تظهر النتائج الأولية أن دواء شائع قد يمدد خصوبة المرأة لسنوات

ينتطر عددٌ متزايدٌ من الناس فترة أطول قبل إنجاب الأطفال. ورغم وجود العديد من الأسباب التي قد تدفع الناس إلى التراجع عن هذا القرار، فإن نحو ثلث الأزواج يواجهون صعوبات في الحمل إذا تجاوزت الشريكة الأنثى سن الخامسة والثلاثين. ويرجع هذا إلى أن خصوبة المرأة تبدأ في الانحدار في هذا العمر.

لكن الباحثين في تجربة سريرية جارية يزعمون أن الراباميسين، وهو دواء يستخدم عادة لمنع فشل عمليات زرع الأعضاء، قد يكون قادرًا على تمديد سنوات الخصوبة لدى المرأة لمدة تصل إلى خمس سنوات.

يستند هذا إلى النتائج الأولية من الدراسة التجريبية الصغيرة التي أجروها، والتي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران.

بينما لا يزال من المبكر جدًا الحكم ما إذا كان الراباميسين سيكون مستقبل علاجات الخصوبة (سنحتاج إلى الانتظار عامين الآن حتى ينتهي الاختبار السريري) إلا أن هناك بعض الأسباب للتفاؤل بشأن النتائج التي أُبلغ عنها.

وأظهرت دراسات عديدة أجريت على الفئران أن الراباميسين مفيد للعديد من جوانب الشيخوخة (بما في ذلك الخصوبة).

يمكن أن يبدأ مستقبل الخصوبة قبل الولادة. أثناء وجود الجنين في رحم الأم، تتكون البويضات الأولية محاطة بخلايا متخصصة في المبايض. يحتوي كل جُريب على بويضة واحدة تدخل في حالة سبات حتى تُستدعى للاستخدام حين البلوغ.

يموت عدد كبير من البويضات قبل الولادة حتّى. هذا يعني أن كل امرأة تولد بجميع البويضات التي ستمتلكها على الإطلاق. يُعرف هذا باسم «الاحتياطي المبيضي». ويمكن لهذا الاحتياطي المبيضي الذي أُنشأ باكرًا أن يؤثر في قدرة المرأة على الحمل طوال سنوات الإنجاب.

خلال كل دورة شهرية، تُجنّد (اختيار) عشرات الجريبات، ولكن جُريب واحد مهيمن فقط سيطلق بويضته لتخصيبها. وستتحلل الجريبات المجندة الأخرى بواسطة المبيض.

مع تقدم المرأة في السن، يتضاءل احتياطي المبيض لديها حتى لا يتبقى لديها سوى عدد محدود من البويضات الجيدة. وفي هذه المرحلة، تنخفض بعض الهرمونات المبيضية المتداولة في جسمها، وذيبدأ انقطاع الطمث.

يبلغ متوسط عمر انقطاع الطمث 51 عامًا، رغم أن هذا قد يختلف على نطاق واسع بين النساء اعتمادًا على احتياطي المبايض لديهن. تعاني بعض النساء من انقطاع الطمث المبكر (الذي يحدث قبل سن 45).

قد تعاني حوالي 1% من النساء من انقطاع الطمث المبكر، والذي يحدث قبل سن الأربعين. وبما أن انقطاع الطمث يؤثر مباسرةً في الخصوبة، فإن انقطاع الطمث المبكر قد يؤثر جدًا على خطط المرأة للأمومة.

لكن إذا كان من الممكن تأخير شيخوخة المبايض، فقد يمدد ذلك خصوبة المرأة. هذا شيء قد يكون الراباميسين قادراً على القيام به.

إعادة توظيف الراباميسين

الراباميسين هو مركب جرثومي يطيل عمر الخلايا في المختبر.

يُستخدم هذا العقار كثيرًا لدى مرضى زراعة الأعضاء لتثبيط جهازهم المناعي حتى لا يرفض الجسم العضو الجديد. كما يُستخدم لعلاج بعض الحالات الوعائية عن طريق إبطاء نمو الخلايا (مثل الأورام).

تظهر مجموعة متزايدة من الأدلة أن الراباميسين قد يكون له فوائد أيضً فيما يتعلق بالشيخوخة.

