12 حقيقة مذهلة عن جاليليو جاليلي

رغم أن جاليليو كان رئداً في مجال الفيزياء الحديثة وعلم الفلك، إلا أن أغلبنا يجهل تفاصيل حياته الشخصية المفعمة بالنشاط ومسيرته المهنية الزاخرة.

عُرِفَ جاليليو جاليلي، الأب المؤسس في مجالات الفيزياء وعلم الفلك، بإسهامات لا تعد ولا تحصى في العلم. فقد أكد هذا المفكر الإيطالي على دراسة منهجية في الرياضيات من أجل دراسة الكون وألهم بذلك النهج العلمي الحديث الذي شكل وما زال حجر الزاوية في البحث العلمي حتى بعد 380 عاماً من وفاته. وتعد اختراعاته في عالم الحركة والجاذبية استثنائية ووضعت أسس الفيزياء وبذلك استحق كونه أحد أعظم العلماء عبر العصور. وقد طغت ملاحظاته الفلكية على جميع هذه الإسهامات إذ ركزت ملاحظاته على بقع الشمس وحفر القمر والنجوم عبر مجرة درب التبانة ولا ننسى ذكر اكتشافاته الهائلة حول دوران النظام الكوني حول الشمس.

وقد كتب جاليليو عام 1615: “اكتشفت أشياء كثيرة في السماوات لم تكن قد شوهدت مسبقاً قبل عصرنا”، وبالفعل لقد غير طريقة فهم الناس للعالم. وهنا نورد 12 حقيقة مثيرة للاهتمام وقد تكون غير معروفة حول حياته ومهنته:

اسم جاليليو جاليلي يبدو متشابهًا عن عمد

ولد في توسكاني، إيطاليا عام 1564 حين كان الأهالي في الغالب يطلقون على أبناؤهم الذكور أسماءً مستوحاةً من اسم التعريف بالعائلة. وفي الواقع فقد استخدم أسلاف جاليليو كلمتي “جاليليو” و”جاليلي” استخداماً تبادلياً في الكنية خلال السنوات، مع أن هذه الطريقة مربكة في أيامنا إذ أصبح الناس حالياً أكثر مرونة حيال تقاليد التسمية. ويقدم معظم الإيطاليون، بما فيهم جاليليو، أنفسهم باسم مفرد يستكملونه عادة بعملهم وبلدتهم الأم والاسم الأول للوالد أو اسم العائلة التقليدي.

كان رجلاً نهضوياً حقيقياً (حتى وهو صبي)

عمل جاليليو خلال مرحلة الرشد فلكياً وفيزيائياً وفيلسوفاً ومخترعاً وعالم رياضيات. وتعود حالة تعدد العلوم الأكاديمية هذه إلى مرحلة الصبا، فقد ظهرت مهارته في هذه المواضيع في طفولته إضافة إلى موهبته في عدة مجالات فنية. تعلم الكثير عن الموسيقا من والده، فينيسو جاليلي الذي كان يعمل عازفاً في البلاط ومؤلفاً موسيقياً. وقد ألهمت هذه الدروس جاليليو بشغف مستمر بالعزف على عدة آلات وخاصة العود الذي أتقنه وهو صبي ب “سحر الأسلوب ورقة اللمسة”. بالإضافة لذلك، فقد صقل جاليليو موهبته الفنية خلال طفولته واتجه جاداً نحو ممارسة مهنة الرسم، كما أنه التحق فيما بعد بأكاديمية فنون الرسم Accademia delle Arti del Disegnoفي فلورنسا وسيبقى مرجعاً ناصحاً لأفضل رسامي الحقبة حول المنظور والتدرج بين الظلام والضوء.

