زراعة أجهزة تنقل المتعة مباشرةً للدماغ! ما الأخلاقيات والعواقب؟!

مقدمة: يمكن أن يكون ذلك كارثيًا على الصحة العامة ويثير أسئلة لا تحمد عقباها حول من سيكون المسؤول عن الشعور بالتحسن: الأفراد أم الشركة التي تغرس التكنولوجيا العصبية الترفيهية في أجسادهم أم الوكالات التنظيمية التي ستتدخل لتنظيم تكنولوجيا الدماغ كما يفعلون مع الأدوية اليوم!

يزداد عدد العلماء الذين يتوقعون أن نوعًا من «زر الشعور بالرضا» -جهاز يمكن زرعه داخل الدماغ ليطلق مشاعرًا ممتعة تلقائيًا- من الممكن أن يكون حقيقة في المستقبل القريب فجأةً.

في الحقيقة، بعض البحوث التي نشأت وتوسعت بالفعل من التجارب السريرية أو الطبية، تشير إلى أن التكنولوجيا محط الجدل بدأت بالفعل في طريقها إلينا. كما أخبر العديد من الخبراء موقع Futurism، بما في ذلك قسم من العلماء ممن يجرون هذه الدراسات، أنهم يعتقدون أن التحفيز العصبي الذي يتم لأغراض ترفيهية فقط لن يكون ممكنًا فحسب، بل سيكون بمثابة صدمة للجمهور. ولكن مع احتمالية توفر هذه التكنولوجيا، يظل هناك سؤال كبير قائمًا: هل يجب أن تتوفر حقًا؟

يقول تيم برَنز، مهندس الطب الحيوي من جامعة ميشيغان أن «هناك أشخاص يستعملون التحفيز الكهربائي بطرق عديدة للترفيه، قد يكون الأمر ترفيهيًا أو لا يكون، ولكن الناس يقومون بهذه الأمور دون وصفة طبية من أجل أنفسهم الآن».

كما تساءل برَنز «هل سنرى إعلانات تجارية على التلفزيون أو منتجات على الرف؟» وأجاب «أعتقد ذلك».

أجرى برَنز العديد من الدراسات البارزة التي استخدمت التحفيز الكهربائي على أعصاب معينة لعلاج وتحسين وظيفة المثانة. لكنه سرعان ما أدرك أن هذه التحفيزات -سواء بالقرب من المثانة، أو على الكاحل، وبشكل غامض- بدت أيضًا وكأنها تعالج اضطرابات الوظيفة الجنسية التي تؤدي لصعوبة الوصول للإثارة، خاصة لدى النساء.

بالرغم من الاعتقاد المصاحب لظهور النتائج البحثية الأولية، بصعوبة تأمين التمويل اللازم لأبحاث الوظائف الجنسية للإناث ما لم يكن هناك إصابة في الحبل الشوكي، كونه عينة بحثية صغيرة؛ مما يجعل متابعة الدراسات السريرية وتحسين سلامة وفعالية مثل هذا الجهاز صعبة، إلا أن برَنز وزملاؤه تكهنوا بأن النسخة الترفيهية والصديقة للمستهلك لن تكون بعيدة المنال.

قال دوجلاس ويبر، المهندس الميكانيكي وعالم الأعصاب بجامعة كارنيجي ميلون لِـ Futurism: «أنه يحدث بالفعل».

كما أضاف ويبر، الذي كان مشرف ما بعد الدكتوراه السابق لبرَنز «يمكنك العثور على العديد من أجهزة التحفيز العصبي على موقع آمازون، بعضها سيجعلك أقوى، ويخفف من آلامك، ويساعدك على إنقاص الوزن، والبعض الآخر سيجعلك أكثر ذكاءً. أنا لا أملك أيًا من هذه الأجهزة، لكنني أتوقع أن يتم تطوير أجهزة التحفيز العصبي، ربما في العقدين المقبلين، والتي ستوفر فوائد حقيقية وقيّمة للمستهلكين».

العقل يهيم في الجنس بالطبع، لكن المتعة المستمدة من التحفيز الكهربائي يمكن أن تتخذ أشكالًا عديدة، سواء تم تدليك عضلاتك بنبضات كهربائية قوية، أو بتعزيز الدوبامين أو استخدام التكنولوجيا التي يمكن أن تجعلك أسرع وأقوى وأكثر ذكاءً، أو -أكثر قربًا- باستخدام مجس كهربائي مزروع بالعمق من دماغك مما يجعلك سعيدًا بسهولة.

على سبيل المثال، عالج العلماء مؤخرًا الاكتئاب الشديد لمريضة بزرعة عصبية تصعق دماغها 300 مرة في اليوم، وتقول أنها سمحت لها بالضحك بشكل عفوي والشعور بالفرح لأول مرة منذ سنوات.

بالطبع، يتطلب العلاج زرع قطب كهربائي في أعماق الدماغ -وهذا العلاج حصري حاليًا لأشد الحالات الطبية- ولكن نظرًا لأن تقانة الترابط بالدماغ تصبح بلا هوادة أكثر تقدمًا ومتاحة على نطاق واسع، فلا يوجد سبب يمنع من أن يصبح مثل هذا الجهاز أداة استهلاكية أيضًا.