أظهرت الأبحاث على الفئران أن الراباميسين يمكن أن يقاوم فقدان العضلات المرتبط بالعمر. كما ثبت أن الجرعة اليومية من الراباميسين تزيد متوسط عمر الفئران الكبيرة بنسبة 10%.

أما فيما يتعلق بالخصوبة، فقد أظهرت الدراسات أن الجرعة اليومية من الراباميسين تؤخر شيخوخة المبايض وانقطاع الطمث لدى الفئران.

لاحظ الباحثون زيادة في عدد البويضات الأولية – وهو الاحتياطي المبيضى – لدى الفئران الإناث الأكبر سنًا التي تناولت غذاءً يحتوي على الراباميسين.

علاوةً على ذلك، أنجبت هذه الفئران أيضاً نسلاً بنجاح في مرحلة متأخرة من العمر. وهذا يشير إلى أن للراباميسين القدرة المحتملة على تأخير سن اليأس المبكر لدى النساء.

لكن هل يمكن للدواء أن يفعل الشيء نفسه لدى البشر؟ هذا ما سعى فريق بحثي إلى التحقق منه. جمع الفريق 50 امرأة تتراوح أعمارهن بين 35 و45 عامًا، وكن في مرحلة انقطاع الطمث المبكر، لدراستهم التجريبية.

لمدة ثلاثة أشهر، تلقت النساء إما جرعة أسبوعية من الراباميسين أو دواء وهمي (دواء بلا تأثير). وراقبوا الاحتياطي المبيضي عن طريق الموجات فوق الصوتية المهبلية وعدد من تحاليل الدم للكشف عن مختلف هرمونات المبيض.

ويزعم الباحثون أن النتائج الأولية كانت مشجعة للغاية، مما يشير إلى أن الدواء قد يقلل من شيخوخة المبيض بنسبة 20% لدى النساء دون أي آثار جانبية للدواء. ويأمل الباحثون أن يعني هذا خمس سنوات إضافية من الخصوبة.

قد يؤدي الراباميسين إلى هذا التأثير الإيجابي من خلال الحد من عدد البويضات الأولية التي تُحشد وتُنشّط في كل دورة حيض.

ففي النساء اللواتي تلقين الراباميسين، جُندّت 15 بويضة فقط لكل دورة حيض – مقارنةً ب 50 بويضة لدى النساء في نفس العمر. ومع انخفاض تجنيد البويضات، يبدو أن الاحتياطي المبيضي يمتد لفترة أطول.

أظهرت الأبحاث السابقة على الفئران أن الراباميسين يُجنّد عددًا أقل من البويضات، مما قد يحافظ على الاحتياطي المبيضي.

الحفاظ على الخصوبة

كان حجم المجموعة في الدراسة الأولية صغيراً نوعاً ما. ولكن بالنظر إلى النتائج الواعدة التي يدعي الباحثون حصولهم عليها، فهذا يعني أنه يمكنهم الآن الانتقال إلى المرحلة التالية من تجربتهم – وهي جمع 1000 امرأة.

ونأمل أن تُؤكّد النتائج الأولية مرة أخرى وأن يظهر أن الراباميسين علاج فعال لشيخوخة المبايض في دراسة تخضع لمراجعة الأقران. وستكون هناك حاجة لدراسات إضافية للتحقق مما إذا كان هذا يؤدي إلى إطالة الخصوبة.

ولكن إذا أظهرت التجارب السريرية أن الراباميسين مفيد، فقد يساعد هذا النساء اللاتي يعانين من انخفاض احتياطي المبيض وأولئك الذين يأملون في إطالة فترة خصوبتهن.

علاوةً على ذلك، تسلط هذه الدراسة الضوء على إمكانية إعادة استخدام الأدوية الحالية لعلاج حالات أخرى لصحة المرأة ورفاهيتها. وهذا هو ما أفعله أنا وزملائي في فريق العمل بجامعة سنترال لانكستر أيضاً.

نحن نتحقق حالياً على مستوى الخلايا فيما إذا كانت إعادة استخدام أدوية السكري الشائعة يمكن أن يحسن الرحم ويجعل من الأسهل على الجنين أن يلتصق به. كما أننا ندرس هذه الأهداف لعلاج سرطان المبيض.

  • ترجمة: زينه المراد
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1