تسرب العالِم من الجامعة

أُرْسِلَ جاليليو للدراسة في جامعة بيزا وهو في سن 16 نظراً لذكائه الاستثنائي، وهناك بدأ الشاب بدراسة الطب ولكن أصبح أكثر افتناناً بالرياضيات. وفي نهاية المطاف يكتب جاليليو: “إن العالم مكتوب بلغة الرياضيات وأحرفه مثلثات ودوائر وغيرها من الأشكال الهندسية ومن دونها لا يمكن للبشر فهم أي كلمة”. لكن في عام 1585 أجبرت الضائقة المالية ذلك الباحث الطموح للتخلي عن دراسته في الجامعة وأكمل بحوثه في الرياضيات بمفرده وعمل كمدرس حتى عام 1589 حين عاد منتصراً إلى المؤسسة ولكن هذه المرة أستاذاً في مادة الرياضيات.

كان مدرساً معروفاً بأدائه المسرحي وبكونه مثيراً للجدل.

جذبت محاضرات جاليليو حول الرياضيات والميكانيك وعلم الفلك انتباهاً واسعاً. وقد ذكر أحد تلامذته يدعى فينيسو فيفياني أن الجماهير كانت تتجمع بينما يرمي الأستاذ الأشياء من فوق برج بيزا ويُظْهِرْ، لمرة واحد وللأبد، أن سرعة سقوط الأشياء غير مرتبطة بوزنها. (بعد ذلك تصادمت هذه النظرية مع التفكير المسلم به في ذلك الوقت). حوله عمله عن الحركة من باحث إلى ناشط أكاديمي أساسي وتعرض للإهانة كون هذه الأستاذ كان يقلل من قيمة جميع النظريات التي كان قد كُلِفَ بتدريسها. في عام 1592 انتهي عقد جاليليو مع جامعة بيزا وانتقل الباحث إلى جامعة بادو حيث عمل من 1592 وحتى 1610، وكان مثيراً للجدل خلال تقدمه المهني.

لم يتزوج جاليليو لكنه كون عائلة

كان من النادر في عصر النهضة أن يتزوج الباحثون أو الأكاديميون، ولذلك وتبعاً لهذا التقليد لم يتزوج جاليليو رسمياً ولكن يُقال إنه كان على علاقة بامرأة تدعى مارينا جامبا وأنجب منها ثلاثة أطفال هم فيرجينيا (ولدت في عام 1600) وليفيا (ولدت عام 1601) وفينسينزو (ولد عام 1606) وقد التحقت ابنتيهما في النهاية بدير سان ماثيو في أرسيتري بينما تابع ابنهما مهنته في عزف الموسيقى.

كان مخترعاً وافر الإنتاج

أُشيدَ بجاليليو عن عدد من الاختراعات بما فيها المنظار الحراري (سلف ميزان الحرارة الحديث وكان يشير إلى تباينات درجات الحرارة) بالإضافة لأشكال كثيرة من القطاعات التي تُعْرَفْ أيضاً بالبوصلات العسكرية. وكانت آخر أداة قد اُسْتَخْدُمَت في عمليات الضرب والقسمة وإيجاد جذر المربع أو المكعب وغيرها من العمليات الرياضية. وباع جاليليو هذه الاكتشافات ليدعم راتبه من التدريس.

أدار جاليليو المنظار نحو السماء

في عام 1609 علم جاليليو بوجود اختراع في هولندا يقرب الأشياء البعيدة فاتجه الباحث فوراً لصنع شيء مشابه. بينما لم يكن جاليليو أول من صنع المنظار لكن عمله فيه كان ابتكارياً فقد طور عالم الفلك هذه الأداة لتكبير الأشياء ل 20 و30 ضعف، واشتهر بأنه أول من وجه هذا الاختراع نحو السماء.

