كيف تجعل تقنية كريسبر حيوانات المزارع أكبر وأقوى وأكثر صحة؟

تصدرت أداة تعديل الجينات CRISPR عناوين الصحف على مدار السنوات العشر الماضية، إذ أظهر العلماء أنه يمكن استخدامها بسهولة لاستبدال جين كائن حي.

(كريسبر: تقنية هندسة وراثية تمكننا من حذف أو استبدال أو إدخال جين جديد إلى تسلسل ال DNA).

يمكن للتكنولوجيا أن تحدث ثورة في الرعاية الصحية نهاية المطاف. على سبيل المثال، استخدام تقنية كريسبر بشكل تجريبي لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان. وفي العام الماضي، استخدمت إحدى الشركات تقنية كريسبر لمحاولة علاج امرأة تعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول بشكل خطير.

لكن يمكن أن تغير تقنية كريسبر تربية الحيوان، بما في ذلك تربية الأحياء المائية. فقد قام باحثون هذا الأسبوع بإدخال جين مأخوذ من DNA تمساح في الحمض النووي لسمك السلور. لا تتمثل الفكرة في جعل هذه الأسماك أكثر شبهًا بالتمساح، ولكن لجعلها أكثر مقاومة للأمراض، إذ اتضح أن التمساح لديه موهبة خاصة في حاربة العدوى.

في الظروف الراهنة يموت حوالي 40% من الأسماك المستزرعة (المولودة في مزارع الأسماك) في جميع أنحاء العالم قبل حصادها. تخيل أنك قادر على منع جزء من تلك الخسارة.

هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء تعديل جينات حيوانات المزرعة. بالطبع، استخدم المزارعون التربية الانتقائية (تربية الحيوانات ذات الصفات المرغوبة دونًا عن غيرها من الحيوانات) لمحاولة جعل الحيوانات أكبر حجمًا وذات كتلة عضلية أكبر وسهلة الانقياد ويمكن تربيتها لعدة أجيال، لكن أدوات تعديل الجينات مثل كريسبر ستسمح لهم بتقدم العملية على نحو أسرع.

توفر تقنية كريسبر تقدمًا كبيرًا مقارنة بأدوات تعديل الجينات السابقة. فهي رخيصة نسبيًا وسريعة وسهلة الاستخدام. إذ تسمح الأشكال الأحدث من كريسبر للعلماء بعمل المزيد من التعديلات للجينات، كما تسمح لنا بعض الأشكال بتغيير الأحرف الأساسية للحمض النووي DNA، مثل استبدال ‘C: سايتوزين’ ب ‘T: ثايمين’ . والبعض الآخر يتيح لنا إدخال جينات جديدة تمامًا.

لذلك ربما ليس من الغريب أن يبدأ العلماء بتجربة تقنية كريسبر في حيوانات المزرعة. أحد الأهداف جين يسمى ميوستاتين myostatin، والذي يرمز لبروتين يتحكم بنمو العضلات. إذ يمكن أن يؤدي التدخل في هذا الجين إلى فرط نمو العضلات. بعبارة أخرى، الحصول على حيوانات ذات كتلة عضلية كبيرة، وطبعًا…. المزيد من اللحوم.

لقد جرب العلماء بالفعل استخدام تقنية كريسبر لإنتاج أبقار وخنازير وأغنام وأرانب وماعز ذات عضلات ضخمة. إلّا أنه لم تسفر هذه الدراسات عن نتائج مثالية. فالعديد من الحيوانات ماتت في مرحلة الطفولة. والكثير منها كان لديهم ألسنة كبيرة بشكل غريب.

كما يجري البحث في ميدان الأسماك على قدم وساق. باستخدام تقنية كريسبر لاستهداف جين الميوستاتين، أنتج العلماء في اليابان أسماك الدنيس الأحمر بحجم أكبر وأثقل، مع 17% عضلات أكثر من نظيراتها غير المعدلة جينيًا، على الرغم من إطعامها نفس الكمية من الطعام.

وقد استخدمت أساليب مماثلة في تسمين سمك الشبوط والبلطي وسمك السلور والحيوانات المائية الأخرى، بما في ذلك المحار. ويقوم باحثون آخرون بتجربة طرق مختلفة لاستخدام تقنية كريسبر لتعزيز مقاومة الأمراض أو إنتاج سمك السلمون المنتج لأوميغا 3.

لن تجد الآن حيوانات كريسبر كمنتجات على رفوف السوبر ماركت، لكن هذا ممكن قريبًا، ففي عام 2021 وافقت اليابان على بيع سمكتين معدلتين بتقنية كريسبر. واحدة منها هي سمك الدنيس المعزز، والأخرى هي سمكة النمر المنتفخة المصممة أيضًا لتكون أثقل.

يأمل باحثو سمك السلور المعدّل جينيًا أن يحصلوا على الموافقة للإنتاج التجاري في الولايات المتحدة. لكن هذا قد يستغرق بعض الوقت. سُمح حتى الآن ببيع سمكة واحدة معدلة وراثيًا في الولايات المتحدة -واستغرق الأمر عقودًا للوصول إلى هذه النقطة.

تقول سيلفيا وولف، الرئيس التنفيذي ورئيس شركة أكواباونتي المنتجة للأسماك: «تمتلك سمكة سلمون AquAdvantage نمطًا وراثيًا يجعلها تنمو بشكلٍ أكبر، لذا فهي تحتاج 25% علفًا أقل لتصل للحجم الذي يمكن بيعها معه».

صنعت الشركة أول الأسماك المعدلة وراثيًا عام 1992، لكنها لم تدخل السوق الأمريكية حتى عام 2021. تقول وولف: «بالنسبة لشركة ناشئة تأسست في عام 1991، استغرق الأمر أكثر من 30 عامًا لإدخال سمك السلمون الأطلسي المبتكر إلى السوق، وبتكلفة تتجاوز 100 مليون دولار أمريكي».

كان للموافقة على الخنازير المعدلة جينيًا جدول زمني مماثل. في عام 2001، قامت شركة PPL Therapeutics (المعروفة الآن باسم Revivicor) بإنتاج خنازير معدلة وراثيًا خالية من سكر alpha-gal. والهدف الرئيسي كان استخدام هذه الخنازير في تنمية أعضاء لزراعتها في مرضى يعانون من الرفض المناعي تجاه هذا السكر.

في عام 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء على الاستهلاك البشري لهذه الحيوانات. هذه اللحوم المعدلة وراثيًا والآمنة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه سكر alpha-gal ستكون متاحة الطلب عبر البريد فقط، وفقًا لبيان صحفي لإدارة FDA.

من الصعب التنبؤ بسرعة حصول حيوانات كريسبر على الموافقة الأميركية، لكنها في طريقها لذلك.

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1