تعرّف إلى العصفور رباعي الجنس!
ببساطة لو كان ثنائي الجنس ما كنت فعلت!
إذا كنت تعتقد أنَّ الإبحار في بركة المواعدة بين أجناس بني البشر أمرٌ صعبٌ، فقد آن الأوان لكي تتعرف إلى الحياة الجنسية للعصافير ذات الحلق الأبيض، والتي تعرف علميًا باسم Zonotrichia albicollis.
إنَّ أي عصفور ضمن هذه الفصيلة من الطيور يمكنه التزاوج مع واحد من أصل أربعة من العصافير ذات النوع ذاته….، ولكن لماذا؟ لأنَّ هذا النوع طوّر جنسين آخرين بالاضافة إلى الجنسين اللذين امتلكهما مسبقًا.
اكتشف هذه الميزة الفريدة والغريبة لتركيبة جيناتها عالما الأحياء المتخصصان بالعصافير ذات الحلق الأبيض المحلية في كندا إلينا توتل Elaina Tuttle وروستي غونسرRusty Gonser. فقد اكتشفا سوية تحولًا جينيًا في الأنواع تسبب في قلب جزء كبير من صبغي الطائر، مؤديًا لإنتاج أربعة أنماط وراثية لا يمكن أن تتكاثر بنجاح إلا مع أنماط وراثية محددة أخرى.
بحسب مجلة Nature، قال كريستوفر بالاكريشنان Christopher Balakrishnan عالم الأحياء التطويرية بجامعة شرق كارولاينا في جرينفيل بولاية شمال كارولاينا، وهو زميل العالمين سابقي الذكر: «إن هذا الطائر يتصرف وكأنَّ لديه أربعة أجناس، إذ يمكن للفرد التزاوج مع واحد من أصل أربعة أنواع من هذه العصافير فقط. هناك عدد قليل جدًا من الأنظمة الجنسية التي لديها أكثر من جنسين».
نصنف الأنواع عامةً على أنها حيوانات يمكنها التكاثر بنجاح لتكوين ذرية قابلة للحياة، ما يعني أن صغارها يمكن أن ينجبوا صغارًا. ومن الغريب أن العصفور ذا الحلق الأبيض قد تطور ليجعل هذا الأمر أصعب عليه، إذ تطور صبغيا النوع لأنواعٍ ثانويةٍ فريدة تحدد من تستطيع الطيور التزاوج معه بنجاح.
تنتشر العصافير ذات الحلق الأبيض إلى حد ما في أمريكا الشمالية، ولكن هناك شكلان لهذه الطيور: طيور ذات خطوط بيضاء على رؤوسها، وأخرى ذات خطوط سمراء. ذات الخطوط البيضاء رخيمة الصوت، لكنها عدائية، وتتزاوج في حياتها مرات عديدة، وتتميز بقصر فترة رعايتها لصغارها. لكن بالمقابل فإنَّ ذات الخطوط السمر تتزاوج مرة واحدة في حياتها، وتتميز بحسن تربيتها لصغارها، لكنها بالمقابل طيور رديئة الصوت.
على الرغم من الاختلافات بين كلا النوعين، فإن العصافير ذات الخطوط البيضاء لن تتزاوج إلا مع العصافير ذات الخطوط السمراء، والعكس صحيح. ماذا يقول البعض عن تجاذب الأقطاب؟
يمكن تفسير التقسيم الغريب داخل النوع الواحد من خلال حقيقة أن ذات الخطوط السمراء لديها نسختان متماثلتان من الصبغي، بينما في ذات الخطوط البيضاء هناك العديد من الانقلابات، حيث قُطعت أجزاء من الجينوم وقُلبت على نحوٍ فعال.
درس توتل وجونسر هذه الانقلابات بشكل أعمق ووجدا أنها خلطت الجينات بكفاءة لتكوين هذين الشكلين من العصافير. الانقلابات ليست فريدة من نوعها بالنسبة للعصافير ذات الحلق الأبيض، وتُنسب في الواقع إلى ظهور الصبغيين XX وXY التي تحدد الجنس في الثدييات، ونظام تحديد الجنس ZW الذي يحدد جنس الطائر. لكن العصفور ذا الحلق الأبيض استثنائي في إبداع اثنين من الصبغيات الإضافية لتمييز نفسه على نحوٍ فعال بامتلاك أربعة أجناس.
قال جونسر: «لكن من يدري؟ فقد يكون هناك العديد من الأنواع التي تحتوي على صبغيات جنسية غريبة ونحن لم نكلف أنفسنا أبدًا بعناء البحث عنها».
- ترجمة: زاهر مرعي حوراني
- تدقيق علمي ولغوي: شادي الصعوب
- المصادر: 1