ما هي عضة الصقيع وما هي علاماتها وكيف يجب أن نتعامل معها؟

بينما تواجه بلدان نصف الكرة الشمالي موجة من البرد القارس، هناك خطرٌ كبيرٌ للإصابة وحتى الوفاة من الطقس المتجمد. لكن، ولحسن الحظ يمكن لجسم الإنسان النجاة في تلك الدرجات الجليدية من خلال اتباع التدابير الوقائية والحماية الصحيحة.

هذا ما تحتاج أن تعرفه عن إصابة البرد الأكثر شيوعًا وهي عضة الصقيع وعلاجها.

يعمل الجسم عملًا مثاليًا عند درجة 37 مئوية ولديه عدد من الآليات المدمجة للتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها في البيئات المحيطة. ومن هذه الآليات؛ تغيير سرعة التنفس وتعديل إمدادات الدم إلى الأجزاء المختلفة من الجسم أو تعديل كمية السوائل المتناولة لضمان استعادة ما نفقده خلال التنفس والحركة والتبول.

ورغم التحكم في درجة الحرارة في أجسامنا إلا أننا قد نظل عرضة لإصابات الطقس البارد في حال عدم وجود الحماية المناسبة.

تحدث عضة الصقيع نتيجة تلف الأنسجة وتصيب عادة الجلد حين التعرض لدرجات حرارة تحت الصفر.

وتكون أعضاء الجسم الأكثر تضررًا هي الأذنين وأصابع اليدين والقدمين والخدين والشفتين والأنف والأطراف الأخرى المكشوفة أو غير المغطاة بما فيه الكفاية مثل القضيب في الرياضات الشتوية أو العينين.

وكي تصاب بعضة الصقيع يجب أن تتعرض أعضاء الجسم المكشوفة لدرجة حرارة أقل من 0.55 درجة مئوية تحت الصفر لعدة ساعات. ولكن طول التعرض للبرد ليس هو العامل الوحيد، فكلما كانت درجة الحرارة أقل من الصفر زادت سرعة الإصابة بعضة الصقيع. كما للهواء البارد تأثيرٌ كبيرٌ على احتمال الإصابة بعضة الصقيع أيضًا. فعلى سبيل المثال يمكن أن تسبب درجات الحرارة -20 عضة الصقيع على الجلد المكشوف في أقل من 30 دقيقة. وتزيد الملابس المبللة أيضًا من خطر الإصابة بعضة الصقيع إذ تُخفّض الرطوبة درجة حرارة الجسم بشكل أسرع بكثير من الهواء مما يقلل من الوقت المستغرق للإصابة بعضة الصقيع.

على من تؤثر؟

تعد عضة الصقيع أكثر شيوعًا بين الرجال وتتزايد في بعض الفئات المهنية مثل العاملين في الزراعة وصيد الأسماك ومتسلقي الجبال والعمال اليدويين والعسكريين. إلّا أنه مع بدء سكان العالم العيش في بيئات أكثر قسوة وزيادة الرياضات الشتوية والثلجية، فمن المرجح أن يزداد حدوث عضة الصقيع بين أفراد المجتمع. ويتزايد الخطر لدى مرضى السُّكري أو ما قبل السُّكري ليس بسبب عدم قدرتهم على استقلاب الجلوكوز ولكن لأن تلف الجهاز العصبي يعني أنهم أقل قدرة على الشعور بالبرد والاستجابة له. ويؤدي انخفاض القدرة على الشعور بالبرد أيضًا إلى احتمالية تعرض الأشخاص الذين أصيبوا بسكتة دماغية أو لديهم تلف في الأعصاب الطرفية للإصابة بعضة الصقيع.

ويعد الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أيضًا أكثر عرضة للخطر لأن البرد وخاصة الرياح يسحب حرارة الجسم مما يزيد من الضغط على القلب الذي يجب أن يبذل جهدًا أكبر للحفاظ على دفء الجسم.

