لماذا يستيقظ بعض الناس دائمًا عند الساعة الثالثة أو الرابعة من صباح كل ليلة؟
يتميز العالم الحديث بانقسامات سياسية حادة ومعلومات مضللة متفشية أدّت إلى إنشاء مصطلح جديد لوصف هذه الظاهرة وهو: ‘فجوة الواقع’.
ولكن حتى لو لم نتفق على أشياء مثل ما إذا كانت الدولة بأكملها تُقاد من قبل مجموعة من المتحرشين بالأطفال الذين يعبدون الشيطان أم لا، فهناك بعض الأشياء التي نعلم جميعًا أنها صحيحة، مثل: اللقاحات لا تسبب التوحد، نيسي حقيقي (وحش بحيرة لوخ نيس، مخلوق غريب شوهد في مياه اسكتلندا وفقًا للأسطورة سنة 1933)، والساعة 3 أو 4 صباحًا هي أسوأ وقت للاستيقاظ.
كتب جريج موراي Greg Murray، مدير مركز الصحة العقلية في جامعة سوينبورن للتكنولوجيا، أستراليا: «بصفتي معالجًا إدراكيًا، أقول مازحًا أحيانًا أن الشيء الوحيد الجيد في الاستيقاظ عند الساعة 3 صباحًا هو أنه يعطينا جميعًا مثالًا حيًا على الكارثة».
وتابع في مقالته لعام 2021 في The Conversation: «الاستيقاظ والقلق عند الساعة 3 صباحًا أمر مفهوم وإنساني للغاية، لكن في رأيي ليست عادة رائعة لاتّباعها».
ولكن ما السبب وراء هذا الاستيقاظ الجماعي في الساعات الأولى من الليل؟
إذا وجدت نفسك تحدق بانتظام في السقف عند الساعة 3 أو 4 صباحًا، فأنت مع صحبة جيدة، إذ أنها ظاهرة أبلغ عنها حوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص وربما أكثر منذ بدء الجائحة.
وفقًا لخبراء النوم، يرتبط هذا الاستيقاظ المبكر بالإجهاد، ولكن ليس بشكل مباشر تمامًا.
أوضح موراي أن التوتر لا يجعلنا نستيقظ أكثر في الليل، لكنه يجعلنا أكثر وعيًا بحدوث ذلك، إذ قال: «نحن في الواقع نستيقظ عدة مرات كل ليلة، ويكون النوم الخفيف أكثر شيوعًا في النصف الثاني من الليل. عندما يسير النوم على ما يرام بالنسبة لنا، فإننا ببساطة لا ندرك هذه الاستيقاظات، لكن بإضافة القليل من التوتر وسيكون لديك فرصة جيدة ليصبح الاستيقاظ حالة مدركة تمامًا».
التوتر ليس العامل الوحيد الذي يمكن أن يوقظنا عند الساعة 3 صباحًا. إذ أنّ عدم انتظام الجداول الزمنية، والقلق الشديد، وقلّة الهواء النقي يمكن أن يعكر صفو نومنا بما يكفي لإيقاظنا في الليل.
نصحت ستيفاني روميشيفسكي، عالمة فسيولوجيا النوم ومديرة عيادة Sleepyhead، في موقع Metro. co.uk: «استيقظ عند نفس الوقت كل يوم، ولا تذهب للسرير حتى تشعر بالنعاس، وسيبدأ ذلك بأن يصبح وقتك المعتاد، وحاول مواكبة التمارين والتعرض للضوء الساطع في الصباح، تأكد من أن لديك وقتًا اجتماعيًا أيضًا. نحن بحاجة إلى أن تفهم أدمغتنا أنّ الفرصة الوحيدة للنوم ستكون في الوقت المعتاد ليلًا».
