هل فعلاً أنت بحاجة لشرب ثمانية أكواب من الماء يومياً؟

الأمر أكثر تعقيداً مما يبدو؛ من غير الواضح من أين أتت تلك الخرافة المتعلقة بحاجة الناس لشرب ثمانية أكواب من الماء يومياً، ولكن ربما جميعنا سمعنا بها خلال مرحلة ما من حياتنا.

الدليل على هذا الاعتقاد الشائع كان مطموساً ومبهماً، حيث استندت الدراسات السابقة على قدرة الناس على تذكر كمية المياه التي شربوها، وهو إجراء ضعيف الدقة.

ومن أجل تقديم تقدير أكثر دقة لكمية الماء التي نحتاجها بالضبط، فإن دراسة جديدة شملت ما يقارب 5600 شخص من جميع الفئات العمرية ومن 26 بلداً حول العالم.

قام الباحثون بتقديم 10ml من الماء المعزز بنسبة %5 من المياه مضاعفة الوسم للمشاركين.

غالباً ما تستخدم المياه مضاعفة الوسم من أجل التجارب الكيميائية الاستقلابية حيث تمثل وسيلة لتتبع مقدار سرعة حركية المركبات الكيميائية عبر الجسم.

يحوي هذا الصنف من الماء نظائر هيدروجين غير اعتيادية تدعى ديوتريوم.

تمتلك هذه النظائر نيوترون زائد ضمن نواتها، جاعلة بذلك الذرات المفردة أثقل وزناً ذرياً بمرتين من ذرات الهيدروجين العادية التي تمتلك فقط بروتوناً واحداً ولا تمتلك أي نيوترونات.

وكانت النتيجة أن هذه المياه الثقيلة التي تعتبر أثقل ب %10 من المياه العادية تعتبر آمنة عند شربها بكميات صغيرة.

ولجعلها مضاعفة الوسم، تم أيضاً مزج هذه المياه الثقيلة مع نمط آخر من المياه الحاوي على نظير الأوكسجين-18 oxygen-18، والذي يمتلك ثمانية بروتونات وعشرة نيوترونات داخل كل ذرة (بدلاً من ثمانية نيوترونات وثمانية بروتونات في كل ذرة للأوكسجين الطبيعي)، ويعد هذا الصنف من الأوكسجين مستقراً ومنتشراً بشكل طبيعي حيث يشكل ما نسبته 0.2 بالمئة من الهواء الذي نستنشقه.

واذا قمت بقياس معدل طرح الشخص لهذه النظائر المستقرة عبر البول لمدة أسبوع كامل، يمكن لنظير الهدروجين أن يخبرك بكمية الماء التي يعوضون عنها، ويمكن لعملية الطرح التي يخضع لها نظير الأوكسجين أن تخبرنا عن كمية السعرات التي يتم حرقها أثناء العملية حسب ما أشار له ديل شولر، وهو عالم في مجال التغذية والذي ساعد على إجراء هذه الدراسة.

كان مختبر جامعة ويسكونسن ماديسون حيث يعمل شولر، أول من قام بتوظيف تجربة المياه مضاعفة الوسم على الإنسان في الثمانينيات.

وفي آخر دراسة نشرت لهم بمجال العلوم، أظهر فريق الباحثين أن الوارد اليومي من المياه يتنوع بشكل واسع تبعاً للعمر، والجنس، و مستويات النشاط البدني إضافةً للمناخ.

وتشير هذه الدراسة الأخيرة بشكل واضح إلى أن حجم واحد ومحدد من الماء لا يناسب أن يكون مقياساً مرجعياً لكمية المياه اليومية، وهذا الاقتراح الشائع بأننا يجب أن نشرب ثمانية أونصات زجاجية من المياه يومياً (أي ما يقارب اللترين) لا يُعَدّ مسنداً بدليل موضوعي واضح، وفق ما كتبه الباحثون.

كانت النسبة الأكبر لمعدل دوران الماء في الجسم لدى الرجال بأعمار تترواح بين 20-30 ولدى النساء بأعمار تتراوح بين 20-55، حيث تتناقص النسبة لدى الرجال بعد عمر 40 ولدى النساء بعد عمر ال 65.

يمتلك المواليد الجدد أكبر نسبة من معدل دوران الماء بالنسبة لكامل الماء الموجود في أجسادهم، حيث يقومون باستبدال ما نسبته %28 كل يوم.

وتحت ظروف مشابهة يستهلك الرجال أكثر بحوالي النصف لتر ماء من النساء.

وعلى سبيل المثال، رجل بعمر العشرين، غير رياضي، يزن 70Kg ويعيش في دولة متطورة تقع على مستوى سطح البحر وتمتلك معدل رطوبة يقدر ب %50 وحرارة هواء وسطية بحوالي °10C، سيمتلك معدل دوران مائي يومي يقدر ب 3.2L.

وامرأة غير رياضية بنفس العمر وتعيش بنفس المكان والظروف ستمتلك معدل دوران مائي يومي يقدر ب 2.7L.

_زيادة استهلاك الطاقة اليومي بمعدل الضعف يزيد من دوران الماء اليومي بمقدار اللتر.

_ولكل 50Kg إضافية من وزن الجسم، يزيد معدل دوران الماء بالجسم بمقدار 0.7L يومياً.

_زيادة قافزة بمقدار %50 بمعدل الرطوبة ستزيد من معدل دوران الماء بمقدار 0.3L يومياً.

وكان هناك بعض الأشخاص ضمن الدراسة ممن يمتلكون معدلات دوران ماء عالية جداً، منهم 13 امرأة امتلكت معدل دوران يقدر ب 7L يومياً، إما أنهنَّ كُنَّ رياضيات أو حوامل أو يخضعن لظروف جوية حارة، وتسعة رجال استهلكوا ما يزيد عن 10L يومياً.

مرة أخرى هذه النتائج تعود لأشخاص ذوي نشاط عالي، إما رياضيين أو كادحين أمازونيين اكوادوريين.

وهذا التنوع يعني أن الرجوع لمعدل وسطي لن يخبرك الكثير حسب ما قال شولر.

ازداد معدل دوران الماء في أجسام النساء الحوامل خلال فترة الثلث الثالث من الحمل وخلال فترة الإرضاع.

والناس الذين يعيشون نمط حياة خامل ضمن مهاجع مضبوطة درجة الحرارة في الدول المتقدمة يمتلكون معدل دوران مائي أقل من الناس الذين يعملون كعمال حرفيين أو صيادين في البلدان النامية.

هذه المعلومات المرجعية المحدّثة ذات أهمية متزايدة بسبب الانفجار الكبير في النمو السكاني والتغيرات المناخية التي يواجهها العالم، والتي بكل تأكيد ستؤثر على توافر المياه الصالحة للاستهلاك البشري، حسب ما كتبه الباحثون.

  • ترجمة: حيان الحكيم
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1