لماذا يجب أن تمتلك وظيفتين على الأقل؟

للكاتب كبير سيجال “Kabir sehgal”

هل تحلم بالتغيير إلى وظيفةٍ مختلفةٍ تماماً عن وظيفتك الحالية؟ حسناً، الكثير من الناس يحلمون بذلك، لكنهم لا يحققون ذلك الحلم أبداً.

من الممكن مقابلة محامٍ يرغب العملَ في مجال الطاقة المتجددة، أو مطوّر تطبيقاتٍ يرغبُ في كتابةِ رواية، أو محررٍ يودُّ أن يصبح مصمِّمَ مناظرَ طبيعيّةٍ.

ربما أنت أيضاً تحلم بالتغيير إلى وظيفةٍ مختلفةٍ تماماً عن وظيفتك الحاليّة، لكن وبحسب ما أمتلك من خبرةٍ، فإنّه من النادرِ أن يقوم هؤلاء الأشخاص حقًّا بالتغيير، بسبب أن تكاليف التغيير تبدو باهظةً للغاية، وإمكانية النجاح قد تبدو بعيدةً جداً.

لكن الإجابة لا تكمن في التهرّب من وظيفتك الحالية، وعدم شعورك بالرّضا حيالها واستنزاف قواك ببطء، بل بالقيامِ بالوظيفتين معاً، وامتلاكك لمهنتين أفضل من امتلاكك لواحدةٍ فقط.

من خلال الالتزام بوظيفتين ستجني منافع من كليهما، حيث يمكنك تعلّم مهاراتٍ جديدةٍ، وتوسيع دائرةِ معارفك، واكتشاف حلولٍ إبداعيّة جديدةٍ من خلال العمل بوظيفتين (أو أكثر) مختلفتين بشكلٍ كامل.

على سبيل المثال، فأنا لديّ أربعُ وظائفٍ:

  • خبيرٌ استراتيجي في شركة Fortune 500
  • ضابطٌ احتياطي في البحريّة الأمريكية
  • مؤلّفٌ للعديدِ من الكتب
  • منتجٌ موسيقيّ

السؤالان اللذان يُوَجَّهانِ إليّ مراراً من قبل الناس هما “كم ساعة تنام؟” و”كيف تجد الوقت الكافي للقيام بكلّ شيء؟” وإجاباتي: “الكثير” و”أنا أخلق الوقت”.

ومع ذلك، فإنَّ هذه الأسئلةَ “المستمرّة” لا تصل إلى جوهر أسبابي ودوافعي. بدلاً من ذلك، فإنّ السؤال الذي أفضّله هو “لماذا لديك وظائفٌ متعددة؟”، وبكلِّ بساطة، العمل في العديدِ من الوظائف يجعلني أكثر سعادةً ويعطيني شعوراً أكثرَ بالرضا، كما أنَه يساعدني على الأداء بشكلٍ أفضل في كلّ وظيفة.

والآن إليكَ الطريقة:

1. ادعم تطوير مهاراتك

راتب وظيفتي في الشركة يدعم مسيرتي المهنية في إنتاج الموسيقى، وبسبب عدم وجود سجلٍّ حافلٍ لي كمنتج، لن يدفع لي أحدٌ لإنتاج موسيقاه، ولم يكن جني المال دافعي لأصبح منتجاً في المقام الأول بل كان شغفي بموسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية، لذلك تطوّعت حتى أتمكن من اكتساب الخبرة في هذه الصناعة الجديدة بالنسبة لي.

لم تمنحني وظيفتي اليومية المال لإنتاج الألبومات وحسب، بل علّمتني أيضاً المهارات اللازمة لأصبح ناجحًا في هذا المجال، فالمنتج الجيّد يجب أن يعرف كيف يخلق الأفكار، يوظّف الموظفين، يضع الجداول الزمنية، يجمع الأموال ويسلّم المنتجات.

وبعد إنتاج العشرات من الألبومات والفوز ببعضِ جوائز الغرامي، بدأت شركات الإنتاج والموسيقيون في التواصل معي لمعرفةِ ما إذا كان بإمكانهم توظيفي كمنتج، وما زلت أرفض أن يتم الدفع لي مقابل إنتاج الموسيقى، لأنّها بالنسبة لي أمرٌ أبديّ وهي المكافأةُ التي أبتغيها.

وفي الوقت نفسهِ، عادةً ما أدعو عملائي من الشركة إلى جلساتِ التسجيل، لأنّه من المثير بالنسبة لشخصٍ يعملُ في مكتبٍ طوال اليوم أن يذهب إلى “وراء الكواليس” ويتفاعل مع المطربين والموسيقيين وغيرهم من المبدعين المحترفين.

