ربما تقلل البستنة من خطر الإصابة بالسرطان وتعزز الصحة العقلية

دراسة جديدة أظهرت أنّ الأشخاص الذين يعملون في الحدائق العامة يتلقون العديد من الفوائد الصحية بالمقابل، التي ربما تساعد في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وتستطيع تحسين قدراتهم العقلية.

_دراسة تجريبية شملت 145 شخصًا ممن لم يشاركوا بالزراعة من قبل، وتتبعت صحتهم البدنية والعقلية خلال وبعد فصل النمو النباتي. استهلك المشاركون خلال تلك الدراسة كميات إضافية من الألياف النباتية، وزادوا نشاطهم البدني، إضافة إلى أنهم شعروا بمزيد من الترابط وانخفاض في نسبة القلق لديهم كنتيجة لعنايتهم بالغطاء النباتي.

_المشاركة في الاعتناء العام بالنباتات تقلل من احتمالية تطوير الأمراض الخطيرة مثل السرطان والاضطرابات العقلية تبعًا لدراسة أجريت مؤخرًا.

_الباحثون من جامعة Colorado Boulder، ألقوا الضوء على الفوائد المعززة للصحة التي تلقاها الناس من عنايتهم بالغطاء النباتي.

زاد البستانيون من مدخولهم الغذائي اليومي من الألياف بأكل منتجات الخضار الطازجة، وزادوا من نشاطهم البدني الذين يقومون به أثناء عنايتهم بالحدائق، إضافة إلى أنهم شعروا بالمزيد من الترابط الاجتماعي، وتلك جميعها تعد عوامل للوقاية من السرطان والاضطرابات العقلية والعديد من الأمراض المزمنة.

وكانت عدة دراسات رقابية سابقة قد بحثت في فوائد البستنة بشكل عام ووجدت أنها ربما تحقق بعض الفوائد الصحية، ولكن دراسة جامعة كولورادو تعتبر أول دراسة تجريبية بحثت في ماهية الفوائد المتعلقة بالبستنة وتحديدًا العناية العامة بالحدائق والنباتات.

الدراسة نشرت في مجلة The Lancet Planetary Health.

الفوائد العائدة على المبتدئين في مجال البستنة:

طوع الباحثون 291 شخصًا لم يجربوا البستنة من قبل، وكان متوسط أعمارهم 41.5 سنة، و34% منهم من أصول إسبانية، 18% ذكور، ونصفهم من عائلات منخفضة الدخل.

أجرى الباحثون ثلاثة جولات من البستنة، استمرت كل منها لمدة سنة بداية من شهر مايو، مباشرة بعد آخر موجة صقيع في دنفر وأورورا حيث توجد الحدائق.

في كل جولة، نصف المشاركين قاموا بالبستنة ونصفهم الآخر لم يشارك بها، بل عملوا كمجموعة للإشراف.

وكل مشارك تلقى دورة في أساسيات البستنة مقدمة من مؤسسة حدائق دنفر الريفية التي خصصت مساحة تقدر ب 10 m² كبقعة للزراعة لكل شخص، بالإضافة للبذور والشتلات اللازمة، ونفس تلك المعايير وُفِّرت للمجموعة التي لم تشارك بالبستنة لتعويض تأخيرهم خلال سير الدراسة.

قائد الدراسة الكاتب جل ليت، وهو بروفيسور في الدراسات البيئية في جامعة كولورادو، أخبر مجلة Medical News Today بأنك كل مشارك قضى ما يقارب تسعين دقيقة أسبوعيًا في البستنة، وزار حديقته خلال هذا الأسبوع مرتين على الأقل.

“وجدنا أنَّ حداثتك في البستنة لا تُعتبر حاجزًا أمام كونك بستانيًّا ناجحًا، إذ أن دراستنا شملت البستانيين الجدد فقط” كما قال د. ليت.

البستنة تعزز السلوكيات الصحية:

قيم الباحثون صحة المشاركين قبل الدراسة وصنفوا إمكانياتهم في وقت الحصاد وخلال الشتاء التالي.

الأفراد أكملوا استبياناتهم بغض النظر عن التوتر، القلق والنظام الغذائي، ولبسوا أجهزة لقياس التسارع على الفخذ لمدة سبعة أيام لكل تقييم.

