هل إجراء فحص لكامل الجسم فكرة سيئة؟!

تُجري العديد من العيادات الخاصة في المملكة المتحدة، مقابل رسوم ليست زهيدة، فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لكامل الجسم للكشف عن الأمراض والتشوهات في مرحلة مبكرة.

إنّ كيم كارداشيان وكيت هدسون من المعجبين بهذا الفحص. (كما يؤيده عددٌ من المشاهير).

إذاً، كيف تعمل هذه الفحوصات وهل هي “منقذة للحياة” كما تقول كارداشيان؟

يُعطي التصوير بالرنين المغناطيسي صورًا تشريحية تفصيلية ثلاثية الأبعاد لجميع الهياكل الداخلية تقريبًا في جسم الإنسان، بما في ذلك الأعضاء والعظام والعضلات والأوعية الدموية. وتعطي أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي صورًا للجسم باستخدام مغناطيس كبير وموجات إشعاعية. وعلى عكس الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب، فإنه لا يعتمد على الإشعاع المؤين، والذي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان زيادةً طفيفة.

تتراوح أسعار فحوصات الجسم الكاملة في المملكة المتحدة بين 1000 إلى 3000 جنيه إسترليني. ورغم أنها تعطي نظرة عامة جيدة على تشريح الجسم، إلا أنها لا تعمل على تحسين رؤية كل عضو أو جهاز. إن أيّ نتائج غير عادية سوف تحتاج إلى مزيد من التحقيق من خلال فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي المتخصصة لأشياء مثل القلب والبروستات. وذلك لأن الجهاز يحتاج إلى تعديل وفقًا لمعايير مختلفة لتحسين تصوير الأعضاء والأجهزة المختلفة.

من المهم ملاحظة أن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لا يمكنها الكشف عن معظم الأمراض التي يمكن الوقاية منها. إن أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري هي المسؤولة عن معظم الوفيات. ولا يمكن لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الكشف عنها. قد تظهر بعض التغيرات البنيوية، ولكن من المحتمل أن تظهر أعراض أخرى أولًا.

قد تكشف فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لكامل الجسم عن وجود خلل، غالبًا ما يشار إليه باسم “الأورام العرضية” لأنها مجرد نتائج عرضية، في الفحوصات التي تُجرى بحثًا عن أعراض أخرى.

أظهرت الدراسات التي أجرت أكثر من 16 ألف فحص بالرنين المغناطيسي لأدمغة المتطوعين أن أقل من 4% منهم احتوى على تشوهات تتطلب مزيدًا من التحقيق.

تشمل النتائج التي اكتشفت في فحوصات الدماغ تشوهات الغدة النخامية، مثل الأورام غير السرطانية. كما اكتشف اضطراب تدفق الدم إلى الدماغ (دون أعراض) في 7% من الحالات، وتمدد الأوعية الدموية في 1.8%، والأورام الحميدة في 1.6% من السكان.

تسبب التجمعات الصغيرة من الأوعية الدموية غير الطبيعية، المعروفة بالأورام الكهفية الدموية التي تظهر في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لدى حوالي واحد من كل 600 شخص أعراضًا في بعض الأحيان. أما التجمعات التي تسبب أعراضًا فعليًا، فتظهر لدى حوالي واحد من كل 400000 شخص.

هناك منطقة أخرى من الجسم تظهر فيها غالبًا أعراض عرضية، وهي العمود الفقري. وهناك استخدام متزايد للتصوير بالرنين المغناطيسي في علاج آلام الظهر. وقد يؤدي هذا إلى اكتشاف أورام عرضية مثل أورام العظام غير الضارة والأورام الدموية، وهي أورام صغيرة من الأوعية الدموية على العمود الفقري أو داخله.

تظهر الأورام الدموية لدى أكثر من 40% من الأشخاص الذين يخضعون لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، ولا تسبب 99% من هذه الحالات أيّ أعراض ولا تحتاج إلى علاج. أما نسبة 1% التي تعاني من أعراض مثل الألم أو الخدر أو الضعف، فتتطلب إجراء عملية جراحية لمنع تطور الحالة إلى الشلل.

تظهر أكياس تارلوف، وهي عبارة عن انتفاخ حول الأعصاب الخارجة من الحبل الشوكي في منطقة العجز (قرب أسفل العمود الفقري)، في حوالي 4% من السكان. ولا تظهر أيّ أعراض لدى معظمهم. ولكن أولئك الذين يعانون من أعراض، مثل الألم والخدر، قد يحتاجون إلى إجراء عملية جراحية لمنع تآكل العظام أو تلف الإمداد العصبي للساقين وهياكل الحوض والأعضاء التناسلية.

ماذا عن النتائج الخطيرة؟

تشير دراسة تحليلية (وهي دراسة تجمع بيانات عدد من الدراسات) إلى أن المشاكل الخطيرة التي تُكتشف بالصدفة من خلال فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي تكون 1.4% منها في الدماغ، و1.3% في الصدر، و1.9% في البطن.

هناك أيضًا احتمال أن تعطي هذه الفحوصات نتائج إيجابية كاذبة -أشياء تبدو وكأنها مرض ولكنها ليست كذلك. فهناك احتمال أن يكون 97 نتيجة إيجابية كاذبة لكل 1000 فحص ثدي و29 لكل 100 فحص بروستات.

تقدم هذه الفحوصات بعض المعلومات القيمة حول ما يحدث تحت الجلد. ومع ذلك، بالنسبة للعديد من الأشخاص، يصعب فهم التقارير والمصطلحات المستخدمة فيها. هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الشخص العادي يكافح لفهم العبارات الطبية الشائعة وغالبًا يفهم معنى معاكسًا لما قصده الطبيب -لتشخيص واحد. تتعلق التقارير الناتجة عن هذه الفحوصات بالجسم بأكمله وستحتوي على مستويات أعلى بكثير من المعلومات الطبية مقارنةً بتشخيص واحد – حتى عندما يكون كل شيء طبيعيًا.

وبما أن الناس يدفعون ثمن هذه الفحوصات دون أن يكون لديهم المال الكافي لتغطية أي تحقيق طبي لاحق، فإن أنظمة الرعاية الصحية المثقلة بالفعل سوف تضطر إلى التقاط التداعيات وضمان تأكيد النتائج الإيجابية الكاذبة والأورام الحميدة على هذا النحو.

توفر هذه الفحوصات فرصة لمعرفة ما يحدث داخل الجسم لمن يملكون المال الكافي لتحمل تكاليفها ولكن احتمالات العثور على شيء يحتاج إلى علاج طبي عاجل ضئيلة. ولو كان لدي المال الكافي لإنفاقه على واحدة من هذه الفحوصات، سأفضل إنفاقه في عطلة، الأمر الذي سيكون أفضل بكثير لصحتي.

  • ترجمة: سحر محمود
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1