هل فعلًا تقليل تناول السعرات الحرارية يؤخر الشيخوخة؟

  • وجدت دراسة جديدة أن تقليل تناول السعرات الحرارية قد يبطئ من وتيرة تقدم الشيخوخة هذا وفقًا لبعض المؤشرات الحيوية.
  • أظهرت بعض المؤشرات الحيوية أن المشاركون في الدراسة -الذين قللوا من تناول السعرات الحرارية من خلال برنامج غذائي تم إنشاؤه ومراقبته بعناية- قد تأخرت وتيرة الشيخوخة لديهم بنسبة 2-3% هذا بعد عامين من الدراسة.
  • ظهرت تأثيرات مماثلة للنتائج السابقة في بعض التجارب التي أجريت على الحيوانات، على الرغم من أن بعض الدراسات الأخرى المشابهة وجدت في نتائجها تأثيرات ضارة.

تبحث الدراسة الجديدة فيما إذا كان تقليل السعرات الحرارية يمكن أن يكون وسيلة لإبطاء الشيخوخة، هذه الدراسة البشرية تعتبر الأولى من نوعها وخاضعة للرقابة ويتطلع العلماء لها لإظهار فعاليتها.

لقد كانت النتائج واعدة إذ وجد الباحثون في دراستهم الحديثة أن تقليل السعرات الحرارية أدى إلى تباطؤ الشيخوخة بنسبة 2-3% كما أن المشاركين في هذه الدراسة مرتبطون من حيث الحمض النووي الخاص بهم، أو أعمارهم اللاجينية “الجينوم”.

واستند الباحثين على الأبحاث السابقة التي تشير إلى انخفاض معدل الشيخوخة بنسبة 2-3% وانخفاض خطر الوفيات بنسبة 10-15% فوجدوا هذه النتائج مشابهة للحد من المخاطر المتوقعة عندما يقلع المدخن عن التدخين.

إن تقليل السعرات الحرارية كوسيلة من أجل إبطاء الشيخوخة هو اختبار لواحدة من فرضيات علم الجراثيم، حيث يُقترح أنه من خلال إبطاء أو عكس التغيرات الجزيئية المرتبطة بالشيخوخة، يمكن تمديد عمر الشخص وقد يكون قادرًا على تجنب الأمراض المزمنة الخطيرة.

التحكم بعناية في مدخول السعرات الحرارية.

قال كبير الباحثين في الدراسة والأستاذ المشارك في علم الأوبئة في كلية Columbia Mailmanللصحة العامة الدكتور Daniel W. Belsky:

“نتائجنا مثيرة لأنها تشير إلى أنه قد يكون من الممكن إبطاء وتيرة الشيخوخة لدى البشر. وهذا ما يفتح الكثير من الأبواب لما قد نتمكن من القيام به في السنوات المقبلة”.

استخدم باحثو الدراسة الحالية نظامًا دقيقًا لتقليل السعرات الحرارية وتقييمها وهذا النظام يدعى CALERIE.

وال CALERIE هو اختصار ل «التقييم الشامل للتأثيرات طويلة المدى من أجل تقليل مدخول الطاقة». إنه مختلف تمامًا عما يمكن أن يجده المرء في النظام الغذائي لفقدان الوزن بناءً على تقليل تناول المرء للسعرات الحرارية.

قام الباحثون أثناء الدراسة بتقليل السعرات الحرارية في نظام غذائي تم تصميمه بعناية بحيث تم تقليل الأغذية الغنية بالطاقة لكن مع عدم حرمان المشاركين من العناصر الغذائية الأساسية.

قال الدكتور Belsky: “كانت الدراسة معقدة وشارك فيها فُرق من خبراء وأخصائيين التغذية الذين يعملون مع المشاركين لتصميم أنظمة غذائية ناجحة ويراقب الأطباء صحة المشاركين لضمان السلامة”.

أجريت الدراسة في ثلاثة مواقع مختلفة، وشملت في البداية 220 رجلاً وامرأة يتمتعون بصحة جيدة. كان الرجال في سن 21-50 عامًا، بينما كانت النساء (قبل انقطاع الطمث) في سن 21-47 عامًا، واستمرت الدراسة لمدة عامين. لقد حقق 145 مشارك انخفاض بنسبة 25% من السعرات الحرارية حسب تم CALERIE مقارنة بمستوى السعرات الحرارية الأساسية، هذا مع وجود مجموعة مراقبة مكونة من 45 فرد.