خلال سير الدراسة لاحظ الباحثون أن البستانيين استهلكوا كميات أكثر بنحو قليل من الغذاء الغني بالألياف مقارنة مع مجموعة التحكم التي لم تشارك بالبستنة، بالرغم من أنها تعتبر نسبة أقل من الموصى بها، 25-28 غرام باليوم. كما تمرّنوا قرابة خمس دقائق أكثر مقارنة مع المجموعة الأخرى خلال وقت الحصاد.

“أعتقد أنّها دراسة عظيمة، بالنظر للإمكانيات اللوجستية التي استخدموها” كما قالت ريبيكا كرين-اوكادا، بروفيسورة وممرضة مشرفة في علوم الأورام في معهد St. John للسرطان في سانتا باربارا، وأخبرت مجلة MNT أن الإحصائيين لم يشاركوا في الدراسة، “لقد كانت دراسة صعبة الإتمام”.

د. ليت قال بأن الدراسة ألقت الضوء على فجوة موجودة في البحث العلمي تبعًا لآخر دراسة رقابية أجريت والتي اقترحت وجود رابط بين الصحة الجيدة والبستنة ولكنها لم تحدد إن كانت البستنة سبب للحياة الصحية أم أن هناك عامل آخر.

أشارت د. ريبيكا أن الدراسة وضحت مقدرة التدخل الشامل بنمط الحياة، مثل البستنة، بتأثيرها على نتائج عدة: كاستهلاك الألياف المرتبط مع النشاط البدني القوي، الصحة النفسية، والقلق والتوتر، بطريقة قابلة للتطبيق لجميع الناس من خلفيات اجتماعية واقتصادية وسكانية مختلفة.

البستنة تعزز الصحة العقلية والجسدية:

أشار د. ليت إلى تأثير البستنة على عدة عوامل مهمة لتقليل خطر تطوير الأمراض المزمنة وتحسين الصحة العامة.

تبعاً للدكتور كرين اوكادا، فالمشاركة بالبستنة يعطينا فرصة لتحديد عوامل الخطر القابلة للتحكم لأمراض مثل:

  • السرطان
  • ارتفاع ضغط الدم
  • السكري النمط الثاني

دينيس ديلون، بروفيسور أخصائي في علم النفس بجامعة جيمس كوك في سنغافورة، لم يشارك بالدراسة لكنه نشر بحثًا سابقًا عن فوائد البستنة على الصحة العقلية:

“في بحثنا، حصّل المشاركون الذين مارسوا البستنة العامة نتائج أعلى بالنسبة للصحة الشخصية والمرونة مقارنة مع المشاركين الذين مارسوا البستنة بمفردهم في منازلهم أو الذين لم يمارسوها على الإطلاق أو الذين مارسوا نشاطات جماعية خارجية غير البستنة، بالرغم من امتلاكهم مستويات متشابهة من الضغط والتوتر”.

وأضاف د. ديلون: “هناك دليل واضح من عدة نماذج بحثية لفوائد التعرض المباشر للبيئة الطبيعية، إن كانت نفسية أو بدنية”.

فوائد البستنة المجتمعية العامة:

هناك آلاف الحدائق العامة الريفية في الولايات المتحدة الأمريكية. ولاية بورتلاند على سبيل المثال تمتلك معدل 4.45 حديقة عامة لكل ألف شخص، وهذه الحدائق لا تقتصر فقط على المناطق الاستوائية، فمثلاً ولايتي St pual, MN تمتلكان ثاني أكبر كثافة للحدائق العامة في الولايات المتحدة بمعدل 3.84 حديقة لكل ألف شخص.

د. كرين اوكادا وضحت بأن فوائد البستنة العامة هي وجودك في الطبيعة خارجًا وترابطك مع الأرض عبر رعايتها، وأشارت إلى أن النشاط البدني ضروري لبدء وتنشئة وحصاد الحديقة ويعتبر ذلك أحد الفوائد العامة للصحة العقلية الجيدة.

الأشخاص الذين شخّصوا بالسرطان أيضًا يستفيدون نفسيًا من الوقت الذين يقضونه في البستنة العامة كما قالت د. كرين اوكادا، ولخصت ذلك قائلة: “البستنة وتحديدًا خارج المنزل، تقتضي نشاطًا بدنيًّا وتركيزًا على شيء خارج ذاتنا -لذلك قد تكون سبب بزيادة النشاط العقلي- ننجزه للعامة، كما وضحت هذه الدراسة، الأمر الذي يمكن أن يمنح المزيد من الدعم الاجتماعي”.

  • ترجمة: حيان الحكيم
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1