أسرع مجهر إلكتروني في العالم يتحرى حركة الإلكترونات.

ابتكر العلماء أسرع المجاهر الإلكترونية تصويرًا، بأمل أن يهديهم إلى فهم سلوك الإلكترونات.

ابتكر العلماء أسرع مجهر إلكتروني في العالم حتى اللحظة، وهو من السرعة بما يجعلنا نلمح الإلكترونات وهي تتحرك.

هذا الجهاز نسخة حديثة للمجهر الإلكتروني النافذ، ويلتقط صورًا للإلكترونات وهي تتحرك عبر ضربها بنبضات إلكترونية مدتها جزء من الكوينتيليون من الثانية. هذا الإنجاز يستحق الاحتفاء، كيف لا والإلكترونات تتحرك بسرعة 2200 كيلومتر في الثانية، أي أنها تلف الأرض كلها في 18.4 ثانية فقط.

كيف تُرتب الإلكترونات نفسها وتغير تموضعها في الذرات والجزيئات هو سؤال أساسي في كلا الفيزياء والكيمياء، لكن الطبيعة السريعة للغاية للجزيئات الصغيرة تجعل دراساتها صعبة جدًا.

وتحدث محمد حسن، المؤلف الرئيس والأستاذ المساعد في الفيزياء وعلوم البصريات بجامعة أريزونا، في بيان قائلًا: «المجهر الإلكتروني النافذ يشبه ما يجيء به أحدث جيل من الهواتف الذكية من كاميرات، إذ يتيح لنا التقاط صور لما كنا لا نراه، مثل الإلكترونات. نأمل بهذه الأداة أن يفهم المجتمع العلمي الفيزياء الكمية لسلوك الإلكترون وحركته».

في التصوير مفهوم يسمى زمن التعرض أو سرعة الغالق في الكاميرات، وهو الزمن الذي يستغرقه الجهاز لالتقاط الصور، وكلما قصر كان أفضل، وأمكن تصوير الأجسام السريعة [توضيح المترجم]. دأب العلماء على تقليل ذلك الوقت وبلغوا في مطلع القرن الواحد والعشرين سرعة قدرها أجزاء صغيرة جدًا من الثانية، تسمى أتو ثانية وقدرها أو 1×10^-18 ثانية. ونال من أنجز ذلك من العلماء جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2023.

الأتو ثانية فترة قصيرة جدًا، حتى قياسًا بالثانية. إنها تساوي ما تساويه الثانية الواحدة قياسًا بعمر الكون. وبعد تقليل وقت تعريض المجهر الإلكتروني إلى نطاق الأتو ثانية، سهَّل الفيزيائيون فهم كيفية حمل الإلكترونات الشحنة، وسلوكها في أشباه الموصلات والماء السائل، وطريقة تفكك الروابط الكيميائية بين الذرات.

لكن نطاق الأتو ثانية الصغير هذا أكبر من أن يصور الحركات الفردية للإلكترونات. لذا أعد الفيزيائيون في هذه الدراسة مصدر إلكترونات يطلق نبضات طول كل منها أتو ثانية واحدة. تصدم تلك النبضات العينة موضع الدراسة، فتتباطأ الإلكترونات عند النفاذ فيها وتُغيِّر شكل واجهة موجة شعاع الإلكترون. بعد ذلك يُكبَّر الشعاع المتباطئ بعدسة ثم يرتد عن مادة فلورية تضيء حين يصدمها.

وبعد أن جمع الباحثون نبضة الإلكترون ونبضتين متزامنتين من الضوء (لإثارة الإلكترونات في المادة فتتحرك وتكون نبضة إلكترونية)، تمكنوا من سبر أغوار حركة الإلكترونات بالغة السرعة في الذرات. وفي هذا قال حسن: «استطعنا تحقيق دقة تصوير تقاس بالأتو ثانية بفضل مجهرنا الإلكتروني النافذ، وسمينا العملية الفحص المجهري الأَتوي [نسبة إلى الأتو ثانية]. بات يمكننا رؤية لمحات من الإلكترون وهو يتحرك للمرة الأولى».

نشر الباحثون نتائجهم في 21 أغسطس في دورية ساينس أدفانسز، وهم يأملون أن يساعدهم هذا الجهاز في اكتشاف معلومات جديدة عن حركة الجسيمات الدقيقة عند دراستها به.

  • ترجمة: مي العواد
  • المصادر: 1