فكان عدد الأفراد الذين أكملوا التجربة أخيرًا 117 شخصًا في مجموعة CALERIE و68 فرد في فريق المراقبة.

قياس ثلاث مؤشرات حيوية للشيخوخة:

اعتمد الباحثون لقياس تأثيرات ال CALERIE على المؤشرات الحيوية العمرية الثلاثة والتي هي:

  • PhenoAge “وهي عبارة عن العمر الظاهري للشيخوخة”.
  • GrimAge “وهي عبارة عن اختبار يتنبأ بالعمر والشيخوخة حتى الموت”.
  • DunedInPACE “وهو عبارة عن اختبار جديد للدم يستخدم لقياس الوتيرة البيولوجية للشيخوخة”.

تعتمد هذه المؤشرات على مثيلة الحمض النووي -DNA methylation- التي يمكن قياسها في عينات الدم.

قال الدكتور Belsky: “إن البشر يعيشون وقتًا طويلًا. لذلك يمكن للمؤشرات الحيوية أن تعطينا تلميحًا أولًا عما إذا كان هذا التدخل له تأثير، وهذا ما نحن مهتمون باختباره”.

إن كلًا من ال PhenoAge وال GrimAgeيعتبر تقدير للعمر الزمني للشخص بناءً على حالته البيولوجية الحالية، وسيكون هذا هو العمر الذي سيعتبر فيه العمر المعياري. من ناحية أخرى إن اختبار DunedInPACE يقيس معدل تقدم الشخص في السن.

كما أن اختبار DunedInPACE هو بمثابة مقياس السرعة للمسن. ويمكن أن يقارن مع كل من PhenoAge وGrimAge.

قال الأستاذ ومدير معهد أبحاث الشيخوخة الصحية وطول العمر في جامعة واشنطن -وهو لم يشارك في الدراسة- الدكتور Matt Kaeberlein: “من المهم أن نضع في الاعتبار أن هذه القياسات تُبلغ فقط عن جزء من الشيخوخة البيولوجية، وربما لا تكون قياسًا شاملًا دقيقًا للعمر البيولوجي أو معدل الشيخوخة البيولوجية”.

وجدت الدراسة أن تقليل السعرات الحرارية كان له تأثير على المؤشر الحيوي DunedInPACE، ولكن ليس على قياسات ال PhenoAge أو GrimAge.

قد لا يكون عامين طويلين بما يكفي لإظهار تغيير قابل للقياس في كل من PhenoAge أو GrimAge.

وأضاف الدكتور Belsky: “بالنسبة للمؤشرات الحيوية للشيخوخة، لا نعرف كم من الوقت سنحتاج إلى التدخل من أجل رؤية التأثير. وإنه في التجارب الصغيرة وغير المنضبطة أظهرت بعض التدخلات تغييرات على جداول زمنية قصيرة، والبعض الآخر لم يظهر أي تغير”.

النتائج الافتراضية وليس النهائية:

قال الدكتور Kaeberlein عن الدراسة: “أعتقد أن تقييد السعرات الحرارية هو دليل افتراضي جيد يمكن أن يعدل من جوانب الشيخوخة البيولوجية لدى البشر، على غرار ما كان معروفًا عند حيوانات المختبر لعقود عديدة”.

وأشار إلى أنه عند الاختبارات على الحيوانات كانت نتائج تقليل السعرات الحرارية متفاوتة وأن ما يقرب الثلث من الخلفيات الجينية لا تعاني من أي تأثير إيجابي على العمر أو تأثير على تقليل عمرها الافتراضي.

كما أوضح الدكتور Kaeberlein إنه لا يجب على العاملين على هذه التجربة الإيمان بان تقليل السعرات الحرارية تبطئ الشيخوخة ومشاركة هذا الإيمان مع الآخرين.

يقول الدكتور Matt Kaeberlein: “عند تقليل تناول السعرات الحرارية بنسبة 25% من غير المرجح أن يكون لها آثار كبيرة على الشيخوخة البيولوجية ما لم يتم تنفيذه على مدى سنوات عديدة، وهو على الأرجح أمر غير معقول لمعظم الناس”.

وأضاف قائلًا: “من المحتمل أيضًا أن تكون التأثيرات صغيرة لأن مجموعة قليلة فقط من السكان ستستفيد من هذا النوع من المداخلة”.

  • ترجمة: إلهام مخلوف
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1