القدامى حمل آثار لأصول هندية أيضًا.

“كانت المجتمعات البشرية في الزمن السحيق مرتبطة أكثر بكثير ممّا منحهم معظم الناس الفضل في ذلك.” من كلام عالم الآثار في جامعة واشنطن في سانت لويس العالم مايكل فراتشيتي الذي لم يكن ضمن فريق الباحثين، والذي قاله للصحفي مايكل برايس في مجلة ساينس.

وبالعودة إلى الماضي، وجدت كيردونكوف وفريقها أن الهنود المعاصرين يستمدون من 1 إلى 2 بالمئة من أصلهم من أشباه البشر القدماء، النياندرتاليين والدينيسوفانيين. الأمر المشابه بالنسبة للأوروبيين والأميركان.

ولكن من خلال اكتشاف مذهل، توصل الباحثون إلى أن الجينوم الذي تم تحليله يحتوي تنوّع أوسع بكثير لجينات النياندرتاليين والدينيسوفانيين، بالمقارنة مع الشعوب التي أُخِذت منها عيّنات.

“يُلاحَظ بشكلٍ صادم قرابة 90.7 بالمئة من سلالات النياندرتاليين العالمية الانتشار في الهند، وحوالي 51 بالمئة من سلالات الدينيسوفانيين تنفرد بها الهند أيضًا.” من كتابات كيردونكوف وزملائها.

وفي النهاية، للإجابة عن سؤالهم المحوري حول أصول الهنود، وجد الباحثون أن أغلب التنوع الجيني في شعب الهند ينبع من هجرة عظيمة واحدة قادمة من أفريقيا والتي حدثت منذ قرابة 50 ألف سنة. وكان ذلك بمساهمة تمت من قبل موجات الهجرة اللاحقة التي أضافت بعض العناصر الجينية للشعب الهندي الحديث.

هذه الدراسة، التي لم يتم مراجعتها من قِبل النظراء بعد، متوافرة على السيرفر الخاص بمنشورات ما قبل الطباعة على موقع بيوركسيف.

  • ترجمة: حسن شاهين
  • تدقيق لغوي: دنيا سيد
  • المصادر: 1