لذلك نحن نعرف بعض الأسباب التي تجعلنا نستيقظ ليلًا، ولكن لماذا يبدو أنّ ذلك يحدث تحديدًا في الساعة 3 أو 4 صباحًا؟ حسنًا، ضع في اعتبارك ما يلي: يغفو معظمنا عادةً بين الساعة 11 مساءً ومنتصف الليل، ويستيقظ بين الساعة السابعة والثامنة صباحًا. ما هي الأوقات التي تجلس فيها في منتصف تلك الفترات؟
أوضحت أنيسة داس، المديرة المساعدة لبرنامج طب النوم في مركز ويكسنر الطبي بولاية أوهايو أنه طوال الليل، يتنقل نومنا بين حركة العين السريعة (REM) والنوم بدون حركة العين السريعة (REM)، وكل مرحلة من مراحل النوم لها عتبة مختلفة لمدى سهولة الاستيقاظ منها.
وكتبت: «أحد التفسيرات المحتملة للاستيقاظ في نفس الوقت كل ليلة هو أنك تنام في نفس الوقت، ثم تصل في نفس الوقت أيضًا إلى مرحلة خفيفة من النوم وتستيقظ».
قد تعتقد أنّ دورات النوم في الجسم مجرد نمط متكرر، ولكننا في الواقع نقضي فترات مختلفة من الوقت في كل مرحلة من مراحل النوم مع مرور الليل.
والأهم من ذلك أنه كلّما اقترب الصباح، يزداد مقدار الوقت الذي نقضيه في نوم حركة العين السريعة، مما يعني أننا نقضي المزيد من الوقت في نوم خفيف نسبيًا ومليء بالأحلام.
قال مايكل ك. سكولين، الأستاذ المساعد في علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة بايلور في تكساس، لمجلة Newsweek: «ربما يكون من الممكن أن يعكس بعض هذا الاستيقاظ في الساعات الأولى الاستيقاظ من أحلام القلق. اشتبه العلماء منذ حوالي مائة عام أن المهام غير المكتملة تقع في مستوى مرتفع من التنشيط في الدماغ حتى يمكن إكمالها».
لحسن الحظ، هذا يعني أن هناك حلًّا بسيطًا إلى حد ما: الاحتفاظ بقائمة مهام.
قال سكولين: «لقد ثبت أن الاحتفاظ بمفكرة بجانب السرير وكتابة كل شيء في قائمة مهامك، بالإضافة إلى أي مخاوف أو ضغوطات أخرى تدور في ذهنك سوف يساعدك».
وقال لمجلة نيوزويك أنّه ألّف ورقة بحثية عام 2018 أظهرت أن قضاء خمس دقائق قبل النوم في تجميع قائمة بالمهام المستقبلية أحدث فرقًا كبيرًا في مدى سرعة نوم المشاركين في الدراسة، ويجب أن يجب أن يطبق نفس المبدأ على وقت النوم أيضاً.
وفقًا لكولين إسبي، أستاذ طب النوم في قسم Nuffield لعلوم الأعصاب السريرية بجامعة أكسفورد والذي يدعو إلى ما يسميه ‘وضع اليوم للراحة’، قد يكون هذا منطقيًّا.
ببساطة، هذا يعني قضاء بعض الوقت قبل النوم في مراجعة أحداث اليوم الماضي والتخطيط لأحداث الغد.
وقال: “إن كتابة قائمة المهام بشكلٍ منتظم يمكن أن تساعد الدماغ على معالجة الأشياء دون إيقاظك”.
وقالت Romiszewski ل Metro. co.uk: «إذا لم ينجح ذلك يكون الوقت حان لرؤية أخصائي، خاصة إذا كانت المشكلة تزعجك لأكثر من شهرين. إذا مرت أكثر من ثلاثة أشهر، فبالتأكيد يجب أن تراجع الطبيب. إذ أنه بعد ثلاثة أشهر يمكن أن يصبح أي نوع من مشاكل النوم أمرًا معتادًا مثل نمط في دماغك، على سبيل المثال قد تتخلص من التوتر، ولكن يمكن أن تبقى مشكلة النوم لديك. وعندها ستحتاج إلى علاج الأرق، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) للمساعدة في تغيير نمط السلوك. ومن أجل ذلك ستحتاج إلى رؤية طبيبك أو خبير في النوم».
- ترجمة: ريم الاحمد
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1