تمكن الفيزيائيون من الرصد المباشر للحركة الذرية في جزيئات الماء السائل

أنجز فريقٌ دولي من علماء الفيزياء التجريبية من الولايات المتحدة والسويد، أول رصدٍ مباشر لكيفية شد ودفع ذرات الهيدروجين للجزيئات المجاورة في جزيئات الماء، متأثرةً بضوء الليزر المسلط عليها.

يتكون كل جزيء ماء من ذرة أكسجين واحدة وذرتي هيدروجين، وشبكة من الروابط الهيدروجينية بين ذرات الهيدروجين موجبة الشحنة في الجزيء الواحد وذرات الأكسجين سالبة الشحنة في الجزيئات المجاورة تربطهم جميعًا معًا.

هذه الشبكة المعقدة هي القوة المحفزة وراء العديد من خصائص الماء التي لا يمكن تفسيرها، وحتى وقت قريب، لم يتمكن الفيزيائيون من رصد كيفية تفاعل جزيئات الماء مع مجاورتها على نحو مباشر.

يقول دكتور كيلي جافني، وهو فيزيائي في معهد ستانفورد بالس في مختبر المسرع الوطني SLAC: «تُبرِز الكتلة المنخفضة لذرات الهيدروجين سلوكها الشبيه بالموجة الكمومية».

«هذه الدراسة الأولى التي توضح على نحو مباشر، استجابة شبكة الرابطة الهيدروجينية لدفع من الطاقة، والتي تعتمد بصورة حتمية على طبيعة الميكانيكية الكمومية لكيفية تباعد ذرات الهيدروجين، والتي لطالما اُقتُرِحَت كمسؤولة عن الخصائص الفريدة للماء وشبكة الرابطة الهدروجينية الخاصة بها».

حتى الآن ما يزال يمثل إجراء هذا الرصد تحديًا؛ لأن حركات الروابط الهدروجينية صغيرة وسريعة للغاية.

وقد تغلبت التجربة الجديدة على هذه المشكلة باستخدام ما يسمى بـ(SLAC’s MeV-UED)، وهي عبارة عن كاميرا عالية السرعة قادرة على استشعار الحركة الطفيفة للجزيئات، وذلك بتشتيت شعاع من الإلكترونات قبالة العينات.

ابتكر الباحثون نفاثات للماء السائل بسمك 100 نانومتر، مع ضبط اهتزاز جزيئات الماء مع أشعة الليزر تحت الحمراء.

ومن ثم استهدفت هذه الجزيئات بنبضات قصيرة من الإلكترونات عالية الطاقة، صادرة عن أداة حيود الإلكترون فائق السرعة (MeV-UED)، والتي تعطي لقطات عالية الدقة للتركيب الذري المتحرك للجزيئات، والتي من شأنها أن تربطها معًا بطريقة التصوير المتعاقب لكيفية استجابة شبكة جزيئات الماء للضوء.

كشفت هذه اللقطات، والتي تركز على مجموعات مؤلفة من ثلاثة جزيئات ماء، أنه عندما يبدأ جزيء الماء المثار بالاهتزاز، تشد ذرة الهيدروجين الخاصة بها ذرات الأكسجين من جزيئات الماء المجاورة الأقرب، قبل أن تدفعها بعيدًا بالقوة المكتسبة مؤخرًا، مما يوسع الفراغ بين الجزيئات.

يقول البروفيسور أندرس نيلسون، الباحث في جامعة ستوكهولم: «على الرغم من افتراض كون ما يسمى بالتأثير النووي الكمي هو الجوهر الكامن وراء الخصائص الغريبة للماء، إلا إن هذه التجربة تمثل المرة الأولى على الإطلاق التي تٌرصد فيها على نحو مباشر».

وقد قال البروفيسور جي يانغ، الباحث في جامعة تسينغهوا: «كان الباحثون يحاولون لفترة طويلة فهم شبكة الروابط الهيدروجينية باستخدام تقنيات تحليل الطيف».

يكمن الجمال وراء هذه التجربة في تَمكننا للمرة الأولى على الإطلاق من رصد كيفية حركة هذه الجزيئات.

  • ترجمة: هزار حمود
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1