وفقًا لمعدل المسار الحالي للبحث، أخبر الخبراء Futurism، يمكن أن تصل التكنولوجيا إلى السوق في غضون سنوات قليلة فقط. لكن ما لا نعرفه هو ما سيعنيه بالنسبة لنا نفسيًا كأفراد واجتماعيًا كمجتمع، عندما يمكننا تجربة متعة حقيقية فقط من ضغطة زر.

وتصبح كل هذه الأسئلة أكثر تعقيدًا، بالطبع، عند تطبيقها على عالم الجنس الفوضوي.

قال جاستن ليميلر، زميل الأبحاث في معهد كينزي، الخبير في الجنس وعلم النفس، لمجلة Futurism: «السؤال الكبير الذي لم يتم الرد عليه هو ما إذا كانت ستصبح هذه التكنولوجيا الجنسية في النهاية مكملًا لحياتنا الجنسية أو بديلًا عنها».

وأضاف ليميلر: «في حين أنه من السهل تخيل كيف يمكن لهذا النوع من تكنولوجيا الجنس أن يفيد الأشخاص ذوي الإعاقة أو الصعوبات الجنسية، إلا أن هناك بعض المخاوف. على سبيل المثال، إذا كانت لديك إمكانية الوصول إلى جهاز يمكن أن يمنحك هزات الجماع الفورية، فهل ستتعامل مع الجنس بشكل مختلف؟ كيف سيؤثر ذلك على العلاقة الحميمة؟».

ما اتفق عليه الخبراء الذين تحدثوا إلى Futurism هو أن هذا النوع من التكنولوجيا من المرجح أن يصبح شائعًا، سواء كانت فكرة جيدة أم لا. هذا يعني أن، ما سبق نقاشات مهمة يجب إجراؤها الآن، قبل أن يتم وضع التحسينات في حجم القطب الكهربائي وقوة البطارية واختبار أمان الزرع، والتي ستكون ضرورية لإنشاء جهاز استهلاكي في مكانه الصحيح.

لأنه سواء كان للأفضل أو للأسوأ، سيستخدم الناس دائمًا التكنولوجيا المطورة طبيًا بطرق لم يقصدها مبدعوها.

قال برَنز لـ Futurism: «للجميع رغبات واحتياجات وقد يتجاوز البعض الحدود دون مراعاة للعواقب المحتملة».

قد تُقارن فكرة زر الشعور بالرضا سهل الاستخدام، بمن يتناولون الفياجرا دون وصفة طبية.

كما لا يعتقد برَنز أن هذه الأجهزة ستكون كارثية بالضرورة، لكنه يعتقد أنها ستاتي قريبًا. كما يعتقد أنه مع ظهور أجهزة طبية أفضل، سيكون من السهل على الشركات بناء معدات استهلاكية وأن تكون مقبولة للجمهور.

قال ليميلر: «أخذ الناس يشعرون براحة أكبر عند إدخال التكنولوجيا في أجسادهم بشكل عام، عندما تفكر في أشياء مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وزرعات وسائل منع الحمل وزرعات الإنسولين، لذلك كلما ارتاح الناس أكثر لهذا النوع من الأشياء، على الأرجح أنهم سيكونون منفتحين على الاحتمالات الأخرى التي ستظهر».

الاتصال البشري مهم، وهذه عبارة ملطفة للغاية.

وبما أن التكنولوجيا مثل زر الشعور بالرضا تصبح مجدية وآمنة وشعبية، فقد يكون الناس أكثر عرضة لخطر الانكفاء إلى الداخل، والضغط على زر للشعور بالرضا -مثل فأر مدمن على الكوكايين في دراسة نفسية- بدلاً من تكوين علاقات مع الآخرين والعالم من حولهم.

يمكن أن يكون ذلك -من الناحية النظرية- كارثيًا على الصحة العامة ويثير أسئلة لا تحمد عقباها حول من سيكون المسؤول عن الشعور بالتحسن: الأفراد أم الشركة التي تغرس التكنولوجيا العصبية الترفيهية في أجسادهم أم الوكالات التنظيمية التي ستتدخل لتنظيم تكنولوجيا الدماغ كما يفعلون مع الأدوية اليوم!

ولكن ربما، لن تكون هناك مشكلة على الإطلاق. فقد أظهرت الأبحاث أنه حتى الفئران تفضل الارتباط الاجتماعي على تعاطي الهيروين. بعبارة أخرى، ربما لن تكون الحدود الجديدة للتكنولوجيا التي تبحث عن المتعة مشكلة إذا قمنا ببناء مجتمع يمكن للناس فيه التعامل بأمان أثناء تلبية احتياجاتهم الأساسية.

  • ترجمة: محمد إقدام الشديدي
  • تدقيق علمي ولغوي: فينوس شعبان
  • المصادر: 1