هزت المشاهدات من خلال تلسكوبه العالم

كشفت مشاهدات جاليليو بوجود عدد كبير من النجوم البعيدة المتناثرة في السماء أكثر مما كان معروفاً وأن سطح القمر صخري ومغطى بالحفر وأن الشمس ملطخة بالبقع الشمسية. وقد أظهرت هذه الاكتشافات وللمرة الأولى أن العالم السماوي ليس مثالياً. كما لاحظ جاليليو وجود دائرة غريبة تحيط بكوكب زحل ودوران أربعة أقمار حول كوكب المشتري وأن كوكب الزهرة يتنقل خلال مراحل تعكس قمرنا مثبتاً بذلك أن هذا الكوكب الشقيق يدور حقاً حول الشمس. وقد حطمت هذه الملاحظات حتمياً النظرية السائدة آنذاك التي تقول إن الأرض هي مركز الكون.

كان ذائع الصيت بين الملوك

جذبت هذه الاكتشافات في علم الفلك التي وصفها في نص في عام 1610 باسم Sidereus Nuncius (رسالة فلكية) بعض الاهتمام الجاد إلى هذا الباحث. واعتمد جاليليو في النشر على تخصيص النص لحاكم توسكاني، كوزيمو الثاني دي ميدتشي، وتسمية أقمار كوكب المشتري “نجوم ميديتشي” على اسم نفس الشخص الذي كان أحد طلابه وسيصبح أحد رعاة الفن والعلوم الأكثر شهرة. وكان هذا النوع من التلميح سائدًا خلال عصر النهضة، وطالب العديد من الأفراد المؤثرين بدعم الفنانين والأكاديميين لزيادة مكانتهم الشخصية. وبسبب اكتشافاته كوفئ جاليليو بموعد في بلاط كوزيمو.

تصادم جاليليو مع الكنيسة (لكن ليس مع المذهب الكاثوليكي).

رغم أن هذه المشاهدات عبر المنظار أثبتت لجاليليو أن العالم يتمركز حول الشمس لكن كان لتصريحاته المتزايدة حول “مركزية الشمس” تبعات خطيرة في وقت كانت الكنيسة الكاثوليكية تكافح للحفاظ على التصور التقليدي للكون وفي عام 1616 نددوا بفكرة مركزية الشمس بوصفها “غبية وعبثية” وبأنها “رسمياً هرطقة” بما أنها تناقض عدة مقاطع من الإنجيل. ونتيجة لذلك تجنب جاليليو نشر الموضوع حتى عام 1632 حين نشر حوار حول نظامي العالم الرئيسين (Dialogue Concerning the Two Chief World Systems) الذي دعم بحماس مركزية الشمس. وحوكم جاليليو فوراً أمام الفاتيكان حين قرروا أنه “مشتبه به بالهرطقة” وحُكِمَ عليه بالإقامة الجبرية في منزله لأجل غير مسمى. وبرغم أن جاليليو اشتهر بهذه التهمة لكنه كان متديناً في حياته الشخصية فقد نشأ كاثوليكياً مخلصاً وحتى أنه كان يضع الكهنوت احتمالاً ضمن مساره المهني.

أصيب بالعمى لكن ليس بسبب الشمس

أكمل جاليليو عمله وكتاباته أثناء سجنه في منزله بالقرب من فلورنسا بتهمة الهرطقة وخلال هذا الوقت بدأ بصره بالتشوش، وبحلول عام 1638 فقد عالم الفلك بصره بالكامل. وكان الاعتقاد أن العمى ناتج عن تحديقه بالشمس لكن في الحقيقة كان السبب المحتمل إعتام عدسة العين والزرق.

استمر عالم الفلك بالإشارة نحو السماء

يضم متحف جاليليو في فلورنسا اليوم أكبر مجموعة من مقتنيات جاليليو وأدواته في العالم بما فيها المنظارين المتبقيين وما زالا يلهمان العقول العلمية. ومما يثير الاهتمام عرض هذين المنظارين بجانب أصابع جاليليو المقطوعة التي قطعها محبوه المتحمسون من جسده بعد موته وتُعْرَض حالياً متجهة نحو الأعلى لتشجع الناس على المضي قدماً بتحدي مفاهيمهم حول الكون وصقلها.

  • ترجمة: رنا السوقي
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1