حقيقة أم خيال: لماذا الكلاب الصغيرة عدوانية جدًا؟

تعتبر الكلاب أكثر الحيوانات الأليفة شعبيةً (نعتذر من القطط) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتزداد شعبيتها ازديادًا ملحوظًا. حيث أنه فقط في العام السابق، ارتفعت نسبة المنازل التي تحوي على الأقل كلبًا واحدًا الى 45 %، وذلك وفقًا لإحصائيات الجمعية الأمريكية للطب البيطري.

هنالك اعتقاد بين مربي الكلاب الجدد أن تبني جرو صغير هو الخيار الأفضل ظننًا منهم أنه سوف يكون أقل عدوانية وأكثر لطافة في التعامل، لكنهم لا يعرفون الحقيقة الخداعة وراء ذلك.

استنادًا إلى نتائج دراسات حديثة في العقديين الماضيين، تتميز بعض السلالات الصغيرة بالعناد الشديد، كما تميل للنباح، والعض المفاجئ والزمجرة، وعلى الجانب الآخر، تفوز الكلاب الكبيرة بلقب “أفضل صديق للإسان”. ولدى الباحثين ما يكفي من الأدلة والفرضيات لتفسير ذلك.

سلالات الكلاب الأكثر شراسة

ركزت دراسة عام 2021 أجرتها جامعة هلسنكي ونُشرت في المجلات العلمية، في العوامل التي تزيد من السلوك العدواني (أو انعدام هذا النوع من السلوك) لدى أكثر من 9200 كلب من السلالة النقية. ووجد الباحثون أن الكلاب الصغيرة لديها بالفعل ميول أكثر للعدوانية مقارنةً بنظيراتها من الكلاب المتوسطة والكبيرة.

من يأتي تاليًا على القائمة التي أعدوها للكلاب الأكثر شراسة؟ في المرتبة الثانية تأتي كلاب البودلز والشناوزر. وتأتي كلاب اللابردور والجولدن ثالثًا، حيث تعتبر الأقل عدوانية بين بقية السلاسل السابقة.

في دراسة نشرت في مجلة العلم التطبيقي لسلوك الحيوان عام 2008، والتي سعت لتحديد الفصيلة الأكثر عدوانية من الكلاب. أشارت الى أننا نميل إلى تصديق المعتقدات السائدة حول الكلاب الأكبر حجمًا والأكثر قوة وذلك بسبب احتمال الأذية المختلف. حيث استطلع الباحثون آراء أكثر من 30 مالك لكلاب مختلفة لإظهار الحقيقة.

وفقًا لنتائج الاستبيان، وجدوا أن كلاب الدشهند والتشيواوا وجاك راسل، هي الأكثر احتمالًا أن تعض البشر، زيادة على ذلك، تبدي أكثر من خمس كلاب جاك راسل سلوكًا عدوانيًا تجاه الكلاب الغير مألوفة لها.

لماذا تظهر الكلاب الصغيرة عدوانية كبيرة؟

ولكن مهلًا، هناك تنافس في عالم الكلاب أيضًا، أليس كذلك؟ بالطبع هناك دوافع لهذه الكلاب ضئيلة الحجم تجعلها تنبح وتعض بشراسة، وذلك من أجل عرض عضلاتها بين الكلاب الأخرى.

اللوم يقع على المربيين

جميعنا نتاج للبيئة التي ترعرعنا فيها، كذلك أيضًا الحيوانات التي نربيها. لذا، إذا كنت تربي كلبًا صغيرًا مشاكسًا وعنيدًا ولست فخور بطريقة تربيتك له، إذًا، أصبح الوقت مناسبًا لإعادة النظر في أساليب التدريب التي تتبعها، بالتأكيد لست وحدك في ذلك.

ويشير الخبراء إلى أن مربيي الكلاب الصغيرة يميلون إلى استخدام أسلوب أكثر مرونة في تعاملهم مع التصرفات السيئة لكلابهم؛ وبالتأكيد، ستكون رؤية كلب تشيواوا يزن خمسة باوندات يقفز على ضيف يزورك ألطف نوعًا ما من أن ترى كلب جيرمن شيبرد وزنه 75 باوند يفعل نفس الشيء.

بناءً على ذلك، تفتقر السلالات الصغيرة من الكلاب غالبًا لمهارات التواصل الاجتماعي، ولا تطيع الأوامر بسهولة.

متوارث في جيناتهم

والآن تصور أنه عبر الأجيال، ظل أصدقاؤنا من الكلاب الصغيرة لا يحصلون على التدريب الكافي والرعاية الصحيحة.

وفي خضم النقاش بين النشأة والتربية، يرجح الباحثون أن عدوانية الكلاب الصغيرة في عصرنا الحديث لم تأتي من فراغ، وذلك لأنه على مدار آلاف السنين وببساطة أهمل البشر تربيتها ولم يحاولوا إصلاح سلوكها العدواني في بداية نشأتها.

في دراسة نشرت عام 2016 في مجلة علم الجينوم، والتي رسمت خارطة لجينات المئات من سلالات الكلاب، بحثًا عن المؤشرات الجينية التي تتحكم بمشاعر الخوف والعدوانية. وكما هو متوقع، أظهرت نتائج الدراسات ارتباطًا بين العدوانية والجين الذي يمنح هذه الفصائل من الكلاب الحجم الصغير.

كلب لطيف لكنه جبان

لعل أكثر الأسباب وضوحًا لجعل هذه الجراء الصغيرة تبادر في الهجوم هو أنها تشعر بالضعف تجاه الكلاب الأكبر حجما، لذلك نجدها غالبًا مذعورة. وبالتالي، تميل إلى الدفاع عن نفسها بسرعةٍ أكبر.

أظهرت نفس الدراسة لجامعة هلسنكي عام 2021 التي أشرنا إليها سابقًا أيضًا أن “الكلاب شديدة الخوف لديها احتمال أعلى بخمس مرات لإظهار سلوك عدواني مقارنةً بالكلاب التي لا تشعر الخوف. ومن المعروف أن الكلاب الصغيرة مقارنةً بالأكبر منها حجمًا، تعاني من مشاكل تتعلق بالشعور بالوحدة والخوف من أن تترك والعصبية المفرطة والحماس والنشاط الزائد، وذلك حين عودة أو مغادرة مربيها المنزل. يمكن الحد من هذه السلوكيات عن طريق إبقاء الكلاب بعيدًا عن المواقف والظروف التي يمكن أن تجعلها عدوانية، أو من خلال اتباع نهج المكافأة لتشجيعها على اتباع السلوك الجيد. ولكن بسبب الخطورة التي يمكن أن تسببها عدوانية الكلاب هذه، توصي منشآت الرعاية البيطرية في أمريكا (VCA Animal Hospitals) بالذهاب إلى الطبيب البيطري أو حتى اختصاصي معتمد في سلوكيات الحيوانات الأليفة كخطوة أولى لمتابعة الحالة الصحية والنفسية لحيوانك الأليف.

  • ترجمة: يوسف سالم.
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1