هل تشعر بالجوع؟ ربّما يؤخّر هذا الشعور شيخوختك

موجز:

إنّ الشعور بالجوع قد يبطئ تقدّمك نحو الشيخوخة. وجد الباحثون أنّ تحريض دافع الجوع لدى الذباب سواءً من خلال الحمية الغذائية أو تحفيز مناطق معينة في الدماغ أدّى إلى إطالة عمرها.

كما تبين لهم أيضًا أن الجوع يُحدث تغييراتٍ في المنظومة المافوق وراثية في الدماغ، ويؤثّر بدوره على التعبيرات الوراثية للمورثات التي تدفعنا إلى تناول الطعام وتتسبب في الشيخوخة.

بينما يحذّر الباحثون من خطورة تطبيق نتائج هذا البحث بصورةٍ مباشرة على الإنسان، إلّا أنهم يعتقدون أنّ استعمال تقنيات مشابهة من شأنه أن يغيّر دوافع الجوع لدى الكائنات الحيّة الأخرى.

النتائج الرئيسية للبحث:

  1. وفقًا لدراسةٍ بحثية تمّت في جامعة ‘Michigan’، فإنّ مجرد الشعور بالجوع قد يؤخّر الشيخوخة.
  2. أثبتت هذه الدراسة بشكلٍ ملحوظ، أنّ الذباب الذي تم تحريض الجوع لديه نتيجة تغييرات ناجمة عن إخضاعه لنظام غذائي معين أو عن طريق تحفيز عصبونات محددة في أدمغته، عاش لمدة أطول.
  3. كما أطْلَعَنَا هذا البحث على حقيقةِ أنّ الجوع يؤدّي لتغييرات في منظومة الدماغ المافوق وراثية، والتي بدورها تؤثّر على التعبيرات الوراثية للمورثات وسلوك تناول الطعام والشيخوخة.

المصدر: جامعة ‘Michigan’.

بدءًا بالحميات الغذائية التي تسمح بكميّات قليلة من الكربوهيدرات، مرورًا بالصيام المتقطع والعمليات الجراحية، وانتهاءً بأدوية ال ‘Ozempic’ (التي تستخدم لعلاج مرض السكري، وقد لاقى شهرةً واسعة بعد اعتراف الكثير من المؤثرين على التيكتوك وغيرها من المنصات بتناوله لخسارة الوزن خلال مدّة قصيرة).

وعلى ما يبدو، لن يتوقف بعض الأشخاص عن اتّباع جميع الطرق والحميات الغذائية وتناول كافة الأدوية التي تضمن لهم خسارة الوزن.

لقد كان من المنطقيّ جدًا وعلى مرّ السنوات السابقة الاعتقاد بأنّ التقليل من تناول الطعام يضمن التمتع بشيخوخةٍ خالية من الأمراض لدى شريحة واسعة من الحيوانات -وكذلك الأمر لدى الإنسان- حتى كشفت دراسة بحثيّة في جامعة ‘Michigan’ بأنّ الشعور بالجوع -بحدّ ذاته- قد يكون كافيًا لتأخير الشيخوخة.

وقد برهن بحثٌ سابق أنّه حتى من غير تناول الطعام، فإنّ مجرد استنشاق رائحته وتذوق مقدارٍ قليل منه قد يعكس الآثار المفيدة للالتزام بنظامٍ غذائي مدى الحياة.

إن هذه النتائج المثيرة للاهتمام دفعت كلًّا من مؤلفي البحث الرئيسيين الدكتور ‘Scott Pletcher’ والدكتور ‘Kristy Weaver’ وزملائهما لاختبار ما إذا كانت التغييرات في الدماغ التي تحرّض غريزة البحث عن الطعام السبب لبلوغ حياةٍ أطول.

قال ‘Pletcher’: “لقد قمنا بما يشبه الفصل بين الآثار المترتّبة على الالتزام بنظامٍ غذائي مدى الحياة وجميع المعالجات الغذائية للأنظمة الغذائية التي ًعَمِلَ الباحثون عليها لسنواتٍ مضت، وتوصّلنا إلى أنّها لم تعد ضرورية بعد اليوم واكتفينا بإدراك أنّ الأمر لا علاقة له بتناول حدٍّ كافٍ من الطعام”.

وللقيام بذلك حرّض الباحثون الجوع لدى الذباب عبر وسائل شتَّى، كان أولها تعديل كميّة الأحماض الأمينية ذات السلاسل المتفرِّعة والتي تدعى < BCAAs> من خلال تقديم وجبة اختبارٍ خفيفة، وبعدها أُتيح للذباب حرية الاختيار لتناول وجبة مكوّنة إما من الخميرة وإمّا من السكر.

