%60 من المحاصيل الغذائية على سطح الأرض تفتقر إلى زيارة الملَقِّحات

توصّلت دراسة جديدة إلى أنّ المحاصيل الغذائية حول العالم لم تبلغ كامل إمكاناتها بسبب قلّة تلقيح الحشرات لها.

فللحشرات دور مهم في عمليّة التلقيح، ولكن تناقص عددها بشكل جماعي، أدّى إلى عواقب خطيرة على محاصيل الغذاء العالميّة، إذ إنّ 75% من هذه المحاصيل تعتمد- جزئيًا إن لم يكن كليًّا- على الحشرات الملقِّحة.

ولكن لاتشمل هذه المحاصيل محاصيلَ أساسيّة كالأرز والقمح، كما أشارت كاثرين تورو، وهي عالمة بيئيّة في جامعة روتجرز في الولايات المتحدة الأمريكية والمؤلِّفة الأولى للدراسة، إلى ضرورة التلقيح وقالت: «إنّ الأطعمة الغنيّة بالعناصر الغذائيّة والمرغوب فيها، والتي نحب ولها علاقة بتقافتنا، وأكثر أنواع الخضار والفواكه التي تشتهيها أنفسنا من قائمة المحاصيل المتنوعة كالتوت الصيفيّ والتفّاح والقرع في فصل الخريف، فهذه المحاصيل كلّها تحتاج عادةً لتّلقيح الحشرات».

حتى الآن، هناك ندرة في البحوث التجريبيّة حول الحد من الملقحات في المحاصيل، بينما نعلم أنّ هذه الظاهرة أثّرت على مخزون الغذاء العالمي، وليس هناك وضوح إلى أيّ حدٍّ ستنتشر هذه الظاهرة.

استندت العديد من الدراسات على تقديرات الحد الأقصى للإنتاجيّة المحتملة معتمدةً على التلقيح اليدوي، الذي قد يزيد التقدير في حد اللقاح، ويقاس التأثير على أرض الواقع مباشرةً من خلال تتبّع عدد زيارات الحشرات لزهر المحاصيل، وسيعطي العائد الناتج صورة أكثر واقعيّة.

وقد أجرى فريقٌ يضم جنسيات متعدّدة تحليلًا لأكثر المجموعات البيانيّة شموليّةً في العالم حول تلقيح المحاصيل، لقياس مدى التأثير الذي يحدثه نقص الملقّحات على إنتاج الغذاء، وتعقّب الفريق 32 نوعًا من المحاصيل والسلع التجارية الأساسيّة التي تعتمد على الملقحات.

تعد قاعدة البيانات CroPol – مفتوحة المصدر- جهدًا دوليًّا نجح حتى اللحظة في جمع بيانات مدة ثلاثة عقود حول ملقحات المحاصيل وزيارات الزهور والتلقيح.

وجدت تورو وزملاؤها من خلال صورٍ تفصيليّة محدوديّة مايقارب 60% من أنظمة المحاصيل العالميّة لعدم كفاية التلقيح.

وتؤثر هذه الظاهرة على 25 من أصل 49 نوعًا من المحاصيل المختلفة التي أخضعوها للتحليل، وكان التأثير الأسوأ على محاصيل التوت البرّي والقهوة والتّفاح.

ويحدث تحديد الملقّحات لدى %85 من الدول التي تشملها قاعدة البيانات هذه، ويغطي التحديد أيضًا القارات الست.

وقالت تورو: «إنّ النتائج التي توصلنا إليها تدعو للقلق والتفاؤل، واكتشفنا عجزًا واسع الانتشار في الإنتاجيّة، وقدّرنا ذلك أيضًا من خلال استمرار الاستثمار في إدارة الملقحات والبحوث، ومن المرجح أنّ نتمكّن من تحسين كفاءة حقول المحاصيل التي نشرف عليها حاليًّا لتلبية الحاجة الغذائية العالميّة».

ويقدّر الباحثون أنّ زيادة زيارات الملقحات في الحقول ذات الزيارات المنخفضة إلى المستويات الملحوظة في الحقول ذات الأداء الأفضل، من شأنه تقليص الهوّة بين الحقول ذات الإنتاجية المنخفضة والمرتفعة إلى نسبة 63%.

وأضافت تورو: «إذا استطاع مديرو الحقول تحسين التطابق بين الحقول ذات الإنتاجية المنخفضة والحقول ذات الإنتاجية المرتفعة، فيمكننا حينها التوصل إلى حلّ العديد من مشاكل الإنتاجية الملحوظة». ورأى الباحثون أن احتماليّة الحدّ من الملقحات أقل بكثير ضمن الكيلو متر الواحد (0.6 ميل) من الحقل، ومع أنّ هذا التأثير ليس عالميًا، إلا أنّه يشير إلى دور الأنظمة البيئيّة الأوسع التي تحيط بالأراضي الزراعيّة، وقد يكون لها دور في بقاء الحشرات المفيدة.

ولكنّهم لم يحددوا ماهيّة النماذج من بين 12 مجموعة من البيانات، تلك التي تؤثر تأثيرًا قويًّا على الغابات، وقال المؤلفون في دراسةٍ تلتها أنّهم بحاجة لفهم حساسية الملقحات نحو الأراضي الحراجيّة بشكل أفضل.

وتقول راشيل وينفري عالمة البيئة في جامعة روتجرز: «تكشف إنتاجيّة المحاصيل قياس مقدار نموّ المحاصيل لكل وحدة مساحة من الأرض، وتقيّم كفاءة مخزون الغذاء العالمي نسبةً إلى عدد سكّانه، وأفضت النتائج التي توصّلنا إليها لتوجيه الاهتمام أكثر تجاه الملقحات، فلعلّ المزارعين يستطيعون العمل لجعل الأراضي الزراعيّة أكثر إنتاجًا».

ولكن عالأغلب ذلك أصعب ممانظن، لأن الحشرات تتعرض لهجوم شرس من المبيدات الحشريّة، إضافةً إلى التقلّبات الموسميّة وفقدان موائلها.

وربما قياس الخدمات التي يقدمها حلفاؤنا من الدول الصغيرة لصناعاتنا وتبلغ قيمتها مليار دولار، ستساعدنا لحمل التهديدات التي تواجهنا محمل الجدّ.

  • ترجمة: آيات حبيب
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1