النساء اللواتي يحرمن من الإجهاض قد يواجهن مشكلات صحية طويلة الأمد
أظهرت الأبحاث أن حرمان المرأة من الإجهاض قد يضر بسلامتها العقلية والمالية. وتشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة Annals of Internal Medicine إلى أن صحتها الجسدية قد تتأثر أيضًا.
«هناك عددٌ لا بأس به من الأبحاث التي تظهر أن الإجهاض، على المدى القريب، آمن بكثير من الولادة، لكن لا يوجد الكثير من الأبحاث التي تدرس ذلك على المدى البعيد»، هذا ما تقوله المؤلفة المشاركة في الدراسة لورين رالف، الأستاذة المساعدة في التوليد وأمراض النساء وعلوم الإنجاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. وتضيف «تظهر دراستنا أن إجراء الإجهاض ليس مضرًا بصحة المرأة، ولكن من المحتمل أن يكون الحرمان من الوصول إلى إجهاضٍ مرغوب به مضرًا».
وجد الباحثون أن النساء اللواتي حُرمن من الإجهاض كن أكثر عرضة من النساء اللواتي خضعن له للإبلاغ عن أمراض مزمنة، وألم مستمر وتردٍ في الصحة العامة في خلال خمس سنوات.
مُولت الدراسة من العديد من المؤسسات التي تدعم النشاط المناصر للإجهاض، بما في ذلك مؤسسة Wallace Alexander Gerbode ومؤسسة David and Lucile Packard ومؤسسة William and Flora Hewlett، علمًا أن هذه المجموعات لم تشارك في تحليل البيانات. تتبع المشروع الصحة الجسدية المُبلغ عنها من قبل ما يقارب 900 امرأة سعت إلى الإجهاض في عيادات الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2008 و2010. وبحث الباحثون عمدًا عن النساء اللواتي كن قريبات من الحد المسموح به بالإجهاض في خلال الحمل (والذي يختلف بين مناطق الولايات المتحدة) أو يتجاوزنه قليلًا، حتى يتمكنوا من جمع بيانات عن النساء اللواتي رفضن أو خضعن لإجهاض متأخر في وقت لاحق من الحمل، وكذلك النساء اللواتي خضعن للإجهاض في الثلث الأول من الحمل وهو الأشيع.
إجمالاً، خضعت 328 امرأة للإجهاض في الثلث الأول، و383 أجهضن في الثلث الثاني، و163 رفض خضوعهن للإجهاض. قدمت كل امرأة معلومات عن آلامها وأمراضها المزمنة وصحتها العامة عندما بدأت الدراسة، ومرتين في السنة على مدى السنوات الخمس اللاحقة. (نحو 60٪ فقط من النساء أكملن كل المقابلات التي استمرت خمس سنوات، وكانت الأمهات أكثر احتمالًا للانقطاع عن متابعة الدراسة). من خلال النظر فقط في النساء اللواتي يرغبن في الإجهاض، تمكن الباحثون من تقليل العوامل المؤثرة المحتملة والمسببة للتفاوتات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تميل النساء اللواتي يخترن إنجاب طفل إلى أن يكُنَّ أصح وأثرى من اللواتي يخترن الإجهاض.
في بداية الدراسة، وصفت 20٪ من النساء تقريبًا اللواتي خضعن للإجهاض في الثلث الأول من الحمل صحتهن قبل الحمل أنها وسطيًا سيئة، مقارنة بـ 17.5٪ من النساء اللواتي خضعن للإجهاض في الثلث الثاني ونحو 18٪ من النساء اللواتي رفض إجهاضهن. وبعد خمس سنوات من المتابعة، أفادت 20٪ من النساء اللواتي أجهضن في أي مرحلة من مراحل الحمل بصحة مقبولة أوسيئة، ولكن بين النساء اللواتي قمن بالإنجاب، ارتفعت نسبة النساء اللواتي أبلغن عن صحة مقبولة أو سيئة إلى 27٪.
وأبلغت النساء اللواتي ولدن عن معدلات أعلى قليلاً من الأمراض المزمنة بما في ذلك الصداع وألم المفاصل والربو وارتفاع الكوليسترول في الدم. وقالت رالف إن امرأتين انتهى بهما الأمر بالولادة توفيتا أيضاً لأسباب تتعلق بالأمومة والتي «كان من الممكن تجنبها لو حصلت هذه النسوة على الرعاية الصحية التي طلبنها».
قالت رالف إن هذه التفاوتات يمكن أن تُعزى إلى حد كبير إلى المخاطر الكامنة المرتبطة بالحمل والولادة. ويمكن أن تشمل المضاعفات مشكلات نادرة نسبيًا مهددة للحياة مثل النزيف المفرط في أثناء الولادة، والحالات المزمنة مثل الاكتئاب حول الولادة والسكري الحملي وارتفاع ضغط الدم الحملي، والتي يؤثر كل منها في نحو 10٪ من الأمهات.
تموت قرابة 700 امرأة أمريكية بسبب المضاعفات المرتبطة بالحمل كل عام، وفقًا للتقديرات الفيدرالية، ومعدل وفيات الأمهات والذي يبلغ نحو 17.2 حالة وفاة لكل 100000 ولادة حية في الولايات المتحدة هو الأسوأ في العالم المتقدم. وفي الوقت نفسه، يقدر معدل المضاعفات في عيادات الإجهاض الأمريكية بنحو 2٪، مع حدوث الوفاة بعدها بمعدل أقل من واحدة لكل 100000 عملية إجهاض.
علاوة على ذلك، تقول رالف إن التوتر الناجم عن الحرمان من الإجهاض المرغوب به يمكن أن يظهر أيضًا بطرائق مختلفة أكثر. على سبيل المثال، قد يؤثر الإجهاد المزمن أو المصاعب المالية سلبًا في الصحة. لهذا السبب اختار الباحثون سؤال النساء عن صحتهن العامة بعد خمس سنوات، بدلًا من مجرد البحث في السجلات الطبية.
وتقول: «إننا نستمع إلى وجهات نظر النساء بشأن حالتهن الصحية العامة، ولا نعتمد بالضرورة على التشخيصات السريرية الجديدة. هذا المقياس للصحة التي تقيم ذاتيًا، كما أظن، من المرجح في الواقع أن تبرز جوانب مختلفة من صحتهن وعافيتهن والتي قد لا تفعلها بعض المقاييس المحددة الأخرى».
تقول رالف إن النتائج هامة، خاصةً لأن الولايات في كل أنحاء البلاد، بما في ذلك بعض الولايات التي تعاني بالفعل لتوفير رعاية صحية ملائمة للمرأة، تمرر تشريعات تهدف إلى الحد من الوصول إلى الإجهاض. وفي كثير من الحالات، يجادل مؤيدو هذه السياسات ويدعون أن عمليات الإجهاض خطيرة، سواء عقلياً أو جسدياً، وتقول رالف إن الوقت قد حان للتخلص من هذه الادعاءات.
وتقول: «إن الإدعاء القائل إن الإجهاض يضر بالنساء لا تدعمه بياناتنا بالتأكيد. وعندما لوحظت الاختلافات في الصحة، كانت الصحة دائمًا أسوأ بين النساء اللواتي ولدن. يمكن لنتائج الدراسة أن تسلط الضوء حقًا على بعض العواقب إذا واصلنا تقييد إمكانية الوصول إلى الإجهاض المرغوب به».
- ترجمة: مجدي عوكان
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1