ماذا سيحدث لو لم تنهض من سريرك أبدًا؟

قد يبدو الاستلقاء في السرير للأبد أمرًا مريحًا ولكنّه بالمقابل قد يؤدي إلى مشاكل صحيّة خطيرة.

جسديًّا، النسبة الأكبر من العضلات والعظام ستتعطّل في غضون ستة أشهرٍ إلى سنة وستكون عرضةً للإصابة بالتقرّحات الكريهة المسمّاة تقرّحات الفراش (الخشكريشا).

كما أن هنالك نصيبٌ أيضًا لصحّتك العقليّة حيث ستصبح أكثر عرضةً للإصابة بالقلق والاكتئاب.

يقول 43% من الأمريكيين أنّهم مرهقون جدًا من العمل، ومن المحتمل أنك أنت أيضًا مرهقٌ جدًّا وفي بعض الصباحات قد تتمنى البقاء في السرير للأبد.

دعنا نتخيل! تحقّقت أمنيتك! لديك الطعام والسرير وعددٌ لا نهائيّ من البثوث المسجّلة لتشاهدها بدون توقّف، وكلّ ما تحتاجه هو ألا تتحرّك من سريرك أبدًا، ولكن لن يمرّ وقتٌ طويل حتى تدرك أنّ ما قمت به كان خطأً فادحًا.

يُمضي الناس العطل الأسبوعيّة أو الإجازات المرضيّة في السرير وليس هناك أسوأ من ذلك، وإذا لم تعاود نشاطك بعد حوالي 24 ساعة فمن أول الأعضاء التي ستتأثر هي الرئتان، فالجاذبية لا تسحبهما للأسفل نحو الوضع الطبيعي لذا فإن الجزء الأسفل منهما سيتلف.

في بداية الأمر لن تشعر بأيّ اختلافٍ ولكن حذارِ لأنه من الصعب على المخاط الخروج عبر هذه الممرّات المنهارة ومن الممكن أن يبقى عالقًا فيها ما ينقل العدوى إلى الرئتين ويسبّب الإصابة بالالتهاب الرئويّ، لذلك يوصي الأطباء خلال الاستراحة المرضيّة أن تنهض جالسًا وتسعل من حينٍ لآخر، لكنّك منغمس جدًّا في تلك البرامج المسجّلة ولن تتذكّر أن تسعل.

في غضون أسبوع سيزداد الأمر سوءًا.. كما تعلم، بشكل طبيعيّ تساهم العضلات والعظام في دعم وزنك أمام الجاذبية الأرضيّة ولكن الآن بما أنك في وضع الاستلقاء فإنّ هذه الأعضاء لا تعمل، وكما يقول المثل: “إن لم تستخدمها ستخسرها _ If you don’t use ’em, you lose ’em” فكلّ أسبوعٍ تمضيه في السرير ستخسر 1% من كثافة العظام ما يجعلها هشّة وسهلة الكسر، لذلك فإنّ رجال الفضاء الذين يقضون شهورًا في غياب الجاذبيّة يمارسون التمارين الرياضية ساعتين على الأقل يوميًّا ويحملون معهم كميات كبيرة من الكالسيوم.

وفي الأسبوع ذاته ستخسر أيضًا 1% من الكتلة العضليّة خاصّة في الفخذين والمؤخّرة والكتفين لأنّك لم تعد تستخدمها، عادة تمتص هذه العضلات السّكر من الدم للحصول على الطّاقة اللازمة لها لتعمل، ولكن بعد 10 أيامٍ فقط من الاستراحة في السرير ستتباطأ هذه العمليّة وبالنتيجة فإن كلّ هذا السكر الذي لم يُستخدم سيتراكم في الدم مؤديًا للإصابة بالسكري من النمط 2.

في الأسبوع الثاني ستظهر لديك تقرّحات كريهة تُعرف بتقرّحات الفراش وتتشكل هذه التقرّحات عندما تضغط الأجزاء العظميّة من جسمك مثل الورك والعجز والكاحل لفترة طويلة في نفس المكان، هذا الضغط المستمرّ سيمنع تدفّق الدم إلى المنطقة ويؤدي إلى موت خلايا الجلد المماسة. وإن لم تكن حذرًا قد تنكشط طبقات أخرى من الجلد والأنسجة وتنكشف العظام والعضلات الأمر الذي يبدو معاكسًا للراحة.

خلال هذه الفترة، ستضمحلّ العضلات بسرعة كبيرة وبعد أسبوعين فقط قد تخسر 10% من الكتلة العضليّة ما يسبّب مشكلات جديدة، لأنه كلّما قلّت الكتلة العضليّة سيقلّ معها الأوكسجين وتدفق الدم اللازم لها، وبعد مضيّ شهرٍ في الفراش، سينخفض ضخّ الدم 30% في كل نبضة قلبيّة ومع انخفاض منسوب الأوكسجين الذي يدور في الجسم ستشعر بالتعب أكثر بالرّغم من أنك تستريح لشهرٍ كامل.

فإذا لم تنهض من سريرك في أقرب فرصة سيصعب عليك الأمر في المرّة القادمة، لأنه في غضون ستّة أشهر أو ربّما سنة قد تفقد معظم عضلاتك، وستصبح العظام هشةً جدًا لتحتمل وزنك كما أن القلب لم يعد قويًا كفايةً للقيام بالكثير من العمل بعد ذلك.

في هذه الأثناء، دماغك ليس سعيدًا أيضًا. أنت عالقٌ في نفس الغرفة لأشهرٍ، تحدّق في نفس الجدران ونفس البقعة على السّقف وتقوم بنفس الأشياء كلّ يوم، هذا ليس بالأمر الجيّد لصحّتك العقليّة على الأقل، حيث وجدت دراسةٌ تمّ إجراؤها على النساء الحوامل أن البقاء في السرير للراحة يزيد خطر تعرّضهن للقلق والاكتئاب وأبلغت بعض النساء عن إحساسهنّ بالعزلة وفقدان السيطرة والأَسْر.

وختامًا، إنّ البقاء في السرير لعامٍ كاملٍ دون انقطاع ليس بالجنّة التي نتمنّاها جميعنا، وهذا بالضبط السبب الذي يدفع الأطباء للإصرار على إنهاض مرضاهم من الفراش بأسرع وقتٍ ممكن، وريثما يتم ذلك، يقوم الطاقم الطبيّ بتحريك المرضى كلّ ساعتين لحمايتهم من تقرّحات الفراش وتشجيعهم على القيام بالتّمرينات في السرير لتنشيط القلب والعضلات، لذلك أبقِ هذه الفكرة في بالك: لا مشكلة في بقائك في السرير في أيّام العطل لطالما أنك تنهض وتتحرّك قبل أن يبدأ الأسبوع.

  • ترجمة: إيلين فرح
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1