هل يرتفع التستوستيرون عند الجري؟

حقيقةٌ أم خيال، هل يرتفع التستوستيرون عند الجري؟

تحدثنا مع خبراء لنكتشف صحة ذلك.

إن فوائد الجري الصحية على المستوى النفسي والجسدي موثقة بشكلٍ جيد لكن هل يرفع من مستويات التستوستيرون؟

يرافق مستويات التستوستيرون الأعلى الوفير من الفوائد الصحية بما فيها تعزيز الكثافة العظمية، زيادة النمو العضلي وتحسين المزاج، لذا من السهل فهم رغبة الناس في المزيد من هذا الهرمون.

عادًة ما توصف رياضة رفع الأثقال أنها الطريقة الأفضل لرفع مستويات التستوستيرون لديك، لكن هل من الممكن أن يكون للركض على واحدة من أفضل أجهزة الجري نفس التأثير؟

للإجابة على ذلك من المهم أولًا فهم ما هو التستوستيرون وتأثيراته المتعددة على الجسم.

لقد تحدثنا مع اثنين من الخبراء الطبيين الدكتور ومساعد الابتكار السريري لدى ثريفا نويل يونغ وحسين عبده المدير السريري والمشرف الصيدلاني لدى Medicine Directلمعرفة المزيد حول مدى تأثير الجري على مستويات التستوستيرون.

ما هو التستوستيرون؟

على الأرجح أنك سمعت بهذه الكلمة عدة مرات من قبل، لكن ما هو التستوستيرون؟

يقول الدكتور يونغ «التستوستيرون هو هرمون ستيروئيدي مسؤول عن تطور ما يسمى بالصفات الجنسية الثانوية، أو التغيرات الحاصلة عند البلوغ».

«بالنسبة للذكور فهو يسبب ثخانة حنجرتك ويجعل صوتك أعمق، نمو شعر الوجه والعانة وتطور القضيب والخصيتين».

وبشكلٍ أساسي، بالنسبة للمهتمين بالرابط بين مستويات التستوستيرون والأداء الرياضي، فهو يساعد أيضًا في بناء العضلات وتقوية العظام كما هو الحال بالنسبة للرغبة الجنسية وإنتاج النطاف.

يقول الدكتور يونغ «غالبًا ما يُدعى بهرمون الذكورة الجنسي ويُصنع بواسطة الخصيتين» ويضيف «هو يظهر بمستويات أقل عند النساء أيضًا ويُصنع من قبل الغدد الكظرية والمبيضين».

«عند النساء هو مسؤول عن الرغبة والاستثارة، كما يلعب دورًا في نمو القوة العضلية والعظمية».

فوائد ومساوئ المستويات العالية من التستوستيرون

ترافقت المستويات العالية من التستوستيرون مع زيادة في الكثافة العظمية والنمو العضلي بالإضافة لتحسين المزاج ويقول الدكتور يونغ «من المغري التفكير بأن المزيد يجب أن يعني الحصول على الأفضل ولكن هذا غير صحيح».

ويتابع قائلًا «من الممكن أن يؤدي الحصول على مستويات عالية من التستوستيرون إلى المشاكل كمشاكل البشرة والشعر وتضخم البروستات، كما يمكن أن تؤدي إلى إنقاص معدل الخصوبة وسوء صحة القلب نتيجًة لكسب الوزن بالإضافة لارتفاع الكوليسترول وضغط الدم».

ويقترح الدكتور يونغ بدلًا عن ذلك أهمية الحفاظ على مستويات صحية من التستوستيرون فكلا المستويين العالي والمنخفض ترافقا بتأثيرات مرضية.

«عندما يكون التستوستيرون لديك بالمستويات المثالية فذلك سيترافق مع تحسن في الطاقة، صحة القلب، المزاج، الذاكرة والرغبة الجنسية، بالإضافة لعظام أقوى وكتلة جسم أكثر رشاقة».

بحثت مراجعة منشورة عام 2010 في دورية Sports Medicine لاكتشاف فيزيولوجية التستوستيرون في التدرب باستخدام تمارين المقاومة مدى التأثيرات التي يملكها هذا الهرمون على النمو العضلي.

وقد وجدت أن «التستوستيرون واحد من أكثر الهرمونات الستيرويدية البنائية المُفرزة طبيعيًا تأثيرًا وتأثيراته البيولوجية تشمل تحريض النمو العضلي، يحاكي التستوستيرون في العضلات عملية تصنيع البروتين ويعيق تحلله وهذه الآثار مجتمعة هي المسؤولة عن تحريض تضخم العضلات بواسطة التستوستيرون».

بينما أُثبِتَ أن مستويات التستوستيرون العالية تفيد الساعين إلى الضخامة العضلية ألا إنها يمكن أن تؤثر بشكلٍ إيجابي على الجهاز العظمي.

«التستوستيرون مهم بالنسبة للكثافة العظمية التي تتراجع مع التقدم بالعمر عند الرجال» يشرح عبده «يجعل التقدم بالعمر عظامك أضعف ويزيد من خطر تعرضك لهشاشة العظام، ومستويات أعلى من التستوستيرون تنقص هذا الخطر».

