أملٌ جديدٌ لمرضى السكري-1
يعني تشخيصك بداء السكري نمط 1 تلقي حقن الإنسولين مدى الحياة، حتى الآن ليس بمتناول أيدينا أي حل جذري سريع.
حتى اليوم، واجه كل تقدّم معرفيّ وعدَ بحل لداء السكري صعوباتٍ لايستهان بها، جعلته غير قابل للتطبيق على أغلب المرضى. الآن، عدّل الباحثون في الولايات المتحدة الأمريكية على أحد أنواع العلاجات المعتمدة على زراعة الأعضاء مما يبعث الأمل إلى 9 ملايين مريض سكري حول العالم.
«إن جهاز المناعة هو أداة دفاع مضبوطة بدقة تضمن صحة الأفراد في بيئة مليئة بالأخماج»، كما أوضح اختصاصي علم المناعة هافال شيروان، أحد الباحثين في جامعة ميسوري.
«يتطور الداء السكري نمط 1 عندما يخطئ جهاز المناعة بالتعرف على الخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس ويفترض أنها عوامل ممرضة خارجية فيدمرها».
تتجمع هذه الخلايا المنتجة للإنسولين في تكتلات تدعى جزر لانغرهانس، والتي تقضي عليها الخلايا المناعية ذات الوظيفة الشاذة.
تتضمن العلاجات المفيدة زراعة خلايا الجزر، أو زراعة البنكرياس بأكمله، بُغية تأمين جزر أكثر لإنتاج الإنسولين. على أية حال، هذه العلاجات لا تخلو من المخاطر؛ يحتاج الخاضعون لزراعة عضو إلى تلقي أدوية مثبطة للمناعة طيلة حياة العضو المزروع، لضمان أن الخلايا المناعية للجسم المضيف لن تدمر هذا النسيج الجديد.
«يجب أن يكون متلقو الجزر المزروعة مثبطين مناعيًا لبقية حياتهم بعوامل ليست فقط سامة لخلايا المتلقي وخلايا بيتا في الطعم المزروع بل قد تُطور مقاومة محيطية للإنسولين»، كما كتب الفريق في نشرتهم الأخيرة.
«لذلك، فإن تطوير حمية غذائية مولدة للتحمل المناعي تجنبنا الحاجة لتثبيط المناعة سوف يسهل التطبيق الواسع لزراعة جزر لانغرهانس كعلاج شاف للسكري نمط 1».
في دراسة ما قبل سريرية أجريت على قردة سينومولجوس (والتي تعرف باسم المكاك آكلة السلطعون) أحرز الفريق نجاحًا هائلًا بزراعة جزر لانغرهانس مقرونةً بميكروجيل يتضمن FasL -وهو بروتين يشارك في عملية موت الخلايا- على سطحها.
«يحدث أحد أنواع الموت الخلوي المبرمج عندما يتفاعل بروتين يدعى FasL مع آخر يدعى Fas على الخلايا المناعية الشاذة، مما يسبب موتها»، بحسب قول اختصاصية علم المناعة من جامعة ميسوري إيسما يولكو.
«لذلك، كان فريقنا أول من أصدر تقنية أتاحت إنتاج صيغة جديدة من FasL وهيئته على خلايا الجزر البنكرياسية المزروعة أو الميكروجيل لمنع رفضها من قبل خلايا المضيف».
«بعد زراعة خلايا الجزر البنكرياسية المنتجة للإنسولين، تتحرك خلايا المضيف باتجاه الطعم بُغيةَ تدميره ولكن يمنعها FasL، مرتبطًا بـFas الموجود على سطحها».
لم يكن ذلك الفرق الوحيد عن الزرعات التقليدية. عوضًا عن زراعة هذه الخلايا في الكبد (الطريق السريري المعتاد)، شكّل الباحثون جيبًا صغيرًا في الثرب، وهو طبقة مسطحة واسعة من النسيج الشحمي تقع مباشرةً تحت المعدة.
«بخلاف الكبد فإن الثرب عضوٌ غير حيوي، لذلك يتوجب عند إزالته مواجهة الاختلاطات غير المرغوبة الناتجة»، حسب قول المؤلف جي لي، اختصاصي علم المناعة في مشفى ماساتشوستس العام.
«لذلك، يعد الثرب موقعًا أأمن للطعوم لشفاء السكري ويمكن أن يكون ملائمًا خصيصًا لخلايا بيتا المشتقة من الخلايا الجذعية والخلايا المهندسة بيولوجيًا».
تلقى أربعةٌ من القردة ميكروجيل FasL، بينما ثلاثة قردة من مجموعة الشاهد، تلقوا ميكروجيل من دون FasL.
لاحقًا، أعطى الباحثون القردة دواءً واحدًا فقط مضادًا للرفض المناعي يدعى الراباميسين لمدة ثلاثة أشهر من الجراحة.
بعد ذلك، أُوقفت الأدوية وحافظت القردة التي تلقت علاج FasL على سكر الدم مضبوطًا طوال مدة الدراسة – حتى 188 يومًا بعد الجراحة.
لسوء الحظ، أُوقفت التجربة بسبب جائحة كوفيد-19، لكن بالمقارنة مع مجموعة الشاهد، التي حافظت على سكر الدم مضبوطًا لمدة شهرٍ واحدٍ وسطيًا، كانت هذه النتيجة رائعة.
«تعتمد استراتيجتنا على خلق بيئة موضعية ذات أفضلية مناعية تسمح للجزر بالبقاء حية من دون الحاجة لتثبيط مناعي طويل الأمد، وتحقق ضبطًا سليمًا لسكر الدم في كل السكريين من الرئيسيات غير البشر خلال دراسة استمرت ستة أشهر»، كما أوضح لي.
«نعتقد أن أسلوبنا يسمح للزرعات أن تنجو وتضبط السكري لفترة أطول من ستة أشهر دون الأدوية المضادة للرفض وذلك لأن الاستئصال الجراحي للنسيج المزروع في نهاية الدراسة أعاد كل الحيونات فورًا إلى الحالة السكرية».
رغم أن التخطيط كان لبدء تجربة سريرية على البشر، إلا أن الطريق مازال طويلًا قبل أن يصبح هذا العلاج قابل للإعطاء لمريض سكري 1.
أيضًا، من المهم الإشارة إلى أن القردة ليست بشرًا رغم التشابه الكبير بينهما.
على سبيل المثال، أشار الباحثون إلى أن غشاء الثّرب لدى القردة أرق بكثير من نظيره لدى البشر، لذلك قد تختلف النتائج.
سوف نحتاج المزيد من الأبحاث لنتأكد.
ومع ذلك، فإن النتيجة مثيرة للإعجاب، قدّم أعضاء الفريق مريضًا وأنشأوا شركةً جديدةً لاستقدام نتائجهم إلى التجارب لسريرية.
نُشر البحث في صحيفة تطورات العلوم.
- ترجمة: يارا خضور
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1