التوتر ينشط الخلايا العصبية المعطلة للنوم

يُظهر بحث جديد النشاط المنتظم لعصبونات المنطقة الوطائية الأمامية البصرية في الدماغ، المسؤولة عن تنظيم النوم ودرجة حرارة الجسم، أثناء مرحلة النوم اللاريمي التي تنعدم فيها حركات العين السريعة. واتضح أن التوتر ينشط هذه الخلايا الدماغية خارج أوقات نشاطها المعتادة ويقطع مراحل النوم ويقلّص مدتها عبر (الاستيقاظ الجزئي), حسب بحث جرى في كلية Perelmanللطب في جامعة Pennsylvaniaونشر في Current Biology.

فبينما تنعم أجسادنا بالراحة أثناء النوم, تبقى أدمغتنا في أوج نشاطها خلال المراحل الأربع المختلفة للنوم. وتنقسم كل 90 دقيقة نوم لأربع مراحل, ثلاث منها تدعى ب (النوم اللاريمي) والرابعة تسمى ب (النوم الريمي أو مرحلة حركات العين السريعة).

تتباطأ في أول مرحلتين من النوم اللاريمي موجات الدماغ وضربات القلب والأنفاس, كما تنخفض درجة حرارة الجسم. وتتميز المرحلة الثانية أيضًا بنشاط دماغي فريد يدعى بنشاط (المغزل ومركبات K لموجات تخطيط كهربية الدماغ)، وهي هبَّات نشاط قصيرة مسؤولة عن معالجة المنبهات الخارجية وتقوية الذاكرة.

وتبدأ المرحلة الثالثة من دورة النوم اللاريمي عندما يفرز الجسم هرمون النمو اللازم لبناء الجسم والحفاظ على صحة جهاز المناعة وتعزيز الذاكرة.

وتتسع خلال المرحلة الثالثة موجات دلتا الدماغية. وللنوم الريمي الذي يبدأ في هذه المرحلة، والذي عادةً ما يقترن بالأحلام، أهمية بالغة في تشكيل الذاكرة ومعالجة المشاعر ونمو الدماغ.

قال كبير الباحثين في الدراسة الدكتور (Shinjae Chung) والأستاذ المساعد في قسم علم الأعصاب: «في الليلة التي لا تأخذ فيها قسطًا كافيًا من النوم, تلاحظ كيف تعمل ذاكرتك بكفاءة أقل عن المعتاد وتفقد السيطرة على مشاعرك. فضلًا عن أن عدم النوم الكافي يوقف عددًا كبيرًا من العمليات الحيوية في جميع أنحاء الجسم. وتتجلّى هذه الأعراض لدى الأفراد الذين يعانون من اضطراب النوم بسبب التوتر. فمن المهم أن نفهم البيولوجيا المحفزة للنشاط الدماغي في مراحل النوم الأساسية، وكيف يمكن لمنبه خارجي كالتوتر أن يتسبب بتعطيل هذا النشاط حتى يتسنى لنا التوصل لعلاج يساعد الأفراد على النوم الهانئ مما يسمح لأدمغتهم أن تستكمل هذه العمليات الهامة».

راقب الباحثون نشاط المنطقة الوطائية الأمامية البصرية (POA) في دماغ الفئران أثناء نومهم المعتاد، ووجدوا أن العصبونات الغلوتاماتيرجية (VGLUT2) تنشط بانتظام أثناء النوم الريمي, كما تبين أن هذه العصبونات تكون في قمة نشاطها عند الاستيقاظ بينما ينخفض نشاطها خلال مراحل النوم اللاريمي والريمي.

كما لوحظ أن عصبونات (VGLUT2) كانت الوحيدة النشطة في المنطقة الوطائية الأمامية البصرية أثناء فترات الاستيقاظ الجزئي في مرحلة النوم اللاريمي، وتزداد الإشارات التي تطلقها هذه العصبونات قُبيل الاستيقاظ الجزئي.

وليتحقق الباحثون أن عصبونات (VGLUT2) النشطة هي المسببة للاستيقاظ الجزئي، حفَّزوا هذه العصبونات لعدد من المتطوعين للنوم، الأمر الذي زاد من فترات استيقاظهم الجزئي ويقظتهم.

ولتوضيح العلاقة بين التوتر والنشاط المتزايد لعصبونات (VGLUT2)، عرَّض الباحثون المتطوعين لعوامل الإجهاد مما زاد في يقظتهم واستيقاظهم الجزئي، وقلل الوقت الإجمالي لمراحل نومهم الريمي واللاريمي.

كما لاحظ الباحثون تزايدًا في نشاط عصبونات (VGLUT2) خلال مراحل النوم اللاريمي عند المتطوعين الذين خضعوا لعوامل إجهاد. علاوة على ذلك، انخفض الاستيقاظ الجزئي أثناء النوم اللاريمي وازدادت مدة النوم اللاريمي عندما ثبط الباحثون عصبونات (VGLUT2).

قالت (Jennifer Smith) خريجة مختبرات (Chung) ومن أوائل الباحثين في الدراسة: «كشفت العصبونات الغلوتاماتيرجية في المنطقة الوطائية لنا فرصًا واعدة لتطوير علاج يساعد حالات اضطراب النوم بسبب التوتر. فخفض العوائق خلال مراحل النوم اللاريمي الهامة عبر إخماد نشاط عصبونات (VGLUT2) سيشكل خطوة رائدة لتخفيف المعاناة من جراء النوم المتقطع الناجم عن الأرق أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)».

  • ترجمة: آلاء نوفلي
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1