هل يرفع الجري هرمون التستوستيرون؟

«قد يملك الجري تأثيرًا على التستوستيرون ولكن يعتمد ذلك على الشدة التي تمارس الجري بها»

يشرح الدكتور يونغ «الأدلة تقترح أن تحفيز التستوستيرون يحتاج للجري بشدة أعلى كالركض بسرعة (الجري بسرعة لمسافات قصيرة أقل من 400 متر)، لرؤية هذا التأثير عليك الجري بنسبة 90% من استهلاكك للأوكسجين الأقصى (طريقة لقياس الشدة)».

الأخبار الجيدة أنك تحتاج 90 ثانية فقط من الجري بهذه السرعة لتحقيق زيادة في التستوستيرون طبقًا لموقع Healthline.

«يُعتقد أن آلية الحدوث هذه عائدة لردة فعل الجسم على التمرين الذي يحرض تحرر مجموعة من الهرمونات التي تحطم مخازن الطاقة (كالأدرينالين والكورتيزول) وتساعد في بناء وإصلاح العضلات (كالتستوستيرون)».

لكنه يحذر أن الجري لفتراتٍ أطول قد يؤدي لإنقاص مستويات التستوستيرون «إن الذي يحدث هو نتيجة آثار الكورتيزول والذي هو هرمون توتر ويملك علاقة عكسية مع التستوستيرون، فبينما يرتفع انتاج الكورتيزول ينخفض التستوستيرون والعكس صحيح، قد يؤدي التمرين بشكل مطول إلى زيادة في الكورتيزول وانخفاض في التستوستيرون».

«الجري يرهق الجسم مما قد يؤثر على الجهاز الغدي»

يتوسع عبده قائلًا «الجهاز الغدي هو المسؤول عن إنتاج وإفراز كل الهرمونات الجسمية وهو حساس جدًا للتوتر خاصًة الأجزاء المرتبطة بالتكاثر كالتستوستيرون».

«السبب في هذا أنه عندما يكون جسمك تحت التوتر فالوظائف الأساسية للحياة توضع أولًا ولأن التكاثر ليس أساسيًا للحياة فإنتاج التستوستيرون يُعطى أولوية منخفضة بواسطة الجهاز الغدي»

مع ذلك فإنه ليس من العادة أن يكون انخفاض التستوستيرون نتيجة الجري كافي لإحداث مشاكل ذات أهمية على الصحة.

أفضل التمارين لزيادة مستويات التستوستيرون

تظهر الأبحاث أن على أي أحد يبحث عن نشاط فيزيائي محفز للتستوستيرون أن يتجه نحو طرق التدريب المعتمدة على المقاومة كرياضة بناء الأجسام ورفع الأثقال.

وجدت دراسة منشورة في الدورية الأوربية للفيزيولوجية التطبيقية: «بشكلٍ عام إن تراكيز التستوستيرون ترتفع بعد تمرين مقاومة شديد لدى الرجال، على أي حال فاستجابة التستوستيرون لتمارين المقاومة هي محط جدل».

«تمارين المقاومة أو القوة والأثقال جيدة بشكلٍ خاص لرفع مستويات التستوستيرون» يقول الدكتور يونغ «يزداد هذا التأثير بزيادة مساحة العضلات المشاركة بالتدريب، لذا فالقيام بتمرين القرفصاء (السكوات) بعد تمرين عضلات الذراع الأمامية (الباي سيبس)، أو استخدام الأوزان الحرة بعد التمارين على الآلة سيكون أفضل، فكلاهما يشرك مجموعات عضلية أكبر الجذع، الظهر والفخذين».

«على أي حال، يقود التدرب حتى الإنهاك إلى انخفاض التستوستيرون لذا من المهم عدم المبالغة بإجهاد نفسك وإعطاء الوقت الكافي للتعافي بين الجلسات التدريبية».

عوامل أخرى قد تزيد من إنتاج التستوستيرون

كما ذكر سابقًا يمكن للتوتر وما يتبعه من إنتاج الكورتيزول أن يخفض مستويات التستوستيرون، لذا فمن خلال التحكم بمستويات التوتر يمكنك تخفيف هذا التأثير.

يقترح الدكتور يونغ استخدام طرق كالتدريب الذهني والتنفس العميق لتخفيف مستويات التوتر، كما يقول أن النوم الصحي بشكلٍ جيد له أثر إيجابي على مستويات التوتر.

هو يقول «الحصول على نومٍ قليل جدًا يمكن أن يرفع هرمونات التوتر في جسمك وبالتالي انخفاض التستوستيرون».

أظهرت دراسة منشورة في دورية Sleep Science أن مستويات التستوستيرون تنخفض بنسبة 10 إلى 15 بالمئة بعد خفض وقت النوم إلى خمس ساعات لمدة خمس أيام، لذا اسعَ للحصول على سبع إلى تسع ساعاتٍ من النوم الجيد.

وهناك أيضًا عوامل غذائية تستطيع التركيز عليها لضمان عدم انخفاض مستويات التستوستيرون.

«تأكد من حصولك على المغنيزيوم والزنك الكافي في نظامك الغذائي» ينصح الدكتور يونغ «يدخل الزنك في عملية انتاج التستوستيرون وقد رُبِطَ بين مجموعة عيوب وانخفاض التستوستيرون، كما يرافق انخفاض المغنيزيوم انخفاض في التستوستيرون ولكن لازال الدور الذي يلعبه في إنتاج التستوستيرون غير واضح».

تعد بذور اليقطين وبذور الشيا والسبانخ مصادر جيدة للزنك كما تعد الفاصولياء واللفت والسبانخ مصادر جيدة للمغنيزيوم.

  • ترجمة: علي نجوم
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1