ماهي الثقوب الدودية؟

يشرح لنا الموضوع عالم في الفيزياء الكونية.

حيث يمكن للمرء نظرياً استخدام ثقبٍ دودي لتقليل وقت السفر بين المجراتِ إلى ساعاتٍ أو دقائقٍ.

دعنا نتخيل وجود مدينتين على جانبين متقابلين لجبلٍ ما. إنّه لمن المرجح أن يضطر الناس من هاتين المدينتين إلى زيارة بعضهم البعض مما سيضطرهم للسفر كل هذه المسافة حول هذا الجبل. ولكن لو أراد هؤلاء الناس اختصار الوقت، فبإمكانهم حفر نفقٍ مباشرٍ عبر هذا الجبل لإنشاء طريقٍ مختصرةٍ.

هذه هي الفكرة الكامنة وراء الثقب الدودي.

وعليهِ فإن الثقب الدودي يشبه نفقاً بين نقطتين بعيدتين في كوننا حيث أنه يقلص وقت السفر من نقطة ما إلى أُخرى. فبدلاً من السفر لملايين السنين من مجرةٍ إلى أُخرى وهذا مع توافر الظروف الملائمة لذلك، يستطيع المرء نظرياً استخدام ثقبٍ دودي لتقليص وقت السفر إلى ساعاتٍ أو دقائق.

ونظراً لأن الثقوب الدودية تتمثّل بإختصاراتٍ عبر الزمكان، فإنها يمكن أن تعمل كآلاتٍ للزمن. مما يعني أنك قد تخرج من أحد طرفي الثقب الدودي أبكر من وقت دخولك إلى نهايته الأُخرى.

في حين أنه ليس في متناول العلماء دليل فعلي على وجود الثقوب الدودية في عالمنا هذا، إلا أنها أدواتٌ جيدةٌ لمساعدةِ علماء الفيزياء الفلكيةِ على التفكير مثلًا حول ماهيةِ الزمان والمكان. وقد تساعد في الإجابةِ عن أسئلةٍ قديمةِ المنشأ حول شكل الكون.

حقيقةٌ أم خيال؟

وبسبب هذه الميزات المثيرة للإهتمام، يستغل العديد من كتاب الخيال العملي فكرة الثقوب الدودية في الأفلام والروايات. ولذلك فإن العلماء كانو مفتونين بهذه الفكرة كما كان الحال بالنسبة للكتاب.

ورغم أن الباحثين لم يعثروا على أي دليلٍ لوجود ثقبٍ دودي في كوننا، فإنهم لطالما يرونها موصوفة في حلول معادلاتٍ فيزيائيةٍ مهمةٍ. علاوةً على ذلك، أن حلول المعادلات الكامنة وراء نظرية آينشتاين للزمكان والنسية العامة تتضمن فكرة الثقوب الدودية.

حيث تصف هذه النظرية شكل الكون وكيفية حركة النجوم والكواكب والأشياء في جميع أرجائه ونظراً لأن نظرية آنينشتاين وضعت قيد الاختبار لعدة مرات وتم التحقق من صحتها في كل مرةٍ، فيتوقع بعض العلماء وجود الثقوب الدودية في مكانٍ ما في الكون.

لكن في المقابل، يتوقع بعض العلماء استحالة وجود الثقوب الدودية لأنها في حال وجِدت ستكون غير مستقرةٍ للغاية.

وبما أن قوى الدفع المستمرة للجاذبية الأرضية تؤثر على كل الأجسام بما فيهم الكرة الأرضية، بالتالي ستؤثر بدورها على الثقوب الدودية أيضاً. لذلك يؤمن العلماء المتشككون بوجود هذه الثقوب أنه بعض مضي فترةٍ قصيرةٍ من وجود الثقوب الدودية فإنها ستتدمر من منتصفها تحت تأثير قوى جاذبيتها مالم يتواجد لديها قوى داخليةً تدفعها للخارج بحيث تقاوم هذه القوة. وأكثر طريقة مرجحة لحدوث ذلك هي وجود مايدعى “بالطاقات السلبية” والتي من شأنها أن تعاكس تأثير قوى الجاذبية وتبقي على الثقب في حالةٍ من الاستقرار.

ولكن تبعاً لما يعرفه العلماء فإنه لايمكن تشكيل هذه الطاقات السلبية إلا بكمياتٍ ضئيلةٍ لمقاومة جاذبيةِ الثقل الدودي. وإنه لمن المحتمل أن يكون الانفجار العظيم قد خلق ثقوباً دوديةً صغيرةً جداً مع كمياتٍ صغيرةٍ من الطاقةِ السلبيةِ منذ نشأة الكون، وبمرور الوقت تمددت هذه الثقوب مع توسع الكون.

هل تتشابه هذه الثقوب تماماً مع الثقوب السوداء؟

في حين أن الثقوب الدودية موضوع مثير للاهتمام ويجب التفكير به، إلا أنها لاتزال غير مقبولة بين العلوم السائدة. ولكن هذا لاينفي حقيقتها- فالثقوب السوداء، التي نعلم نحن علماء الفيزياء الكونية أنها موجودةٌ بكثرةٍ في كوننا، لم تُقبل عندما اقترح العلماء وجودها لأول مرةٍ في عام 1910.

حيث صاغ آينشتاين معادلته الشهيرة في هذا المجال عام 1915، ومن ثم وجد العالم الألماني كارل شوارزشليد طريقةً رياضيةً لوصف الثقوب السوداء بعد عامٍ واحدٍ فقط. ومع ذلك، كان هذا الوصف غريباً جداً لدرجة أنّ كبار العلماء في ذلك العصر رفضوا تصديق وجود الثقوب السوداء بالفعل في الطبيعة. استغرق الأمر من الناس 50 عاماً ليبدؤا في أخذ الثقوب السوداء على محمل الجد- حيث أن مصطلح الثقوب السوداء لم يُصاغ حتى عام 1967.

ويمكن أن يحدث هذا الأمر ذاته مع الثقوب الدودية.

قد يستغرق العلماء بعض الوقت للتوصل حول إجماعٍ حول إقرار وجودها أو نفيهُ. ولكن إذا ما وجدوا أدلةً قويةً تشير إلى وجود الثقوب الدودية- وهو ما سيتمكنوا من القيام به من خلال رصد الحركات الغريبة في مدارات النجوم- فإن الاكتشاف سيصيغ آلية رؤية العلماء وفهمهم للكون.

  • ترجمة: رهف حامد
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1