تُشفى كسور الساقين والكاحلين بشكل أفضل إذا مشيت عليها خلال أسابيع

أصبح استخدام العكازات لعدة أشهر شيئًا من الماضي إلى حد كبير. فالتحميل المبكر للوزن له فوائد حقيقية.

قبل عشرين عامًا، كسر زوجي مارك كاحله الأيسر وبقي في جبيرة وعلى عكازات لمدة تقارب الشهرين. ولكن في السنه الماضية، وعندما كسر الكاحل الآخر، فاجأنا الطبيب بتوجيه مارك للمشي عليه بعد أسبوعين من الجراحة.

لقد تبين أن النصيحة القياسية بالبقاء بعيدًا عن استخدام الساق بسبب العظام المكسورة لمدة لا تقل عن ستة أسابيع تعتمد أقل على الأدلة العلمية وتستند أكثر إلى الحذر الثقافي إذ يفضل الأطباء اتخاذ الاحتياطات والأمان. لكن تُظهر الدراسات الآن أن المضاعفات لا تكون أكثر احتمالًا مع التحميل المبكر للوزن مقارنةً بالتأخير الطويل. فباستثناء بعض الحالات المعقدة، يساعد المشي في وقت مبكر العظام المكسورة على الشفاء، ويُحسّن من نوعية الحياة: على سبيل المثال، يمكن للناس الرجوع إلى العمل والأنشطة الأخرى بشكل أسرع.

إذ يقول جراح إصابات العظام أليكس ترومبيتر من جامعة سانت جورج في لندن: إذا كنت لا تتحرك على الإطلاق، «ستخرج من الجبيرة بساقٍ مشعرة وذاوية نوعًا ما، الأمر الذي سيأخذ وقتًا طويلًا للتعافي منها. يخبرنا العلم أن معدل فقدان كتلة العضلات أسرع بكثير من معدل اكتسابها». أنت أيضًا بطيء في بناء العظام. خذ روّاد الفضاءعلى سبيل المثال: إنهم يفقدون 10% من كثافة عظامهم بعد ستة أشهر من تواجدهم في حالة انعدام للجاذبية في محطة الفضاء الدولية. لذلك هم يمارسون تمارين في الفضاء تعادل تحميل الوزن لتجنب هذا الفقدان.

في القرن التاسع عشر، أدرك عالم التشريح والجراح الألماني يوليوس وولف أن العظام الصحية تتلائم وتتغير استجابةً للحمولة التي تتعرض لها. ولهذا السبب، يجب على الجميع، وبالأخص النساء اللواتي هنّ أكثر عرضةً من الرجال لهشاشة العظام، رفع الأثقال مع التقدم في العمر لأن ذلك يزيد من كثافة العظام.

لم يكن للأفراد الذين ساروا مبكرًا على عظام الفخذ التي كانت مكسورة فوق الركبة معدلًا أعلى من المضاعفات مقارنةً بالذين بقوا بعيدين عن استخدام الساق لمدة ستة أسابيع.

فعندما تُكسر عظمة في أي مكان في الجسم، يهتم الأطباء أولًا بثبات تلك العظام: كم ستتحرك شظايا العظمة إذا وُضع عليها وزن؟ فإذا كانت الإجابة أكثر من اللازم، عادةً ما يكون التدخل الجراحي مطلوبًا: أولًا “التخفيض” لإعادة تنظيم قطع العظمة ثم “التثبيت” لإبقائها في مكانها باستخدام البراغي أو الألواح المُصفّحَة أو القضبان.

تُعِدّ هذه العملية العظمة، التي هي نسيج حي، للتعافي بشكل طبيعي عن طريق تكوين عظم جديد والتخلّص من الخلايا التالفة. أولًا، يتشكل في الفجوة الناتجة عن الكسر نسيج شفاء يسمى callus، ثم يتحول ذلك النسيج فيما بعد إلى عظم. إن المقدار المناسب من الحمل أو الحركة (وهنا يُطبّق اكتشاف وولف) هو أمر حاسم في هذه العملية لأن القليل جدًا من هذا الحمل يؤدي إلى عدم تكوين النسيج، ويؤدي الكثير منه إلى عدم التئام العظام مجددًا. وكما يقول جراح العظام كريس بريثيرتون من مستشفى كوين ماري في لندن: «إن الأمر كله يتعلق ببيئة الإجهاد».