عندما كنت في كوبا أصنعُ ألبوماً، قال أحد عملائي عن الموسيقيين والراقصين: “لم أرَ من قبل أشخاصًا يستمتعون كثيراً في العمل”، كما أنّ تمتّعَ عملائي بتجربةٍ استثنائية ساعدني على زيادة الإيرادات في الشركة، لذا فإنّ وظيفتي في الشركة وإنتاج الموسيقى عادتا بالفائدة لبعضهم البعض.

2. كوّن صداقات من مجالاتٍ مختلفة

عندما عملت في وول ستريت، في البداية اقتصرت دائرة معارفي المهنية على أشخاصٍ آخرين من قطّاع الخدمات المالية، كالمصرفيين والتجّار والمحللين والاقتصاديين، وجميعنا كنا نكوّن منظوراً “بالإجماع” بشأن توقعات الأسواق، وكان معظم عملائي من الأثرياء والمدراء يبحثون عن شيءٍ مختلف “أعطني أفكارًا خارج الصندوق”، بعبارةٍ أخرى، لم يرغبوا في سماعِ الفكرة أو النظرةِ المتّفق عليها جماعيّاً، وأنا اعتبرت هذا بمثابة إرشاداتٍ أتبعها للاستفادة من الصداقات الخاصّةِ بي والتي يمكنها تزويد عملائي بذلك المنظور المختلف.

على سبيل المثال، أراد أحد عملائي أن يفهم ما يقوله المواطنون الصينيون لبعضهم البعض، ولأنني كاتب وتعرّفت على كتّابٍ آخرين، تواصلت مع صديقٍ لي كان يعمل صحفيّاً لدى مجلّةٍ تراقب المحادثات في الصين، وبما أنّه لم يكن مقيّداً بالانضباط لقواعد أيّ بنك، فقد كان قادراً على إعطاء منظورٍ مغايرٍ تماماً لموكلي، والذي قدّر ذلك كثيراً، وبذلك يكون موكّلي حصل على فكرةٍ مغايرةٍ جديدة، وحصلت أنا على صفقة، أمّا صديقي الصحفي فقد حصل على مشتركٍ جديدٍ لصحيفته.

وبذلك، من خلال تواجدك في مجالاتٍ مختلفة يمكنك أن تكون صلة وصلٍ بين أشخاصٍ لا يلتقون عادةً ويمتلكون فائدةً متبادلة لبعضهم البعض.

3. اكتشف الابتكارات الحقيقية

عندما تعمل في وظائف مختلفة يمكّنك ذلك من اكتشاف الابتكارات الحقيقية، ويمكّنك من تحديد أماكن تداخل الأفكار والأهم من ذلك -أين يجب أن تتداخل-. قال “ستيف جوبز”، الذي كان تجسيداً للتفكير متعدّد المجالات: < <التكنولوجيا الممتزجة مع الفنون الحرّة والعلوم الإنسانيّة تعطينا نتيجةً تجعل قلوبنا تغنّي> >.

وبسبب “إعصار كاترينا” Hurricane Katrina، غادر العديد من الموسيقيين “نيو أورلينز” New Orleans من أجل جمع الأموال لمساعدة الموسيقيين هناك، لقد كان بإمكاني إنشاء منظّمة غير ربحيّة تطلب المال من الناس، ولكن بدلاً من ذلك ساعدت في ابتكارِ حلٍّ أكثر استدامة، حيث أنشأت موقعًا على الإنترنت يعمل كوسيطٍ يساعد الأشخاص الذين يرغبون في حجز فرقٍ موسيقية لحفلةٍ في نيويورك من إيجاد الموسيقيين، ووصفت الموقع بأنّ < <وول ستريت يلتقي بشارع بوربون> >، وبعد ذلك يطلب الموقع من الأشخاص الذين يحجزون الموسيقيين من تقديم “إكرامية / بقشيش” تعود إلى جمعيّة خيريّة مقرّها نيو أورلينز، وبذلك وجد الأشخاص -الذين كانوا في بعض الأوقات عملائي من الشركة- فرقًا لحفلاتهم بسهولة، وحصل الموسيقيون المقيمون في مدينة نيويورك على حفلات لإقامتها، وحصلت الجمعيّة الخيريّة في نيو أورلينز على تبرّعٍ صغير.

وبذلك يكون الوقت الذي قضيته في العمل في البنوك عاملاً مساعداً لإنشاء نوعٍ مختلف من المنظّمات، نوعٌ اندمج منذ ذلك الحين مع منظّمةٍ خيرية أكبر.

عندما تتبع فضولك، ستجلب الشغف إلى حياتك المهنيّة الجديدة، ممّا سيعطيك شعوراً أكبرَ بالرضا، ومن خلال القيام بأكثرِ من وظيفة، قد ينتهي بك الأمر إلى القيام بعملهم جميعاً بشكلٍ أفضل.

  • ترجمة: منى اعجاز
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1