كما يعتبر استهلاك الكحول المفرط عامل خطر آخر للإصابة بعضة الصقيع إذ يمنع التسمم الشديد استجابة الجسم الوقائية لدرجات الحرارة المنخفضة ويمكن أن يؤدي إلى عدم إدراك المصاب للألم وعدم الراحة كعلامة إنذار مبكر لأضرار البرد. كما يقلل استهلاك الكحول أيضًا من ضغط الدم مما قد يقلل كمية الدم التي تضخ إلى الأطراف.

الأعراض

يتسبب الطقس البارد في انخفاض درجة حرارة الجلد المكشوف مما يؤدي إلى استجابة الجسم وتقليل تدفق الدم (تضيق الأوعية) إلى هذه المناطق الباردة للحفاظ على درجة حرارة الجسم الأساسية. ويعد الحفاظ على درجة حرارة الجسم الأساسية أمرًا هامًا للحفاظ على عمل الدماغ والقلب والكلى والرئتين ومنع انخفاض حرارة الجسم.

ويقلل سحب الدم من الأطراف من خطر تشكل بلورات الثلج في الدم ومع ذلك وبمرور الوقت والتعرض المستمر للبرد يبدأ الماء في الأنسجة في التجمد مما يسبب إتلاف بلورات الثلج للأنسجة.

ويؤدي هذا التبريد إلى وخز وخدر في المناطق المكشوفة ويتلون الجلد باللون الأحمر أو الأبيض بينما يحاول الجسم جاهدًا إعادة تدفئة نفسه. وتعرف هذه المرحلة الأولية باسم خدر الصقيع ورغم أنها مؤلمة إلّا أنها لا تسبب ضررًا دائمً للأنسجة، وبعد هذه المرحلة تبدأ الأنسجة بالتجمد.

إذا تجمد الجلد والأنسجة الضامة تحته فقط، يسمى هذا عضة الصقيع السطحية، ويتحول الجلد إلى اللون الباهت أو حتى الأزرق الرمادي بسبب انخفاض تدفق الدم وتشكل بلورات الجليد ومحدودية إمدادات الدم مع الإحساس بالخدر الكامل في المناطق المصابة. ومع استمرار التعرض للبرد يتعمق تجمد الأنسجة بما في ذلك العضلات والأوتار والأوعية الدموية وحتى العظام. ويُعرف بعضة الصقيع العميقة ويؤدي لنتائج أكثر تطرفًا مثل البتر.

العلاج والوقاية

يجب طلب العلاج الطبي الفوري حين التعرض لعضة الصقيع، وللأسف غالبًا يكون ألم الشفاء أسوأ بكثير من الإصابة. فإعادة تدفئة الجسم هي عملية إعادة الأجزاء المصابة إلى درجة حرارة الجسم الطبيعية المناسبة للعمل. ومع ذلك عندما تتلف بلورات الثلج الأنسجة تشيع البثور وتصبح الأعصاب شديدة الحساسية مما يسبب ألمًا مُبرّحًا. وفي الحالات الشديدة قد تكون هناك حاجة لإجراء جراحة التنضير لإزالة الأنسجة الميتة. وفي الحالات القصوى هناك احتمال عدم إمكانية إنقاذ المنطقة المصابة، مما يتطلب البتر إذا لم تكن الأنسجة قد ماتت بالفعل وسقطت وحدها.

إذا كان عليك الخروج خلال موجات البرد القارس، حاول أن تقلل من وقت البقاء في الخارج، وتأكد من لبس طبقات متعددة فهذا يقلل من فقد الحرارة، وارتد أي شيءٍ يوفر حاجز يحمي أطرافك من البرد إذ يمكن أن تحمي القبعات والقفازات والأوشحة الأعضاء الأكثر تضررًا من عضة الصقيع.

  • ترجمة: رنا حسن السوقي
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1