وتبيّن أنّ مجموعة الذباب التي تناولت وجبة قليلة ال< BCAA> فضّلت الخميرة على السكّر مقارنةً بالمجموعة الأخرى التي تناولت وجبةً مرتفعة ال< BCAA>. إنّ تفضيل الذّباب الخميرة بدل السكّر ما هو إلّا أحد مؤشرات الجوع الناتج عن الحاجة للطعام.

لاحظ الباحثون أنّ هذا السلوك لم يكن نتيجة كميّة السعرات الحرارية في الوجبة قليلة ال< BCAA>، بل إنّ هذه المجموعة من الذباب استهلكت طعامًا أكثر وكان إجمالي كميّة السعرات الحرارية لديها أعلى. وعند إلزام هذه المجموعة بنظامٍ غذائي قليل ال< BCAA> على مدى الحياة تبيّن أنها عاشت لفترة زمنية أطول من مجموعة الذباب التي خضعت لنظامٍ غذائي مرتفع ال< BCAA>.

وللتعمق أكثر بدراستهم للجوع بعيدًا عن مكونات الأنظمة الغذائية، استخدم الباحثون تقنية استثنائية تقوم بتحفيز العصبونات المرتبطة بدافع الجوع لدى الذباب عبر تسليط الضوء الأحمر عليه والتي تسمى ب < علم البصريات الوراثي>.

وقد تناولت هذه المجموعة من الذباب ضعف كميّة الطعام التي تناولتها المجموعة الثانية والتي لم يسلّط الضوء الأحمر عليها. كما أنّ الذباب المحفّز بفعل الضوء الأحمر قد عاش لفترةٍ أطول من ذباب المجموعة الثانية الذي خضع للاختبار.

وقال الدكتور Weaver: “نعتقد أننا تسببنا في إحداث جوعٍ لا ينتهي بالشبع عند الذباب، ولهذا تمكّن من العيش لفترةٍ أطول”.

وقد ذهب الفريق لأبعد من ذلك حيث استطاعَ أن يرسمَ مخططًا تفصيليًّا للتقنيات الجزيئية للجوع وتغيراتها في المنظومة المافوق وراثية للعصبونات المستهدفة، كما حدّدَ تلك العصبونات التي أبدَت استجابة لوجود أو انعدام نوع خاص من الأحماض الأمينية في النظام الغذائي.

إنّ هذه التغييرات يمكنها التأثير على كمية المورّثات النوعية العابرة في أدمغة الذباب، وبالتالي تؤثّر على سلوكها في تناول الطعام والشيخوخة.

وقد نبّه الباحثون إلى ضرورة توخّي الحذر قبل تطبيق نتائج هذا البحث على الإنسان: “لدينا أسبابٌ كافية تجعلنا نتوقّع أنّ التقنيات التي اكتشفناها ربما تغير دوافع الجوع لدى أنواع أخرى من الكائنات الحيّة”.

إنّ الخطّة البحثية القادمة ستدرس ارتباط دافع تناول الطعام لأجل المتعة فقط والموجود عند كلٍّ من الذباب والإنسان بالعمر.

خلاصة القول:

تأثير الجوع على تحويرات الهستون العصبونية تؤخر الشيخوخة عند ذباب الفاكهة.

على الرغم من أنّ الجوع دافع أزلي، لا تزال طبيعة الضغوط الجزيئية المؤثّرة فيه وقدرتها على تعديل وظائف الأعضاء غير معروفة بالنسبة لنا.

وجدنا أنّ الجوع يؤثّر على الشيخوخة عند ذباب الفاكهة. وتبين أن تحديد الأحماض الأمينية ذات السلاسل المتفرعة < BCAAs> أو تحفيز العصبونات المحرّضة على الجوع قد أحدث حالةً من الجوع المستمر مدى الحياة بالرغم من التغذية المتزايدة.

ترافقت التغييرات في أسيتيل الهستون العصبوني مع تحديد ال< BCAA>، ومنع هذه التغييرات قد ألغى تأثير الحدّ من ال< BCAA> مُسَبِبًا زيادة فس الحاجة للطعام وإطالة العمر.

زاد الجوع من الحاجة الملحّة للطعام عبر الاستعانة بمتحور الهستون < H3.3>، وبينما عملت حالة الجوع المطوّل هذه على تقليص مركز التحكم بالجوع، أدّت لنتائج مفيدة للشيخوخة.

إنّ الإقرار بقدرة الجوع على إطالة العمر تكشف أنّه باستطاعة عمليات التحفيز لوحدها أن تكون دوافع حتمية للشيخوخة.

  • ترجمة: آلاء نوفلي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1