تحافظ الغرسات الجراحية على المحاذاة حتى تكتمل تلك العملية. وكما تقول جراحة العظام مارلين هينغ من كلية الطب بجامعة ميامي ميلر: «إنه نوع من المنافسة بين شفاء العظمة وتثبيت الكسر بعد العملية الجراحية». في تلك المنافسة، تشجع هينج العظمة الجديدة قائلةً: «بمجرد أن يتعافى الجسم ويتشكل العظم في موقع الكسر، تصبح الأجهزة التي وضعناها زائدة عن الحاجة. لذا يكمن جوهر قراراتنا بشأن حالة تحمل الوزن في الرغبة بالفوز في تلك المنافسة».

إن وضع الوزن على العظام يساعد في تحقيق هذا الهدف. مع أن عملية شفاء العظام هي نفسها في جميع أنحاء الجسم، إلا أن عظام الأطراف السفلية مثل الوركين والفخذين والكاحلين تحمل تعقيدات أخرى لأنها تترك تأثيرًا سلبيًا على القدرة على المشي. ففي المرضى الذين يعانون من كسور في الورك، وهم في الغالب من الضعفاء كبار السن، يمكن أن تؤدي قلة الحركة هذه إلى عواقب وخيمة.

بعض المرضى لا يمتلكون القدرة على التحكم والقوة لإدارة تحميل الوزن الجزئي أثناء استخدام العكازات، لذلك يبقون في السرير. وقد يؤدي نقص الحركة إلى مشاكل خطيرة مثل تجلط الدم وضعف الرئتين. فقد أثبتت دراسة من عام 2005 وفاة 9% من المرضى الذين يعانون من كسور في الورك خلال 30 يومًا من الحادث، ووفاة 30% خلال السنة الأولى. لكن الدراسات الحديثة حول تعافي الورك تشير إلى أن تحميل الوزن المبكر يقلل من نسبة الوفيات، وقد غيّر الأطباء ممارساتهم. إذ يقول ترومبيتر: «إن المعيار الطبيعي للرعاية الآن هو الإصلاح والسماح للناس بالمشي».

يمكن أن تكون كسور العظام الطويلة، مثل عظمة الفخذ، سهلة العلاج نسبيًا باستخدام الصفائح. فقد أظهرت هينغ وزملاؤها في دراسة أخرى لنتائج مجموعة من المرضى أن الأفراد الذين بدأوا المشي مبكرًا على عظام الفخذ التي كُسرت فوق الركبة لم يكن لديهم معدل مضاعفات أعلى من أولئك الذين بقوا بعيدين عن استخدام الساق والمشي عليها لنحو ستة أسابيع.

أما بالنسبة للكاحلين، فقد نُشرت أكبر تجربة عشوائية محكّمة حتى الآن (480 حالة كسر عبر 23 مركزًا في المملكة المتحدة) في عام 2024 في مجلة لانسيت. إذ طُلب من نصف المرضى المشي في غضون أسبوعين، بينما طُلب من النصف الآخر الانتظار حتى بعد ستة أسابيع. وكانت الأعراض مثل العدوى أو كسر الصفائح منتشرة بالقدر نفسه في كلتا المجموعتين، لذلك لم يشكل المشي المبكر خطرًا أكبر. كما أبلغت مجموعة تحميل الوزن المبكر عن تحسّن أفضل في وظيفة الكاحل بعد ستة أسابيع وبعد أربعة أشهر من الجراحة. يقول بريثيرتون، الذي قاد الدراسة: «كان الجراحون بحاجة فقط إلى دفعة». ويأمل أن تعطيهم هذه الأدلة الثقة.

أما بالنسبة لزوجي، فقد استغل فرصة التحرك في أقرب وقت. وفي أقل من شهرين، وهو الوقت الذي استغرقه للتخلص من الجبيرة في المرة السابقة، كانت ندبته قد تعافت تمامًا، وكان يمشي بشكل طبيعي، لكن مع بعض القيود: لا جري، ولا دوران سريع، وعاد ليُمارس الرياضة مُجددًا.

من الواضح أنه قد فاز في هذه المنافسة.

  • ترجمة: روان العُمري
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1