علاج جديد فعّال لسرطان البنكرياس القاتل

يعد سرطان البنكرياس القاتل واحداً من أخطر أنواع السرطانات، ولم يزل سوى %15 من الرجال و%14 من النساء ممن أصيبوا بالمرض على قيد الحياة بعد 5 سنوات من التشخيص.

لا تظهر أغلب أعراض سرطان البنكرياس إلا في الحالات المتقدمة منه، ثم إن علاجه يصعب بعد التفشي في الجسم، واستئصاله جذريًّا بالعمل الجراحي يصبح مستحيلًا.

أحرز الباحثون حاليًا في جامعة كوبنهاغن والمشفى الوطني فيها تقدمًا لافتًا في تطوير علاج لسرطان البنكرياس.

ويشرح لارس هينينج انجلهولم، المؤلف المشارك في دراسة جديدة نشرت في موقع التقدم العلمي، أن الدراسة اعتمدت على تقنية ADC (مركبات الأجسام المضادة والأدوية)، التي تستخدم في العلاجات السرطانية الأخرى.

يقول رئيس المجموعة انجلهولم من مختبر فينسن في المشفى الوطني ومركز أبحاث التكنولوجيا الحيوية والابتكار في جامعة كوبنهاغن: “لقد نجحنا سابقًا في تطوير ما يسمى العلاج بمركبات الأجسام المضادة والأدوية لعلاج الورم اللحمي الخبيث (الساركوما)، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء للتجارب السريرية FDA، في بدء هذا العلاج بالوقت القريب، وعكفنا في دراستنا الجديدة على تطوير العلاج لأجل مرضى سرطان البنكرياس، المعروف لسوء الحظ بشيوعه وفتكه”.

وتابع: “فعليًا، لم يشهد علاج سرطان البنكرياس أي تقدمًا طوال 20 سنة الماضية، غير أن دراستنا الجديدة أظهرت نتائج واعدة مع نوع علاج جديد يمكنه محاربة السرطان على عدة أصعدة. فيقتل هذا العلاج الخلايا السرطانية والخلايا الداعمة التي يستخدمها السرطان للنمو ولحماية نفسه، وفي أثناء استهدافه الخلايا الداعمة يطلق مادة سامة تقتل الخلايا السرطانية المجاورة، وتدمير هذه الخلايا يُضعف بنية الورم ليسهل على الجهاز المناعي في الجسم مهاجمة الورم والتخلص منه”.

تتألف الأدوية المحمولة على الأجسام المضادة من ثلاث مكونات رئيسة: جسم مضاد ورابط كيميائي يربط الجسم المضاد وحيد النسيلة بالدواء إضافةً إلى دواء علاج كيميائي قوي.

عندما يحدد العلاج موقع الخلايا السرطانية ويخترقها، يتحلل الرابط، فيتنشط العلاج الكيميائي ويقتل الخلية السرطانية من الداخل، واستراتيجية حصان طراودة هذه تنتهج علاجًا يستهدف الخلايا السرطانية دون التسبب بأذى للخلايا السليمة.

أمل جديد للمرضى

لأن العلاج بمقارن الأدوية بالأجسام المضادة دقيق جدًا وأذيته للخلايا السليمة تكاد تكون معدومة، فمن المرجح لأن يكون هذا العلاج مرشحًا لعلاج السرطانات الأخبث.

ويوضح انجلهولم: “يتميّز علاجنا بكونه دقيق ويستهدف الخلايا السرطانية دونًا عن سواها، وبهذه التقنية- يطلق العلاج الكيميائي داخل الخلايا- ولقلّما نجد آثارًا جانبية مقارنةً بالعلاجات الأخرى”.

ويسعى الباحثون لتطوير علاج قد يفيد المرضى في قادم الأيام. لذلك، تأكَدوا من إمكانية اختباره على المرضى في العيادات السريرية.

يقول انجلهولم: “وكجزء من العلاج أضفنا طابعا إنسانيا على الجسم المضاد، أي غيّرنا في بنيته ليشبه الجسم المضاد الطبيعي الذي يتشكل في جسم الإنسان.

يضمن هذا التعديل أن لا يتعرّف الجهاز المناعي على الجسم المضاد وينظر إليه كجسم غريب فيحاربه. إنّ إضفاء الطابع الإنساني خطوة حَرِجة في جعل العلاج آمن وفعّال للمرضى وبمثابة الخطوة الأولى في التجارب السريرية “.

ويعمل الباحثون الآن على تطوير علاج المستقبل ليصبح جاهزًا لاختباره على مرضى سرطان البنكرياس في العيادات.

صرّح انجولهولم: “يصعب علاج سرطان البنكرياس فهو من السرطانات المميتة. وفي الوقت الحالي، لايوجد علاج مضاد بمقارن الأدوية بالأجسام المضادة مستحسن لعلاج هذا النوع، ومهمتنا مواصلة تطوير العلاج للوصول إلى الحد الذي يمكّننا من استقطاب التمويل من شركات الأدوية وشركات التكنولوجية الحيوية أو تشكيل قاعدة لإنشاء شركة فرعية، يمكنها مع الوقت من أن تخطو خطوة فعليّة نحو تطبيق العلاج في العيادات السريرية على البشر وذلك في غضون ثلاث إلى خمس سنوات قادمة. ومع الوقت، قد تصل دقة هذا العلاج وفاعليته لعلاج المرضى الذين يعانون من أنواع السرطانات الأخرى”.

وتابع بالقول: “نحن بالفعل نبحث عن احتمالية استخدام علاج بمقارن الأدوية بالأجسام المضادة في علاج أنواع أخرى من السرطان كسرطان الثدي الثلاثي السلبي وسرطان القولون، مع الحاجة الملحّة للبحث عن خيارات علاجية أفضل، بالإضافة إلى استمرار الدعم والتعاون. ونأمل أن يمهّد هذا العلاج الطريق لعلاجات أكثر فاعلية تُحدث فارقًا في معاناة المرضى من بعض السرطانات المميتة”.

  • ترجمة: آيات حبيب
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1