
هل يمكن أن يجعلك الطقس البارد مريضًا؟
يمكن أن يؤدي التعرض لدرجات حرارة منخفضة لفترات طويلة إلى مجموعة من الحالات الصحية المختلفة، وقد يهدد بعضها الحياة.
إنه اعتقاد شائع خاطئ بأن برودة الجسم تعني أنك ستصاب بنزلة برد، ربما لأن التهابات الجهاز التنفسي ترتفع عادةً خلال أشهر الشتاء. ففي حين أن الطقس البارد يمكن أن يجعلنا أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى (على سبيل المثال، يخفض الدفاعات المناعية ضد فيروسات الجهاز التنفسي)، إلا أنه في الواقع لا تسبب الظروف القارسة المرض في المقام الأول.
ولكن يوجد العديد من الحالات الأخرى التي تسببها درجات الحرارة الباردة. ويعد انخفاض حرارة الجسم Hypothermia أحد الأمثلة على ذلك، وهو يحدث بسبب انخفاض خطير في درجة حرارة الجسم الأساسية.
عادةً، تكون درجة حرارة جسم الإنسان منظمة تمامًا عند 37 درجة مئوية (ما يعادل 98.6 فهرنهايت) مع زيادة أو نقصان درجة أو نحو ذلك. وذلك يحافظ على استمرار جميع العمليات الفسيولوجية الطبيعية في الجسم.
ومع ذلك، إذا تعرض شخص ما لدرجات حرارة شديدة البرودة، فقد لا يتمكن الجسم من إنتاج الحرارة بالسرعة التي يفقدها بها، الأمر الذي يتسبب في انخفاض درجة حرارة الجسم الأساسية. فإذا انخفضت درجة حرارة جسم الفرد إلى أقل من 35 درجة مئوية (ما يعادل 95 فهرنهايت) يمكن أن يُصاب بانخفاض حرارة الجسم أو ما يُعرف بهايبوثيرميا Hypothermia.
يسبب انخفاض حرارة الجسم مجموعة من الأعراض، تتضمن القشعريرة، وشحوب وبرودة وجفاف الجلد، وصعوبة في الكلام، والتنفس البطيء. وإذا لم يُعالج يمكن أن يؤدي إلى فشل وخلل وظيفي في الأعضاء، وقد يؤدي في النهاية إلى الوفاة. ففي الولايات المتحدة، يموت كل عام ما بين 700 و1,500 فرد بسبب انخفاض حرارة الجسم.
كما يمكن أن يؤدي التعرض لدرجات حرارة أقل من 0 درجة مئوية (ما يعادل 32 فهرنهايت)، وخاصةً لفترات طويلة، إلى حالة جلدية تُعرف باسم قضمة الصقيع. ويُعدّ الأطفال والأفراد بلا مأوى وكبار السن معرضون بشكل خاص لخطر هذه الحالة. تحدث قضمة الصقيع عادةً في أطراف الجسم، مثل أصابع اليدين والقدمين والأنف والأذنين. إذ يسبب البرد الشديد تجمّد الماء في الأنسجة مما يقيّد تدفّق الدم، وربما يؤدي إلى موت الأنسجة. ومن ثمّ قد يتحول لون جلد المريض إلى الأرجواني أو الأزرق، وفي بعض الحالات الشديدة قد يتعين إزالة النسيج الميت عن طريق عملية جراحية أو البتر.
قالت د. راشيل أمدور، الأستاذة المساعدة في الطب في جامعة نورثويسترون، لموقع Live Science، أن هناك حالة أخرى يسببها الطقس البارد وتؤثر على تدفق الدم تسمى متلازمة رينود Reynaud’s syndrome.
يسبب مرض رينود انقباض الأوعية الدموية، خاصةً تلك الموجودة في أطراف الجسم، مثل أصابع اليدين والقدمين، فتصبح بيضاء أو زرقاء. وقالت أمدور أن هذه الحالة يسببها البرد لدى الأفراد المعرضين للإصابة بهذه المتلازمة. ويشمل ذلك الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي لهذه الحالة، والأفراد المصابين بأمراض أخرى معينة، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة، أو أولئك الذين يتناولون أدوية معينة، بما فيها بعض الأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو الصداع النصفي.
يوجد أمثلة أخرى للأمراض الناجمة عن الطقس البارد بما في ذلك قدم الخندق، وهو تلف يصيب القدم بسبب التعرض لفترات طويلة إلى الطقس البارد والرطب. وتقرّح اليدين، إذ تظهر تورمات حكة على الجلد. وشرى البرد، الذي يأخذ فيه الجلد شكل خلايا النحل.
أضافت أمدور أن الطقس البارد يمكن أن يفاقم أمراضًا أخرى، مثل الأكزيما وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو أو اضطراب الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
إضافةً إلى ذلك، تعد النوبات القلبية أكثر شيوعًا في الشتاء، لأنه على الأرجح عندما تنقبض الأوعية الدموية لدى الأفراد، يرتفع ضغط الدم الأمر الذي يجبر القلب على العمل بجهد أكبر من المعتاد.
- ترجمة: تقوى العبيدي
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1